| الناس | الثقافية |  وثائق |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

 

عبد المنعم الأعسم

mm14mm@yahoo.com

 

 

 

                                                                               الأربعاء 22/2/ 2012

 

جملة مفيدة
 

صناعة الاوهام..

عبد المنعم الاعسم

/ للاوهام، منذ القدم، صناعات وماركات ومصالح، وبراءات اختراع، ويتطور انتاجها وتسويقها في مسارات معقدة حتى بلغت عصر النت والحكومات الالكترونية والعلم في موصوفات مناهضة لحقائق الاشياء وللواقع، وآخر منتوجات هذه الصناعة، لدينا مثلا، القول ان كل شئ على ما يرام، فوق كومة الخراب والمسافات الشاسعة بين الغنى الفاحش والفقر المدقع، وعلى براميل البارود الايلة للانفجار في حال استمرار هذا المنحدر، ليصبح المرام كارثيا غير هذا الذي يتدثر به اصحاب الاوهام.
/على انه ليس بالضرورة ان يكون صانعو الاوهام موهومين، فثمة الكثير ممن يعمل في هذه الصناعة موظفون في مؤسسات اعتبارية، سياسية ودينية وطائفية، مهمتهم حشر الملايين في غيبوبة الهروب من الحال، او الرضا عن الحال لصالحها ولقاء اجور مجزية، وهم، بالضرورة، يمتلكون مواهب الصنعة، وتقنيات الاقناع، واساليب الوصول الى جموع الضحايا، فضلا عن "ثقافة" تناسب هذه الوظيفة، وتؤهل صاحبها لفرصة عمل غير منتجة عنوانها: تجهيل الجمهور حتى تدمير صفاته الانسانية والنوعية، وليصبح مريضا في داء لا دواء له.
/ وفي هذا ينقل هادي العلوي في مستطرفه عن احد الدعاة في تسويق الوهم قوله "من تحركت همته بالتصرف في نهاره بتدبير ما يفطر عليه (معاشه)كتبت عليه خطيئة، فان ذلك من قلة الوثوق بالقدر (الايمان) وقلة اليقين برزقه الموعود" فيما يدعو الحسن بن محمد الديلمي الفقير ومسلوب الحقوق، كما يشير العلوي، الى سعادة موهومة بالانصراف الى التعبد تماما "فان نصيبك من الدنيا يأتي من غير فكر ولا حركة".
/فالصناعة هي صناعة، كما يقول تشارلس كامان صانع طائرات الهليوكوبتر الشهير، اما الاوهام فهي مرض لم يكتشف العلم علاجا له حتى الآن، سوى وجوب الاقامة بمصحات بالنسبة للذين يعانون من اعياء التفكير في ما لاطائل منه، ومنذ القدم لاحظ العالم اليوناني هيبوقراط أن الإعياء الذي لايعرف له سبب يندر بمرض ، وان الذي يوخزه شيء من بدنه ولايحس بوجعه في أكثر حالاته فعقله مختلط ، والإحساس بوجود مرض دون التوجع منه يشير إلي علة في القوي الإدراكية.
/في الغالب لا تصبح الاوهام صناعة رائجة إلا حين يكون وراء ذلك مصلحة، او مشروع سياسي، او ترتيب في امور البلاد والامم من الخارج، فان تعصيب العيون وتبليد العقول وتعطيل مفاعيل الارتقاء والنشاط الجمعي للتغيير لا تتم من غير فاعل او منظومة من العقائد تتاجر بغفلة الملايين، حين تقبل ان تتمتع برزاياها وكوارثها وحياة الذل والعطالة والانتظار.
 

إذا ما مضى يومٌ ولم اصطنع يداً
ولم اقتبس علماً.. فما هو من عمري
”.
                                   ابو الفتح البستي

 

 

free web counter