| الناس | الثقافية |  وثائق |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

 

عبد المنعم الأعسم

mm14mm@yahoo.com

 

 

 

                                                                               الثلاثاء 22/5/ 2012

 

 ما شكل الحكومة.. الآن؟

عبد المنعم الاعسم

لم استطع الاجابة عن سؤال فاجأني به مراسل لاحدى القنوات الفضائية قائلا: ما شكل الحكومة العراقية الآن؟ ولما لاحظ حيرتي، وترددي في الاجابة،حاول ان يسهّل علي الجواب، قال: هل الحكومة موحدة، ام هي منشقة، ام هي معطلة ولا بصمة لها على ارض الواقع؟ ثم اطلق آخر اسئلته المحيّرة: أعني، هل هناك حكومة قائمة، فعلا، تجتمع وتتخذ القرارات المصيرية وتدير شؤون البلد وتضبط اداراته؟.
حتى اللحظة التي اكتب فيها هذه الكلمة، لم يكن لدي جواب محدد، فلا استطيع ان انفي وجود حكومة، لها هياكل ووزارات ورئاسة، وأعرف ان لا احد من الدول طعن في وجودها، او كتلة من الدول، او مرجعية دولية او اقليمية تشككت في شرعيتها، وهي فضلا عن ذلك تستند الى دستور لم يرخص حلها، والى برلمان لم ينه تفويضه لها، حتى اللحظة.
كما لا استطيع ان اؤكد وجود حكومة بالمعنى الاكاديمي، المتعارف عليه بين الدول، فهي متشظية بالطول والعرض. اركانها لا يشاركون رئيسها منهجه وسياساته، والكثير من وزرائها يتلقون شكل مواقفهم، وحتى ادارتهم لمرافقهم، من رؤساء كتلهم، وليس ثمة حكومات اعضاء كثيرة في الامم المتحدة (كما هو حال الحكومة العراقية) ترسل الى العالم وجيرانها رسائل متناقضة عن اوضاعها، فقد اصبح معروفا، كما قال زميلي المراسل، انك اذا اردت معرفة ما يجري في العراق فان عليك ان لا تكتفِ بمطالعة مسؤول واحد، فان لكل مسؤول جواب ولكل منهم رؤيا.
لست بصدد تشريح الجسد العليل للحكومة لتسمية المسؤول عن عللها وشللها، ولكن، من المهم هنا، الاعتراف بان هذه الحكومة لا تعدو عن هيكلية (دستورية. نعم، ولكن) مفرغة من شبكات وموجبات وسياقات العمل الحكومي، وان سياساتها المفصلية وقراراتها الاكثر مساسا بالسياسات العامة (وهذا ليس اتهاما او تجنيا) تدار من غرف موازية وعبر مفاتيح شديدة التعقيد والخصوصية، وبمعنى ما ان هناك حكومة اخرى من المستشارين والمقربين تتولى ادارة عجلات الدولة المشلولة في الاصل، فيما يواصل وزراء الكتل المتصارعة دوامهم اليومي مثل بقية الموظفين باستثناء طوابير الحمايات التي تشق لهم الطريق الى مكتاتبهم.
قال لي زميلي المراسل: بالامس سألت مسؤولا مهما عن شأن يتعلق بصلب وظيفته، فلم يقدم لي جوابا شافيا واكتفى بالقول: إسأل غيري، لكن ارجوك لا تخبر احدا انني لم اجبك عن هذا السؤال، واضاف زميلي في الختام: الحكومة العراقية غير موجودة، لا تزعل، واضاف ضاحكا، لكنها تفكر كثيرا في ان تكون موجودة، وهذا في صالحها إذا ما اعدنا مقولة ديكارت: انت تفكر، فانت موجود.


"تبا لسطحية سكنت عقول البشر".     
                                 شكسبير
 

جريدة(الاتحاد) بغداد

 

free web counter