| الناس | الثقافية |  وثائق |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

 

عبد المنعم الأعسم

mm14mm@yahoo.com

 

 

 

                                                              الأربعاء  22 / 1 / 2014



جملة مفيدة

في لندن..
اتهمتُ بالتفاؤل

عبد المنعم الاعسم 

/ عندما وصلت لندن، امطرني اصدقاء بالأسئلة المتوقعة عما يجري في بغداد والعراق، الى اين تسير الامور؟ الشارع لمن؟ من سيفوز في الانتخابات؟ ما هي حظوظ المالكي بالصمود؟ هل الكورد على حق؟ كيف يتحمل الناس سلسلة الكوابيس اليومية؟ هل حقا البعثيون قادمون؟ ما هي قصة داعش، هل هي حقيقية؟ ما الذي يجري في المنطقة الخضراء؟ ما هو دور الامريكان في ما يحدث؟ ما هي الحقائق وما هي المبالغات؟ اين الحقيقة في قضية المليشيات الموازية للقاعدة او الظهير لها؟ واخيرا: هل هناك امل؟.

/ قال لي اصدقاء: نراك متفائلا.. وقال لي آخرون، قبضنا عليك وانت في حالة يأس حيال ما يجري، وذهب صديق الى اني ضيّعت المسؤولية عما يجري من كوارث وهدر دماء واغتيال مشروع التغيير بين الحكومة ومعارضيها والنظام السابق والارهاب، وهمس احدهم، قائلا: صرتَ قريبا من الحكومة، وقال لي صديق اثق بطيب نياته: لم تعد تدافع عن الكرد كما كنت في السابق، وسألتني سيدة عن حقيقة صحة الرئيس مام جلال، وقالت لي اخرى، هل للعراقيين امل في المستقبل؟ وأغار علي زميل كاتب بالتهمة باني احتمي بخطوط حمر، واخذني صديق قديم جانبا ليسألني: بالله عليك، والكلام بيننا، كيف تحمي نفسك من الاغتيالات؟ ومن يحميك؟ ولماذا لم يعاقبك الذين تهاجمهم؟ ومن يقف وراء ظهرك وانت تكتب وتعلق و"تحلل" على مدار اليوم؟ ويلخص صديق طريف كل هذه الاسئلة التي تفر من افئدة حارة وصادقة ومهمومة، قائلا: هل هناك أمل؟.

/ عن ايّ سؤال اجيب، وكل الاسئلة وجيهة، ومشروعة، وصادقة اللوعة والنظر؟ اخص منها اللوم لي باني ربما اخفقت في التعبير، احيانا، عن تضاعيف اليوميات العراقية، وتسجيل مسارات الانحدار الى الكارثة، وهي مسارات تتخبى وراء المشهد الآتي، المثير واللافت والمحيّر: ان المواطن العراقي لا يزال لم يفقد الامل في المستقبل الآمن، وفي حلول الرخاء، وترشيد السياسات والاحوال.. هذا الامل ربما ينطلق من غريزة فاعلة موشاة بيأس مجروح يفرّ من الافئدة المكلومة والخائفة، لكنه امل يعبر عن نفسه في صور يومية للتشبث بالحياة تتشكل من احتباس شديد يتداوى بجرعة من التهدئة الخادعة لمواجهة دوامة الاخطار والتفجيرات وليالي الرعب والجثث والموت، وغارات الكوابيس والضغوط.

/ وهو الى جانب ذلك ليس معادلة رياضية تنطلق من حتميات باردة عن قيام الثورة في حال استنفذ الشعب حكمة الانتظار وامكانيات التغيير السلمي للواقع، فان "ثورة الامل" قد تنصرف، كما يقول اريك فروم الى مدارات ابعد من دائرة علم الثورات الاجتماعية.. "الى السايكولوجيا، مثلا" ويشاء الدوس هاكسلي ان يجعل في كتابه (افضل العوالم) من الامل قوة سحرية لصناعة التغيير.

/ الامل العراقي، هو املي، كاحساس نبيل حيال مشروع الحياة.. اقول إحساس، خشية الوقوع في ظنة الافراط بالامل.. وبالتفاؤل.


"ينام عميقا من لا يملك ما يخاف من فقدانه"
                                                    سايكولوجيا







 

free web counter