| الناس | الثقافية |  وثائق |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

 

عبد المنعم الأعسم

malasam2@hotmail.com

 

 

 

 

الأربعاء 21 /2/ 2007

 



قارب الحكومة..


عبدالمنعم الاعسم

يبدو ان بعض اصحابنا في الحكومة اضافوا الى علم التحالفات السياسة مفهوما جديدا، بل مفاهيم جديدة، اقرب الى حكاية اولئك الرجال المتنافرين الذين وجدوا انفسهم في قارب آيل للغرق وسط الامواج المتلاطمة، فتركوا واجب الانضباط والعمل لانقاذ حياتهم، وانصرفوا يترصدون اخطاء وزلات بعضهم لساعة تصفية حساب على الشاطئ، او ليوم حساب في الآخرة، وان اصحابنا هؤلاء يتحدثون مع الخصوم بكل ما يمليه عليهم واجب الشراكة في هذه الرحلة العجيبة، فيما يتحدثون مع غيرهم بكل ما يسهل إغراق القارب بمن فيه.
قصة القارب ومآل رحلته المثيرة يمكن الاطلاع عليها في فيلم كارتون فرنسي، واحسب انها قصة تاريخية مدرسية اخلاقية ، فان المخاشنات وسوء الظن والنميمة والاغتياب والتآمر وانعدام الثقة والريبة والنميمة والحذر والتعدي والتنافر بين فرقاء الرحلة ادى الى اطالة امد الرحلة المضنية لأيام طويلة وعرضها للغرق، وحين وصل القارب للشاطئ على ذلك الحال من التعب والشقاء والانشقاق والجوع والعداء الشرس هتف شيخ كان طوال الوقت يحاول اعادة المتخاصمين الى رشدهم: “يا ليته غرق.. ياليتنا لم نصل”.
المفارقة السياسية التي نتابعها يوميا تتمثل في ان الكثيرمن المحسوبين على الحكومة، ومن اركانها حتى، يدلون بتصريحات وتحفظات واعتراضات وتهديدات من موقع معارض، او من موقع طائفي، او من موقع فئوي، خلافا لقواعد الشراكة والائتلاف والتحالفات السياسية، وفي هذا تكمن الاضافة غير المسبوقة لعلم التحالفات بين الحكومات، والاغرب من كل ذلك ان اصحاب التصريحات والتهديدات هم اعضاء في الحكومة نفسها، بل واعضاء مرموقين فيها، في وقت تمر البلاد في ظروف شديدة الحساسية والحرج تشرف خلالها على مصير مجهول.
والاغرب من ذلك كله ان بعض رموز التحالف الحكومي برعوا في إطلاق خطابين ولغتين وموقفين متناقضين في وقت واحد، ولكن في غرفتين متجاورتين، ففي غرفة الاهل والاعلام نسمع كلاما متشددا ودعوات للتجييش وشكوكا في نيات الاخرين وترويجا للكراهية والحذر والخوف، وتأجيجا سافرا للفتنة الطائفية، وفي غرفة الحكومة والجمهور يتحدثون، بلغة اخرى تماما، عن فروض التهدئة والتسامح والتكافل، وقيم الشراكة، والعودة الى العقل، وامكانيات عبور المرحلة بسلام، حتى ان المتابع المحايد يجد نفسه في حيرة ازاء ما يسمع هنا وما يقرا هناك، فيما المسافة بين العين والاذن ليست شاسعة.
ان النتيجة المؤكدة لمثل هذا العبث المدمر.. ولمثل هذه الاضافة المشوهة الى علم التحالفات السياسية، هي اطالة فترة المخاض والمعاناة في العراق، وتزايد مواكب الضحايا والمسبيين، حتى ان الحكماء منا سيقولون،كما قال شيخ القارب الفرنسي يوم وصلوا الى الشاطئ: ليتنا غرقنا.. ليتنا لم نصل.
ــــــــــــــــــــ
.. كلام مفيد
ـــــــــــــــــــــ
“ اعرف الحق تعرف اهله ”.
                              علي بن ابي طالب (ع)

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــ
جريدة(الاتحاد) بغداد