| الناس | الثقافية |  وثائق |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

 

عبد المنعم الأعسم

malasam2@hotmail.com

 

 

 

 

الأثنين 21/5/ 2007

 

 

مسيحيون. ازيديون. مندائيون


عبدالمنعم الاعسم

كلما أهمّ بالكتابة عن محنة المسيحيين والازيديين والصابئة المندائيين واتباع الديانات العراقية الاخرى اشعر بالخجل، مرتين، مرة من الانتماء الى تجربة التغيير العراقية التي بدأت في التاسع من نيسان 2003 والمسؤولة عما يحـــــدث، ومرة اخرى، إزاء الديانة الاسلامية التي تجـــــــري باسمها كل هذه الفظائع، باعتباري من اتباعها.
واصـــــــــارحكم اني، في الكثير من الاحيان، لا افصح عن انتمائـــــــي لتجربة التغيير، تنصلا من عار الانتهاكات التي يستخدمها محسوبون على هذه الانعطافة ضد اصحاب العقائد والديانات المخالفة لهم، واكاد، في كل مرة، ان اقف على منصة لاصرخ باعلى صوتي اني بريء مما يحدث باسم التغيير، كما –وفي كثير من الاحيان ايضا- لا اعلن عن هويتي الدينية تبرؤاً مما يرتكبه برابرة وطائفيون باسم الاسلام، واتمنى لو وقفت فوق منارة، اي منارة، لانادي باعلى صوتي: لا تصدقوا هؤلاء.. انهم قتلة.
في اقل من شهر، كانت الوقائع التي تحمل اعمال القتل والانتهاكات في الموصل وكركوك والعمارة وبغداد والبصرة ضد انبل ابناء العراق، واكثرهم مسالمة، وحبا للوطن، وحماسة لبنائه، والتزاما بامنه واستقراره وهويته، من المسيحيين والازيديين والمندائيين، متتالية ولافتة لحد الفزع، فقد قتل واختطف واجلي عن مسكنه، في غضون هذه الفترة القصيرة، عشرات الالوف من اتباع هذه الديانات العراقية، في حملة منهجية يقوم بها متطرفون، ومجرمون محترفون، من الطائفتين المسلمتين، الشيعية والسنية، وبتوجيه وتخطيط من جهات ارهابية وتنظيمات ومليشيات مسلحة، ومن منظمات سياسية تتخذ من الدين والغيرة على المذهب ستارا لجرائمها المروعة، وقد يتساءل اي ساذج هنا: كيف اتحد كل هؤلاء ضد كل هؤلاء؟.
الاكثر فزعا في ما يحصل لهذه الشرائح العراقية الاصيلة يتمثل في ما ذكرته احدى مستشفيات بغداد عن وجود العشرات من الجثث التي تعود لضحايا من اتباع ديانات عراقية غير مسلمة قتلوا بعد اختطافهم حيث تخشى عائلاتهم على حياتها خلال البحث عنهم والاسترشاد الى مصائرهم، وتشير التقارير الى انه بين الضحايا الكثير من النساء اللواتي مٌثل فيهن "باسم الدين الاسلامي" من قبل تلك الجماعات، وان البعض من القتلى وجد على صدره قرار الاعدام من محكمة شرعية اسلامية كيفية يقول "نزل فيه حكم الشرع لانه رفض اعتناق الاسلام وواصر على الاستمرار في غيّه".
والشيء اللافت، ان حملة الاستنكارات لهذه الجرائم البشعة لا تزال تدور في حلقة صغيرة من اصحاب الضمائر والمشاعر الانسانية ومن نشطاء منظمات حقوق الانسان و"بعض" منظمات المجتمع المدني غير المرتبطة بالاحزاب الدينية، وسط تفرج السلطات الحكومية على هذا المسلسل المروع، فيما يلف صمت القبور المشايخ والمراجع الدينية الاسلامية واحزابها السياسية، مما يحمل المراقب على الاعتقاد ان ثمة في الامر احتمالان، فاما ان هذه المراجع تعرف ما يجري من انتهاكات ضد المسيحيين والازيديين والصابئة على يد هذه الجماعات الاجرامية المنفلتة، وتسكت عنها.. فانها مصيبة.. وإما انها لا تعرف ما يجري.. فالمصيبة اعظم.
ـــــــــــــــــــ
كلام مفيد
ــــــــــــــــــــ

" لا تنظر لما يقع في الظلام.. انظر لما يحصل قريباً منك ".
                                                                          توماس كارليل

جريدة(الاتحاد) بغداد