| الناس | الثقافية |  وثائق |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

 

عبد المنعم الأعسم

mm14mm@yahoo.com

 

 

 

الأثنين 21/6/ 2010

 

نداء البصرة..
إقرأوه

عبد المنعم الاعسم 

البيان الحكومي الموجه الى مواطني البصرة بوجوب “الإلتزام بالهدوء وضبط النفس" مثير للاستغراب، وغير ذي همّة جدية في التفاعل مع بشر يتضورون فوق صفيح ساخن يشوي جلودهم وجلود ابنائهم ومرضاهم ومسنيهم، ولم يعودوا يصبرون على مفارقة يدفعون عنها حياتهم.. مدينة غنية بالثروات فقيرة بالخدمات.. فيما اتخمها الساسة واولئك الذين انتخبتهم الى الحكومة المحلية بوعود الرخاء والكهرباء والماء والامن، ثم، انقلب الجميع(بعد الفوز) على وعودهم، ومسحوا بها حيطان مكاتبهم الفارهة.
فقد اردف البيان الحكومي النصيحة الباردة بالامتثال الى حكمة العقل والهدوء والاستسلام بدعوة اخرى، اكثر برودة، فان عليهم “تفويت الفرصة على اولئك الذين يحاولون إستغلال هذه القضية وإثارة عدم الإستقرار" وكأن اولئك الذين احترفوا اثارة عدم الاستقرار قد سُدّت جميع السبل من امامهم، ولم تبق إلا محنة اهل البصرة بتردي خدمة التيار الكهربائي ليستغلوها في محاولتهم الاجرامية تدمير الامن والاستقرار في البصرة والبلاد.
وبكلمة، فان البيان الحكومي جرى مجرى البيانات الحكومية السابقة (واغلب حكومات المنطقة) بتجهيز تهمة مسبقة ضد حركة الاحتجاج السلمية المشروعة بانها تنفذ مآرب “قوى معادية” وتبشيع مراميها واهدافها دون ان تبحث في اسباب الاحتجاج ولوازم الشكوى ومسؤولية اصحاب السلطة والادارة عما تعانيه الملايين من تجويع ومهانة وإهمال.
وبكلمة اخرى، لم يكن اهل البصرة ذاهبون الى صالة مسرح او سينما او وليمة باذخة لكي يُطلب منهم الهدوء وضبط النفس واحترام قوانين المناسبة، فقد وجدوا انفسهم فجأة ضحية لاستهتار منظم يتحكم في حياتهم ومصائرهم، وفقدوا، مرة واحدة، الثقة بوعود اولئك الذين صعدوا على اكتافهم الى مواقع السلطة والجاه، ولم يعودوا ليتحملوا هذه المهانة والمعاناة، فخرجوا الى الشوارع مطالبين بحق يتقاذفه المسؤولون ويتبادلونه، ثم حوّلوه الى رصاص نحو صدور المتظاهرين العزّل.
نعم، يمكن ان تُستغل احداث البصرة في الصراع السياسي المتفاقم، وربما يجد فيها البعض مدخلا الى إحراج السلطات واسقاط سمعتها في الشارع، لكن هذا لا يعفي القوى المتنفذة في المدينة والمركز وفي ادارة الكهرباء من المسؤولية المباشرة قيد الحساب العاجل. اما ان يَستغِل الارهابيون وخلايا الجريمة حالات الاضطراب والاحتجات الشعبية، فانه امر طبيعي، لكن الحقيقة الموازية هي ان القوى الارهابية نفذت جرائمها المروعة ضد الامن والاستقرار من ثغرات في الجهاز الحكومي والامني، ومن فجوات الفساد السياسي والمالي والاداري، ومن الاهمال والتواطؤ في مفاصل حدودية معروفة، ومن متعلقات الصراع المحموم على السلطة والامتيازات، وهي جميعا، اكثر خطورة من احداث البصرة وازمة الكهرباء في المدينة.
التحقيق الامني في ما حدث في البصرة يمكن، بحسب الثقة بمهنية وكفاءة الوزير الوائلي، قد يؤشر بعض المسؤوليات في الردع المستهتر ضد المتظاهرين، لكن ملف الشكوى وانهيار الخدمات ومظاهر الاثراء والفساد والتسلط في المدينة بانتظار خطوات عاجلة، لا لجنة تحقيق، وفي كل الاحوال، دقـّت البصرة ناقوس الخطر، وعلى الجميع ان يحسبوا له الحساب .

ـــــــــــــــ
كلام مفيد
ـــــــــــــــ
"
لا يشكل الأسد الشبعان أي خطورة.. مؤقتا"
                                          حكمة


 

free web counter