| الناس | الثقافية |  وثائق |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

 

عبد المنعم الأعسم

malasam2@hotmail.com

 

 

 

الأربعاء 20/8/ 2008



وسطية المالكي

عبدالمنعم الاعسم
 

وقوف نوري المالكي "متوسطا" دائرة الازمات، في هذه اللحظات التاريخية، يستحق التأمل بعين الانصاف والمسؤولية، على الرغم من ان الوسطية، احيانا، قد تعبّر عن ضعف او هروب او عن حساب مغلوط للنتائج، وقد لا تحل مشكلة، وربما تفاقم المشاكل بتعليقها الحلول الناجعة على "نعمة" الصدف والانواء وعودة الحكمة الى العقول، لكن، ثمة في الكثير من التحولات والصراعات والتجارب واحداث التاريخ العاصفة تبرز الحاجة الى "رؤيا" تتوسط الخيارات والتجاذبات ومصادر الحريق المختلفة لتحول دون دخول اطراف الازمة الى حرب مفتوحة لا احد يقدر نتائجها الكارثية.

وفيما تحيطه الازمات والاستحقاقات السياسية والدستورية والائتلافية من كل جانب، وهي في طبيعتها متناقضة وشائكة، فقد انتقل المالكي الى نقطة الوسط  بين الجميع متواكلا على فروض مرحلة الانتقال وعلى تكتيك التأني، ولا اقول التهرب، حيال عواصف كانت ستقتلع، كل مرة، حكومته الهشة. انظروا، مثلا، كيف ادار معركة الاتفاقية الثنائية مع الولايات المتحدة، وكيف تعاطى مع ازمة كركوك، فقد خرج منهما، حتى الآن، من دون ان يخسر اوراقه، او حلفاءه، او شركاءه، او اولئك الذين هادنوه مؤقتا.

احسب ان المالكي، قبيل هذا الانتقال، لم يكن ضعيفا، او حتى وسطيا، في الحروب التي خاضها، من فرض القانون في بغداد الى صولة الفرسان في البصرة الى بشائر السلام في مدينة الصدر الى ام الربيعين في الموصل حتى بشائر الخير في  ديالى، فقد كان مبادرا في وقت فُقد الامل بوقف التدهور عند حد ممكن، وكان جريئا بالقدر الذي ينظر اليه من زاوية تحديه للميليشيات ونفوذها في بيئة متعاطفة (الى حد ما) معها، وكان متوازنا بالقدر الذي تمليه حقائق وظروف الاستقطاب(والتفتت) الطائفي والفئوي الشديد الذي يحيط حركته ويعيقها، بل انه خرج من جميع هذه المعارك وفي يده انجاز ذهبي عنوانه ‘تراجع العنف’ قدمه الى العراقيين كجرعة امل في الانتقال يوما الى عهد الاستقرار، الامر الذي لم يكن متوقعا حتى بالنسبة لاكثر المتفائلين في مستقبل التغيير في العراق، ولم يحسبه الكثيرون في رصيده، واحالوه الى نظرية المؤامرة او الى صفقة مع بوش او مع ايران، او مع كليهما.

ومن دائرة الوسط استطاع المالكي ان يعيد بناء وزارته بتسهيل عودة المنسحبين"السنة" اليها، وربما بعد ان شعرت كابينة التوافق ان مركب المالكي سيصل الى الضفاف الاخرى من دونها، كما استطاع ان ينهي"احتلال" الاحزاب "الشيعية" لابنية الحكومة، وان يفكك الكثير من العصابات والمحاكم الكيفية "الشرعية" التي تتخذ من المساجد والحسينيات مقرات لها، وان يمنع (او يخفف) تسييس المواكب والفعاليات الدينية والمذهبية، وان يداهم زمر القاعدة ويلاحق فلولها بضراوة، وكان سيحقق الكثير من النجاحات لولا عوامل كثيرة من بينها، وابرزها، ارث المحاصصة الذي لا يزال، بادواته وسياساته وفساده، يهدد المشهد بالعودة الى نقطة الصفر.

وسطية المالكي، بصراحة، انقذت العملية السياسية من انهيار في منتصف الطريق، وربما ارجأت هذا الانهيار الى يوم يقلب الفرقاء المركب على انفسهم..  وعلى من فيه.

ـــــــــــــــ
كلام مفيد
ـــــــــــــــ
"
لا تهاجم سبعة أشخاص إذا كان مسدسك لا يتسع سوى لست رصاصات فقط"
                                                                          
 من الانترنيت

 

free web counter