| الناس | الثقافية |  وثائق |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

 

عبد المنعم الأعسم

mm14mm@yahoo.com

 

 

 

                                                              الأحد 20/1/ 2013

 

بلد المفاجآت

عبد المنعم الاعسم 

عراق المفاجآت شاء ان يُنبت هاجس المفاجأة في دواخل كل مواطن من مواطنيه، فنسمع دائما من يقول بعفوية "لا ندري ماذا يحدث غدا" أو "لا استطيع ان اتعهد بالتزام انفذه بعد اسبوع .. فما ادراك ما يحدث آنذاك؟" او من يقول لك "خذ ما يتوفر في متناول يديك الآن فقد يستحيل عليك الحصول عليه في وقت آخر" أو "انها فرصة لك.. إقتنصها..فانت في العراق بلد مضيعة الفرص".

اما التاريخ، فلا شأن به للعراقي الذي يعيش هذه الاحداث العجيبة والتحولات الغريبة بالاقدار، والسياسات، والمصائر، وقد لا تهمه دروس التاريخ اصلا، إلا في حدود مناكدة خصمه السياسي، وكأنه يعرف ويؤمن بما كان يقوله فولتير من ان التاريخ هو الكذبة المتفق عليها من الجميع.. وقد لا تتفاجأ من العراقي المتعلم، بخاصة، ان يقول لك "عمي، يا تاريخ، دعنا من هذه القوانة" او يقول لك آخر متحذلقا: "يمعود.. لو التاريخ صحيح ما كانوا علموه لنا في المدارس بالعصا" وينقل لك عن سقراط قوله "الصحيح لا يحتاج الى الهراوة لكي تتمثله".

والغريب ان العراقيين صدروا هاجس المفاجأة الى العالم، فقد كتب صحفي لـ "بي بي سي" غداة انتخابات 2010 يقول عندما خرج العراقيون من هذه الانتخابات لم يتركوا للعالم فرصة لتحليل النتائج، فسرعان ما فاجأونا انهم ينظرون الى الانتخابات خلاف ما ننظر اليها.. فتركوا النتائج لنا لندوخ بها وراحوا الى الكواليس ليلتفوا عليها ويخرجون لنا بحكومة جديدة، لكن بعد 248 يوما من التصويت واعلان النتائج التي لم يصادقوا على شرعيتها إلا بعد 90 يوما.

والاغرب ان بعض نشطاءالانتخابات والسجالات الساخنة على الشاشات الملونة من اصحاب شعار اقامة الدولة الدينية في العراق فاجأوا المراقبين، بعد حماستهم للتنافس الانتخابي وتحشيد الاتباع والموالين والمصلين، انهم تحولوا الى التجييش من اجل "حماية الدين المهدد بالضياع" ولسان حالهم يقول:

عمود الدين لا يقوى بتصويتٍ وتخذيلِ.........

فغير السيف لا يجدي يميناً فتية الجيلِ

ويبدو ان معدة العراقيين صارت تهضم هذا الحجر القاسي الذي "حطّ من علِ".. وإلا كيف يمكن لشعب ان يتحمل هذه الطبخة النيئة والفاسدة التي تجري امامه، الآن، وبالحشوة الطائفية المسلحة، لو لم تكن معدته من الكونكريت المسلح؟.

اليست هي مصادفة اخرى؟.


"ان الانسان اختراع حديث العهد"
                                          فوكو



جريدة (الاتحاد) بغداد

 


 

free web counter