| الناس | الثقافية |  وثائق |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

 

عبد المنعم الأعسم

mm14mm@yahoo.com

 

 

 

                                                                               الأثنين 20/8/ 2012

 

ما أحوجنا الى فرسان

عبد المنعم الاعسم

الحل يحتاج الى قرار شجاع يتقاسمه اركان الازمة، وذلك بعد ان تيقن الجميع ان لا احد قادر على شطب الاخر، ولا باستطاعة فئة ان تهزم فئة اخرى متربعة على ركن من اركان الازمة، وانه لا مصلحة لمنازع في ان يزيح شريكا له من المعادلة، بل ولا ثمة امكانية لتحقيق ذلك.

المناورات استنفذت قيمتها وفائدتها، والحل يتمثل في كشف الحساب والصراحة والبدء من حيث وصل الجميع الى الحائط.

ومن غير هذا فان شوطنا الى الاستقرار وراحة البال عسيرا متواصلا، وباهض التكاليف، ونزيفنا متصلا، وستتناسل محننا عن محن، وسيبقى دارنا الطاهر مسكونا بالنحس، ومرابعنا موبوءة بعوارض العنف وسرطانات الشر، وحدودنا مفتوحة للتهريب والغارات والقرصنة، وممتلكاتنا عرضة للنهب والتعدي، وحواضرنا ساحات للفواجع والحروب، فهي، جميعا، من بعض نتائج العقيدة التي طبقت لادارة الازمة، فضلا عما ورثناه من عهد قضى.

ثلاثة عقود من الزمن قام ذلك العهد الشيطاني باختزال حاضرنا الى بضعة سطور كهنوتية فوق اكاذيب عن معارك "شرف" جاءتنا بطوابير التوابيت والمقابر والارامل والكوابيس، وتولى ذلك العهد تهريب تاريخنا وماء وجهنا الى اسواق العالم الخلفية مقابل كلمات اعجاب متسخة بالرشى. 
والحال، إذن، كما تقول امثالنا: الفاس بالراس، وكما تقول امهاتنا: تدبغت جلودنا.. أو كما يقول المتنبي العظيم:

فصرتُ إذا اصابتني سهام..... تكسرتْ النبالُ على النبال
وهانَ فما ابالي بالرزايا   ...... لأني ما انتفعت بان ابالي

الفروسية هي طريقنا في البحث عن الحل، وهي تلزم- في ما تلزمة- شجاعة المراجعة والاعتراف، فوق شجاعة القول الفصل، وقد جرب الجميع اساليب الغش، فعادت عليهم(وعلينا) بالخراب والفواتير الموجعة.

الفروسية قتال بالادوات النزيهة. للهزيمة مكان في توقعات الفرسان وللانتصار احتمال في وجدانهم.
على اصحاب الازمة اختصار الدوامة كما اختصرها ذلك الشيخ في الحكاية القديمة، إذ توقف طويلا تحت ميزاب كان يقطر ماء متسخا فاخذته الحيرة وطاله الوسواس ما إذا كان قد طاله نثار النجس ام لا، حتى إذا اشتدت به الحيرة، واستطالت به المعاناة تقدم ووقف تحت سيل الماء المتسخ، وهو يقول: الآن اصبح الشك يقينا.
اختصار المعاناة يحتاج الى لاعبين  فرسان، لا الى مناورين.. فاين هم؟.


"لا يكفي أن تكون في النور لكي ترى، بل ينبغي أن يكون في النور ما تراه"    
                                                                           العقاد
 

جريدة(الاتحاد) بغداد

 

free web counter