| الناس | الثقافية |  وثائق |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

 

عبد المنعم الأعسم

mm14mm@yahoo.com

 

 

 

                                                                               الأربعاء 1/2/ 2012

 

سوريا..
الى الزلزال

عبد المنعم الاعسم

بدأ الكثير من الخائفين على مصير سوريا من التفتت والحرب الاهلية ومن وقوعها في حاظنة التطرف الديني “الجهادي” ينظرون بعتاب وانتقاد مرّ الى اداء السلطة القائمة ومنهجها في احتواء الازمة إذ اتسم بالردع السافر الدموي المفتوح مما حدث ويحدث في اية حرب اهلية اندلعت في بلدان الاستبداد، وقل، هي مقدمات كلاسيكية لحرب اهلية ضروس ستزلزل قواعد الاستقرار في المنطقة، وتضرم النيران في معادلات الحرب والسلام القائمة فيها منذ حوالي نصف قرن من الزمان.
الجديد، بان الاعلام الرسمي في دمشق بدأ يتحدث عن معارك في صفوف الجيش الحكومي، وعن “تحرير” مناطق تقع الى اميال من العاصمة، وبدأت لغة التتبع لما يجري مثقوبة بالغموض والهذيان والتناقضات بصرف النظر عما يطلقه هذا الاعلام من تسميات مسبقة التخوين للمنشقين عن الجيش الحكومي ومن عبارات دعائية واستعراضية عن الاقتدار الذي يتمتع به الجانب الحكومي.
هذا اعتراف متأخر بتصدع آخر الدفاعات الاستراتيجية عن نظام الحزب الواحد بعد تفتت الكيان الحزبي الى وحدات طائفية ضائعة، لكن الشيء المشكوك فيه هو ما إذا ستتمكن آلة المواجهة الحكومية من اعادة الامور الى نصابها، وما اذا ستضطر القيادة الى الموافقة على مبادرة خشبة النجاة العربية لانقاذ ما يمكن انقاذه من دولة الاستقلال بديلا عن صورة مجهّزة لدولة اخرى لا احد يشك بان الخارطة ستضيق بها، وان مستقبلها سيكون في علم الغيب.
من السابق للاوان الحديث عمن تسبب في مآل سوريا الى هذا المفترق الخطير من الطرق، لكن لا ينبغي تقليب الامور كثيرا عندما يتعلق الامر بتعيين مسؤولية النظام السياسي، ضيّق التمثيل، والقائم على مفردات الواحدية الصارمة في الحكم وعسف التعامل مع العقائد والحريات والقوميات المحلية، بل ولا يمكن، حتى لتلاميذ السياسة، وضع المسؤولية الاولى عما حدث ويحدث على عاتق الجهات الخارجية، الغربية والخليجية، مثلما لا يمكن اعتبار المتدخلين الخارجيين على انهم محسنين، او هيئات إنقاذ انسانية بريئة من الاطماع والاجندات وتصفيات الحساب وتسويق المصالح والتحالفات.
حتى لجوء المعارضة الى العالم وتحبيذها التدخل الخارجي، فان الادارة الحكومية تتحمل، في تدميرها رسوم الثقة وحشرها المعارضين في الخيارات المستحيلة، مسؤولية هذا الانزلاق، ونتائجه، وكان بمقدورها منع تدهور الاحداث الى هذا الخيار الكارثي.
مع ذلك فان الاعلام الحكومي السوري، إذ يعترف بانتقال المعارك الى خاصرة العاصمة دمشق، فانه لا يزال يتحدث عن الخسائر بلغة صدام حسين الكارثية: اغارت طائرات العدو على قرية آمنة. قتلت الكثير من سكانها. خسائرنا لا شيء.
الخسائر عندهم، فقط، تلك التي تلحق بالرئيس.
 

“الكذب في بعض الاحيان غريزة”.
                                          صلاح عبدالصبور
 

جريدة الاتحاد - بغداد


 

free web counter