| الناس | الثقافية |  وثائق |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

 

عبد المنعم الأعسم

mm14mm@yahoo.com

 

 

 

الأربعاء 19/5/ 2010

 

سجون X سجون

عبد المنعم الاعسم 

السجون الخاصة باصحاب الرأي عار في جبين التاريخ كله منذ ما قبل حالة الفيلسوف سقراط الى ما بعد حالة المخرج الايراني جعفر باناهي.
ويشاء هذا العار ان يظهر بالالوان الطبيعية الهمجية في العصر الحديث في دول قليلة مشمورة خارج المدنية والتحضر وحقوق الانسان، وتشاء المهزلة (رقم واحد) وعلى الرغم من تحريم هذا النوع من السجون في مواثيق وقوانين ان يعرف الرأي العام الدولي اسماء هذه السجون في كل دولة من دول العار فيما هذه السجون مجهولة لدى مواطني تلك الدول، بل ويجري تداول اخبارها وبشاعاتها بالسر بين اسر الضحايا ودعاة الحقوق المدنية وكواليس وبيانات المعارضين.
اما المهزلة (رقم اثنين) فانها تتمثل في ان الكثير من هذه الدول وقّعت ولا تزال توقع على المواثيق الدولية التي تُلزمها باحترام حرية الرأي وتأمين سبل التعبير عنه والامتناع عن إعتقال اصحابه. وتشاء المهزلة (رقم ثلاثة) في هذا الصدد، وهي اقبح المهازل واشنع علامات العار، ان تظهر في الواقعة التالية: دول تضم سجونا وحشية لاصحاب الرأي (معروفة لدى المنظمات والهيئات الدولية باسمائها ومواقعها) ثم تسرع في استنكار وجود سجون للرأي في دولة اخرى ، وتتحمس لعرض معاناة وحقوق ضحايا سجون الغير في محافلها واعلامها الرسمي وغير الرسمي وعلى نطاق واسع، فيما يتولى طبالون وكتاب واعلاميون تسويق هذه الحملة التي تستهدف تزكية اصحاب النعمة والتعتيم على اوضاع السجون والمسجونين السياسيين وعلى انتهاكات الحقوق المدنية في بلدانهم.
هذا ما حدث في حالة سجن ابو غريب ومعتقل الجادرية وسجن المثنى في العراق اخيرا، من احتجاجات لدول وساسة (واعلام تابع) في الاقليم، بالرغم من ان الكثير(اقول الكثير) من معتقلي هذه السجون العراقية هم من عتاة المجرمين ومخططي ومنفذي المذابح التي طالت آلآف المدنيين الابرياء، دون ان يبرر هذا، طبعا، اعمال التعذيب والتعدي على الجثث واهانة المعتقل واذلاله التي جميعا موضع استنكار كل داعية للحرية وحقوق الانسان.. فان للجريمة سياقاتها القانونية، ولها عقابها العادل في سوح القضاء وتفرضها قواعد التحقيق المهني المرخص له وفق قيم العدالة.
روبرت فيسك، الصحفي البريطاني مرّ (في الانديبندنت) في بعض تقارير عن سجون راي عربية اسماها بـ”معسكرات اعتقال” على منهج معسكرات الاعتقال النازية، وكشف عن عيّنات من ضحايا السجون السرية لهذه الدول التي قلبت الدنيا، نفاقا، على ما حدث في سجون العراق من انتهاكات، وخلص الى السؤال المدوي التالي الذي وجهه الى القراء العرب: "مَن مِن القراء العرب يستطيع ذكر اسم سجين واحد حبيس في معسكرات الاعتقال العربية؟ ومن من السياح الذين يزورون (واحدة من هذه الدول) يعرف بان حراس احد سجونها يرغمون النزلاء على اغتصاب بعضهم بعضاً؟"..
والسؤال ليس طلقة في الهواء فان سجل هذه الدول زاخر باسماء السجون السرية التي استعصت على منظمة العفو الدولية وممثلي لجنة حقوق الانسان التابعة للامم المتحدة الدخول لها، او حتى الاطلاع على بناياتها من الخارج ، فان “المرور ممنوع” من مسافة عدة كيلومترات من تلك البنايات، كما جاء في وثيقة نشرتها جماعة للحقوق المدنية في دولة شرق اوسطية، وفي هذا السجل تأشيرات لسجون عربية تحمل اسماء مثل : ابو سليم . تدمر . النساء . الحاير . خالد الراشد . بليدة . المنصورة . طلحة . صيدنايا ، وذكر احد ضحايا تلك السجون في شهادته المدونة لدى منظمة العفو الدولية قائلا : “عندما زرت متحف الشمع الشهير في لندن ودخلت صالة زنزانات القرون الوسطى حيث يجري انتزاع روح الانسان بالسياط والبساطيل وفنون التعذيب تذكرت محنتي في سجون بلادي التي لا يعرف عنها العالم شيئا”.
هنا، في هذه الدول التي تتباكى على ما يحدث في سجون العراق ، تنتهك العدالة مرتين ، مرة ، بابداع صنوف التعذيب ، ومرة اخرى ، بالنفاق .

ـــــــــــــــ
كلام مفيد
ـــــــــــــــ
"
اذا كنت لا تستحي .. إعمل ما تشتهي"
                                      مثل عراقي


 

free web counter