| الناس | الثقافية |  وثائق |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

 

عبد المنعم الأعسم

malasam2@hotmail.com

 

 

 

 

الأثنين 18/6/ 2007

 


 

سامراء (2)
اكبر من فتنة طائفية


عبدالمنعم الاعسم

التفجير الثاني لشواهد سامراء الدينية، ولبقايا الضريحين العسكريين، مسجّل، من غير مواربة، في مسؤولية المشروع الارهابي في العراق وتنظيم القاعدة وحلفائه حصرا، وكل محاولة لصرف النظر عن هذه المسؤولية، وتسجيلها لجهة اخرى، تعني الاصرار على تبرئة الجاني، وتوظيف الجريمة في ناموس منهج مطعون بنزاهته، على اية حال.
ثمة جهتان متطرفتان، من الطائفتين، وزعتا الجريمة، بلغتين متشابهتين في المبنى والمعنى، بين الحكومة والقوات متعددة الجنســــــية، ولـــــم تشيرا، لا من قريب ولا من بعيد، الى اولئك الذين يتحدثون بلسان فصيح عن مسؤوليتهم عن هذا التفجير، والذي سبقه، وهؤلاء يكذبون اولئك، واولئك يغطون لهؤلاء، والغريب ان النشاط العملي للجماعتين يكشف لكل ذي بصيرة البعد الطائفي الانتقامي، فكل جماعة تحرض جمهورها علنا ضد اتباع الطائفة الاخرى، بل ان حوادث الاغارة على المساجد والحسينيات غداة تفجيرات سامراء الاولى والثانية، تمت بتخطيط منهجي من هيئة اركان الجماعتين، ومليشياتهما، مما يعرفه كل عراقي، ولا يجهله العميان.
على ان التركيز على مسؤولية القوى التكفيرية والارهابية عن تفجيرات سامراء لا يعفي الحكومة ولا القوات متعددة الجنسية من المسؤولية عن حماية ارواح المدنيين ومراكز العبادة وشبكة الخدمات، ولا يصح التخفيف من تلك المسؤولية تحت اية ذريعة، وهذا امر يختلف، حيث بات من المؤكد ان القوى البربرية تستغل طائفة الثغرات في المنظومة الامنية وظواهر الاختراق والفساد والخلل في صفوف القوات الامنية من الجيش والشرطة والادارة، وقد بلغ الامر بوجود تواطؤ واضح بين الارهابيين ومسؤولين في حلقات امنية حساسة، ويتناقل المواطنون والمتابعون وقائع يشيب لها الرأس عن هذا التواطؤ واشكاله وابطاله.
هذا اولا، اما الحديث عن هدف الارهابيين من هذا التفجير فانه لا تكفي الاشارة الى غاية اثارة الفتنة الطائفية، فان هذه الفتنة موجودة في ثنايا الحياة اليومية وفي الخطاب الطائفي الاعلامي اليومي عبر الفضائيات والاقنية الاعلامية الفئوية الطائفية، وفي الاتهامات التي نسمعها على مدار الساعة على لسان مسؤولين واطراف من قلب العملية السياسية، ضد بعضها البعض، وتصدّر فوازير الفتنة ومفاتيحها وطبولها.
ان هدف التفجير اكبر من الفتنة الطائفية.. انه توظيف للفتنة الطائفية ، قيد الممارسة على الارض وفي الاعلام الفئوي، في هد بقايا الدولة، وانهاء ما تبقى من هيبتها، وتدمير ثقة المواطن، من جميع القوميات والطوائف والديانات والعقائد والاهتمامات، بقدرة الجيش والشرطة والادارة الحكومية على حمايته، فالتفجير لا يستهدف إذلال ابناء طائفة معينة، وايذاء مشاعرهم، والتطاول على مقدساتهم قدر ما يستهدف إذلال الجميع وتعميم الخوف في اوساط الجمهور، من خلال الفعل المقصود ورد الفعل المخطط له، وهي البيئة النموذجية لانتشار الارهاب وغباره ومشيئته السوداء.
اما الحديث عن مقاومة الاحتلال، والعودة الى قوانة المقاومة الشريفة والاخرى غير الشريفة، فيحسن باصحاب هذا الحديث ان يعيدوا قراءة ابجديات علم الجريمة، فالضحية البرئ يبقى ضحية وبريئا، خارج اي ذريعة، واي اداة، وان الجاني يبقى جانيا، خارج اي صفة ، وانه لا بد من القصاص، وإن طال الزمن.
ــــــــــــــــــ
كلام مفيد:
ــــــــــــــــــ

" بعض النصوص الشريرة ليست بحاجة الى مؤلف ".
                                                                  آلان بوسكي

جريدة(الاتحاد) بغداد