| الناس | الثقافية |  وثائق |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

 

عبد المنعم الأعسم

malasam2@hotmail.com

 

 

 

 

الأربعاء 18/10/ 2006

 

كتابات أخرى للكاتب على موقع الناس

 

نظرة جدلية في الاداء السياسي الكردي

 


عبدالمنعم الاعسم
malasam2@hotmail.com

 مجموعتان من اصحاب الاراء حيال موقف الكرد والاداء السياسي للقيادة الكردية في العراق لا اناقشها، واتجنب السجال معها، واقف على مسافة محسوبة من شظايا معاركها التي تكاد ان تكون يومية، الاولى، من الكرد المنفعلين، المتطرفين في دفاعهم عن قضيتهم بحيث يفتحون نيران خطبهم وسطورهم، بتوتر وحمية مفرطة، على جبهة واسعة من الجهات والدول والقوميات من غير تمييز، وعلى طائفة كبيرة من الاسماء، اشير الى نعوم تشومسكي المفكر الامريكي المناهض للحرب والعدوان، الذي اندلعت حملة ضارية من قبل اصوات واقلام كردية بدت كما لو انها من انصار الحرب والعدوان بافتراق واضح وصارخ عن الكرد كشعب مسالم وضحية لهمجيات الحرب والعدوان، والى اسماعيل هنية، إذ تجاوزت بعض الاحتجاجات الكردية على تصريحاته حد تصويب المعلومات والدفاع عن مكانة البيشمركه الى النيل من الشعب الفلسطيني الذي لا شأن له بتلك التصريحات وهو يشارك الشعب الكردي في مشيمات كثيرة من بينها قضية التحرر وتقرير المصير، وليس ثمة ما يجمع الشعوب ويقربها الى بعضها على اختلاف قومياتها وانتشارها على الخارطة انبل من كفاحها لتحقيق مثل هذه الاهداف الانسانية.
اما المجموعة الثانية التي اتجنب مخاضة الجدل معها حول الموضوع الكردي فهي خليط من الجهلة، والشوفينيين المنغلقين على اغاليط وكراهيات ومواقف جاهزة ومسبقة ومبرمجة، من العرب وغيرهم، ممن يرون بان كل ما يصدر عن الكرد وسياسييهم موضع شبهة، وكردستان، حسبهم، صنيعة اسرائيلية وان الكرد لا وجود لهم لولا الصهيونية، على الرغم من ان الحقائق حتى المدرسية منها تؤكد بان للكرد وكردستان امتدادا في التاريخ يسبق نشوء الصهيونية وقيام اسرائيل بقرون مديدة من السنين، وقد يلاحظ المرء بان الكثير من فرسان هذه المجموعة مبرمجون على مفعول ثقافة عنصرية يخيفها الاعتراف بوجاهة الحقوق المتساوية للقوميات والشعوب، ويذعرها، ان ياخذ الكرد موقع الشريك، كامل الحقوق، في سلطة القرار والادارة في البلاد.
وبعيدا عن هاتين المجموعتين فان ثمة طيف واسع الفئات والاشخاص والمنابر وحتى المعاهد تحمل وتروج معلومات مضطربة ومجتزئة وانتقائية عن الكرد وادائهم في العملية السياسية في العراق، ولعل القاسم المشترك في الاعتراضات والملاحظات، هنا، فرضية ان موقفهم من اسئلة الراهن العراقي تمليه حزمة من ردود افعال على نكران حقهم العادل في الانعتاق او انه يعرض كورقة مساومة وصفقات تجارية وتوافق نفعي آني في سوق السياسة، او انه معبر الى مواقع ومناصب وامتيازات، واعتقد بان بعض الاداء الكردي وخطابه الراهن يغذي هذه الفرضيات، على الرغم من ان السنوات الثلاث الماضية راكمت الكثير من العناصر الحيوية، والسليمة، في الاداء الكردي ودفعت به، من حيث هو سياسات وتصورات ومبادئ صيغت في البرلمان الكردستاني وعبر التوافقات السياسية للاحزاب الفاعلة والقطاعات الاجتماعية والثقافية ووثائقها المعلنة، الى المسرح، واستطاع هذا الاداء -برغم الاحداث المتسارعة والمتداخلة-ان يكسب نخبا وقطاعات عراقية وعربية، وان يقضم من مساحة الثقافة الشوفينية التي اسس لها نظام الدكتاتورية.
واللافت ان هذا الموقف، وكل الاداء السياسي الكردي شاء ان يكون تحت معاينة ومراقبة شديدة من قبل حلفاء الكرد وخصومهم على حد سواء، واعني، ان ثمة حساسيةلافتة وترَصّدٍ بائن، وتخويف منهجي إزاء “السياسة الكردية” ، فاية فاصلة جزئية في حديث منسوب لاي سياسي او مسؤول كردي سرعان ما تستفز مطابخ الاخبار والتعليقات والتأويلات وردود الفعل، وتُبنى عليها، ومنها، النيات والسيناريوهات الفانتازية، فيما لا تعبأ هذه الاقنية الاعلامية والدوائر السياسية بالكثير مما يقوله الساسة العراقيون الاخرون من القوميات والكتل الاخرى، بما فيها تلك التصريحات، المثيرة للضغائن والكراهيات والحروب، والمهينة للعراق والعراقيين بفصيح الكلام.
طبعا، لا يمكن معاينة قضية التناسب في المواقف والنيات إزاء المستقبل، في مثل الظروف العراقية المعقدة، بمنظور معملي، لكن، حتى انطلاقا من هذا المنظور الرقمي، فان الموقف الكردي لا يحسب على قائمة المواقف التي تلعب بالنار، وتدفع الملايين الى اتون حرب اهلية طائفية، حيث يظهر اسياد تلك الحرب يوميا باسمائهم الصريحة.
اقول، ان ثمة منصات مراقبة، وعيون، وشاشات واقنية اعلامية وسياسية تترصد، باستنفار على مدار الساعة، الاداء الكردي، وتضع له كمائن كي تستدرجه الى رد الفعل، وتنقب في ما بين سطوره لاصطياد جزئيات وسطور وعبارات صالحة لتزييت ماكنة الشكوك والطعون في سلامة هذا الاداء وفي حسن نياته والتزامه قسَم الشراكة والتضامن في اطار الدولة العراقية الاتحادية، وليس ادل على ذلك من الاسلوب الانتقائي المتعسف الذي قرئ فيه مشروع دستور الاقليم من قبل اعلاميين وكتاب وسياسيين عرب، والتأويل القصدي المبيت الذي جرى تسويقه الى الصحافة والمحافل السياسية لموضوعة الاتحاد الطوعي في الدولة العراقية..الحق الذي تبرره مقدمات تشكيل الدولة العراقية ومبادئ ومنطلقات ميثاق الامم المتحدة.
طبعا، لا في السياسة ولا في غيرها يصح ان تفسر وجهات النظر المخالفة، طالما تطرح باسلوب متحضر مقبول، على انها تنطلق من مشروع عدواني ينبغي قبره، واحسب ان على مراجع الاداء الكردي ان تبذل صبرا استثنائيا وجهودا مضاعفة لاستيعاب وتصويب الانطباعات السلبية والمشوشة إزاء مواقف ونيات ورؤى الكرد ونظرتهم الى ثنائية حق تقرير المصير والشراكة في الوطن الواحد، والى العلاقة الجدلية بين المبدأين والتلازم بينهما، اخذا بالاعتبار تاثيرات الدعاية الحكومية الشوفينية، واسعة الانتشار، للنظام السابق، والموقف السلبي للاعلام العربي من الحقوق المشروعة للكرد، والسياسات المناهضة للكرد في الدول المجاورة معبر عنها في الاعلام والسياسة والعلاقات والقمع على حد سواء.
ما كتبته صحيفة الجمهورية القاهرية عن لاوطنية القادة الكرد، وما اطلقته صحف اردنية ولبنانية وتركية من نصائح، في لغة تهديد، بوجوب تخلي الكرد عن حق العيش في كيان فيدرالي، وما قيل في كواليس ومنتديات وتقارير اعلامية عربية ودولية عن هيمنة الكرد على ثروة النفط العراقية، وما سربته عواصم مجاورة من معلومات عن “مؤامرة انفصال” تطبخ الان في كردستان العراق، كل ذلك يعني شيئا واحدا يتمثل في ان ثمة حاجة ملحة لتصويب المعلومات عن الدور الكردي في الاحداث العراقية وتنظيف شرايين هذه المعلومات من الشوائب، عبر حملة علاقات فاعلة ومنظومة اعلامية مؤثرة.
على انه لا جديد في القول ان ثمة، احيانا، تأخر في بناء الجسور مع الدوائر ذات الصلة بمصدر التشويش، وعجلة في مفردات الخطاب الكردي المناسب لحساسيات المرحلة، وثمة الى جانب ذلك تخلف لا مبرر له في ملاحقة الاحداث والاجابة عن اسئلتها الملحة، وضعف في تقدير النتائج ورصد ردود الافعال وتعيين قياسات الربح والخسارة لأي مشروع سياسي او خطوة لجهة تأمين حقوق وكرامات الكرد الوطنية وحماية مكاسبهم، وقد يجد المراقب الموضوعي العذر لبعض دواعي هذه العجلة، في ضوء المناسيب المتزايدة للضغوط الداخلية والاقليمية والدولية على مراكز الاداء الكردية، لكن الامر يتعلق باخطاء سياسية واعلامية تتكرر اكثر من مرة، ويعاد انتاجها في دوائر النشاط السياسي والاجتماعي باقل كفاية من الحذر.
كل هذا لا يمنع النظر الى الحقيقة التالية: لقد وضعت التحولات العراقية الخطيرة الرقم الكردي في منطقة الوسط، وقد احسنت القيادة الكردستانية ضبط مكانة هذا الرقم وتحسين وظيفته التاريخية باضطراد، وحتى لا نبالغ في حساب النجاحات التي تحققت للعراق والاقليم الكردي من فضيلة هذا الدور، فانه يلزم الاجابة على السؤال التالي: من هو غير الكرد سينهض في دور الوسيط المقبول بين فرقاء العمل السياسي في العراق؟ وماذا سيحدث لو ان الكرد رفعوا الستارات الواقية بين الخنادق العراقية المتوترة، واختاروا حكمة الانصراف الى شؤونهم؟.
لا احد تصعب عليه الاجابة عن ذلك، باستثناء اولئك الذين يصعب عليهم الاعتراف بالحقيقة.
الى ذلك اتسم التعامل السياسي الكردي مع بعض الاسئلة والاستحقاقات والمواقف بالغموض والارتباك والتناقض، واحيانا بالهروب من المواجهة والتصويب والصراحة، وقد خلق ذلك جوا من الشكوك في النيات الكردية، الامر الذي كان بالامكان احتواؤه، وقد انعكست تلك الشكوك والريب، عدا عن الاقنية الاعلامية، في تصريحات تبادلها فرقاء سياسيون عراقيون وامريكان ومسؤولون من دول مجاورة.
لناخذ مثلا جدوى مذكرة رفعها اكثر من مليون مواطن كردي في ديسمبر 2004 وطالبوا فيها بالاستفتاء على استقلال الاقليم ووضع حق تقرير المصير للشعب الكردي موضع التطبيق، فلماذا لم تحترم ارادة الموقعين وهي تشكل، وفق ابسط معايير الاستفتاء، ارادة الاغلبية الساحقة للسكان؟ ولماذا جرى طيّها والسكوت عنها في الهيئة البرلمانية الكردستانية؟ وما هي خلفيات هذا الاستفتاء؟ وما علاقته بتصعيد التدخل التركي(المنهجي) واسع النطاق في شؤون الاقليم؟ وهل ثمة صحة للقول بان مبادرة الاستفتاء بدأت من مجموعات مستقلة في الاقليم ثم تبنتها الاحزاب السياسية لاحتواء الانفعالات وضبط تداعياتها والحيلولة دون وضع توقيتات لترجمتها الى الواقع؟ المهم ان فكرة التلازم بين الحق الطبيعي للكرد في الاستقلال، مستقبلا، مع حقهم، الاني، في الشراكة بسلطة القرار العراقية، وهي فكرة سليمة ومبررة، لم تقدم في منهج تفصيلي متكامل ومنسجم مع خطوات على الارض.
كما ان الاداء الكردي والموقف من الفساد والفاسدين، على المستويين، العام العراقي، والخاص الكردستاني، كان موضع تساؤلات كثيرة، وبخاصة ما يتعلق باحترام القضاء، ولوازم العدالة، والارتقاء على الاعتبارات ذات العلاقة بالسياسة والتحالفات والقرابة، وكان يمكن حماية الصفحات البيضاء لغالبية المسؤولين الكرد في الوزارات والمواقع الاتحادية بالمزيد من المواقف الجريئة ضد فاسدين من جهات اخرى تجاوزت تعدياتهم على المال العام حدود المعقول، غير ان التغطية المصممة لـ "قضايا فساد" تمتد من اقنية خلفية على ساسة وجهات يحرص الكرد على التوافق معها انتهت الى مطاعن في سلامة الموقف الكردي من هذا الملف، وتحميل هذا الاداء سوء القصد الذي وجد طريقه الى الاعلام، واستطيع ان استطرد في ذكر امثلة عيانية لمثل هذا التحسب، ولغيره من وقائع التعاطي غير السليمة مع الفساد والفاسدين غير ان ذلك ليس من وظائف هذه المطالعة.
لا شك ان البيئة السياسية التي تحيط الاداء الكردي، في هذه المرحلة، ملغومة بالنيات السيئة التي قد تتخذ احيانا شكل الحرص على الكرد، هذا عدا عما اشرنا له من محاولات الترصد الاعلامي المبيّت، غير ان الاكثر خطورة في هذه البيئة هي ردود الافعال الاقليمية التي تتصيد الثغرات والزلات، حتى العابرة منها، في الموقف الكردي، ما يلقي على مراكز الادارة الكردية وفعاليات المجتمع والسياسة والاعلام مسؤولية اعادة تدقيق الاداء العام وتصويب وتطوير مفاصله، واحسب ان لدى ابناء هذه المرحلة الكردية الحساسة رافعات من التجربة والخبرة لجهة العبور الى ضفاف السلامة.

ـــــــــــــــــــــــــــــ
كلام مفيد
ــــــــــــــــــــــــــــ
" كنا في حاجة الى اسطورة انجزنا بعض فصولها، لكن الاسطورة في حاجة الى واقع ".
                                                                                                                   محمود درويش
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

تنويه من عبدالمنعم الاعسم

اصدقائي قرائي احبتي..

لقد تعرض عنواني الالكتروني
aalassam@hotmail.com
الى عملية تخريب" وتجريف" متعمدة ومتوقعة، وقد اعتمدتُ العنوان البديل ادناه راجيا ممن راسلني خلال الاسبوع الحالي ان يكرر رسالته لي مع مزيد من الاعتذار والمحبة.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
العنوان الجديد
malasam2@hotmail.com