| الناس | الثقافية |  وثائق |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

 

عبد المنعم الأعسم

mm14mm@yahoo.com

 

 

 

                                                                               الأربعاء  18/1/ 2012

 

"العراقية" وعلاقتها بالارهاب

عبد المنعم الاعسم

لا يمكن للمحلل الموضوعي ان يستند الى “اعترافات المعتقلين” وحدها في تعيين الجهة التي تدير الاعمال الارهابية او تشجعها او تحبذها او تستثمرها او تتفرج عليها، فان لدينا إرثا (قديما - جديدا) غير مريح عن عدم سلامة ومهنية وحيادية التحقيق مع المعتقلين، وعن تدخـّل “اهواء” السلطة، وصراعاتها الجانبية، في سياقات تقصي اثر الجرائم الارهابية، ويحصل، في النتيجة، ودائما، ما يشبه الانشقاق في العملية السياسية: الاول يتهم الثاني بالتورط في اعمال الارهاب، والثاني يرفض الاتهام ويعيده الى الاول متهما اياه بالتصرف في وجهة معلومات التحقيق.

هذا ما يحصل دائما بين كابينة الحكومة والقائمة العراقية، وما يتكرر في الفواجع المروعة، وما يترك اثره السلبي على الرأي العام، وليس من دون مغزى، ان تسمع من يقول لك من المواطنين وسط اجواء الفاجعة ان الامر لايعدو عن كونه صراعا بين السياسيين انفسهم، مع ما تعنيه هذه العبارة من مؤشرات خطيرة وضارة بالتعبئة لهزيمة الارهاب.

من جانبي، وبعد كل تفجير وهجوم انتحاري واختراق امني ابحث في رد فعل القائمة العراقية وفي تصريحات المحسوبين عليها للاسترشاد الى موقفها من ملف الارهاب والجهات التي تقف خلفه، واتوقف كثيرا عند التشكيل اللغوي الذي تطلقه القائمة على مذابح وحشية تطال المواطنين او مزدحمات واسواق منتخبة ضمن حسابات طائفية، واتوصل، كما في كل مرة، الى ان الجاني يبقى، بالنسبة للعراقية، جهة رمادية تتمدد، وتتموضع، خارج تحمُّل المسؤولية كشريك سياسي في كابينة الحكم، كما تلقي على الحادث من الصفات والملامح بحيث تبعده عن ظنة الفعل الاجرامي من قبل تنظيمات القاعدة او فلول النظام السابق، وهما الجهتان اللتان تأخذان على نفسهما هذه المهمة “الجهادية” وتعلنان صراحة تبنيهما لهذه الهجمات، ولم اعثر، ولا مرة، على تأشير باسم العراقية عن مسؤولية هذه القوى عن المذابح والتفجيرات واعمال الاغتيال المنظمة.

وايضاحا، فالحديث هنا لا يشمل تلك الاعمال الاجرامية التي تحمل بصمات واضحة لمجموعات مسلحة تنفذ “اشواق” جهات اقليمية، حيث الامر معروفا بالنسبة للمحللين والجمهور والسياسيين معا.

وفيما تكتفي العراقية، في اغلب الاحيان، بإدانة الاعمال الارهابية فانها تبتعد عن اية اشارة للفاعلين الحقيقيين للتفجيرات والهجمات والاعمال الانتحارية والذين يعترفون بارتكابهم لها، بل وتتفنن في خلط الاوراق وزحلقة الكلام الى شبهات تتجه الى مسؤولية جهات اخرى غير التكفيريين والمتطرفين الاسلاميين الجهاديين وبقايا افراد اجهزة النظام السابق القمعية، ثم تنصرف، وكما في كل مرة ايضا، الى اللعب في ساحة اخرى تتصل بمشاكلها مع رئاسة الحكومة، في محاولة للتأكيد على فشلها في حماية ارواح الناس، وهي نصف الحقيقة فيما نصفها الآخر نجده في الدعم الذي تتلقاه العصابات الاجرامية من خارج الحدود ومن جيوب داخلية لم تعد خافية على احد.

وفي هذا التشكيل اللغوي المصمم على مقاس الصراعات التي تخوضها القائمة العراقية، يصبح العمل الارهابي، في بعض الاحيان، مطلوبا، ومبررا، بالنسبة لها لتحسين موقعها في موازين المواجهة السياسية، ويمكن استباق الاتهام بالعجالة في هذا الاستنتاج، بالقول، ان القائمة العراقية تضم الى جانب الخطوط المعتدلة والمناهضة للطائفية والارهاب والحريصة على العملية السياسية خطوطا اخرى سعت وتسعى الى المراهنة على اعمال الارهاب، والى توظيفها، بمختلف الاشكال، في الصراع السياسي، وبينها من يمتد، بشكل من الاشكال، الى شبكة المشروع الارهابي عبر اقنية موصولة باحد مكوناته او احدى ساحاته، الامر الذي لم يعد افتراضا.. كما لم تعد تلك التصريحات التي تنفي عن القاعدة وفلول النظام السابق المسؤولية عن اعمال التفجير، على لسان بعض زعامات العراقية، بمثابة زلات لسان، إذا ما امعنّا النظر في توقيتها وفي الجهة التي يراد ايصال الرسالة لها.
 

“حتى بأفضل وأغلى معدات التصوير، قد تكون صورك مملة للناظرين”.
                                                                                        احدهم


جريدة (الاتحاد) بغداد
 

 

free web counter