| الناس | الثقافية |  وثائق |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

 

عبد المنعم الأعسم

mm14mm@yahoo.com

 

 

 

                                                              الجمعة  18 / 7 / 2014


 

تقسيم العراق في العقل الظني

عبد المنعم الاعسم 

تقسيم العراق الى سيادات (دويلات. امارات..) واحد من الاحتمالات التي يمكن ان يتمخض عنها الصراع القائم، ينحسر أو يتسع، بحسب آثار ومديات الانشقاق في النسيج الوطني، وكذلك بحسب موقف الدول صاحبة الثقل والتاثير في هذا النسيج، وبمعنى آخر، فان تقسيم العراق (ولا نعني الى فيدراليات) تفرضه جملة من المعطيات التي ينبغي (لمن يتصدى للموضوع) ان يمعن النظر فيها، وفي حقائقها.

لكن العقل الظني يضع هذا جانبا، ويعلن "لا تتعبوا انفسكم.. العراق سيُقسم، لأنهم يريدونه كذلك" وينصرف الى توليف هذا الحكم على اساس النيات المبيتة للقوى الخارجية، غير المعلن عنها، او جرى الإفصاح عن نقيضها "للتضليل" او جاء ذكرها بين السطور وفي زلّات اللسان، والنتيجة، ان التقسيم هذا (كما يقطع العقل الظني) مشروع سري "جهنمي" يجد طريقه الى التنفيذ بتوقيتات محددة، ولا فائدة من ذمّ هذا القادم الكريه، مثلما لافائدة من ذمّ الشيطان الرجيم.

موضوعنا يتناول اشكال النظر الى احتمال التقسيم، ومحاولات ترسيم تجلياته (من قبل العقل الظني)على اساس منظور المؤامرة المبيّته للدول المجاورة، او القوى الكبرى، فيما يتأكد للمحلل (المتحرر من هذا المنظور) ان هذه الدول الموزعة في تعاطفها على المكونات السكانية تنظر الآن بهلع الى خيار تقسيم العراق لأنها تعرف بان الدويلات المنبثقة عن الدولة الام ستكون عبئأ عليها، وقد تشكل منزلقا لها الى ساحة حرب لا حدود لنتائجها الكارثية، وأهوالها.

هذا لا يعني تشجيعا منّا للنظر الى الدول المجاورة كجهات مُحسنة، بل يعني حصرا القول بان هذه الدول (بحسب مصالحها الاستراتيجية) تريد عراقا مضمون الجانب، كفيلا لنفوذها، موحدا، يكفيها شر الاضطرابات، ولا يصدر لها أزماته وفضلات احتقاناته الطائفية. اما الثروات التي يقال انها مطمع تلك الدول فان دولة عراقية موحدة اضمن لذلك المطمع من ان تكون دويلات تخوّض في حرائق تحول الثروات الى كومة من القش، ثم الى اعمدة دخان.

العقل الظني مغرم بالحديث عن التاريخ، بطريقة انتقائية، فيقول لك ان "تدمير" العراق وتفتيته الى دويلات حلقة من مسلسل بدأ من الاندلس على يد "الغرب المسحي" حين تزوج فرديناند ملك أراغون من إيزابيلا ملكة قشتالة في القرن الخامس عشر واتحدت المملكتان لتدمير وحدة غرناطة العربية، لكن الرواة الظنيين لم يتحدثوا عن احزاب الطوائف "الاسلامية" التي فسدت حتى النخاع، وتقاتلت على السلطة حتى في غرف النوم، ثم باعت اوطانها برقائق ذهب اكتشفت انها مغشوشة، لكن بعد عبور البحر.. وفوات الاوان.

"يأتي على الناس زمان لا تـُقرّ فيه عينُ حليم"

                                                      لقمان الحكيم

(*) جريدة (الاتحاد) بغداد



 

free web counter