| الناس | الثقافية |  وثائق |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

 

عبد المنعم الأعسم

malasam2@hotmail.com

 

 

 

 

الأحد 17 /12/ 2006

 

 

تقرير بيكر: اللعب واللاعبون

عبدالمنعم الاعسم

فجأة تراجع الخطاب الجهادي، القومي الاسلامي، المناهض للولايات المتحدة الى لهجة جديدة اكثر اعتدالا و”انصافا” بعد نشر تقرير بيكر هاملتون بصدد السياسة الامريكية في العراق، حيث اكتشف هذا الخطاب بان ثمة في امريكا غير جورج بوش وديك تشيني ودونالد رامسفيلد، وصارت الدعوات لـ”إخراج المحتل من العراق” ذات ملمس ناعم، يمكنك ان تتدثر بها من غير خشية بانها ستعضّك، او تتهمك بالتواطؤ مع الامبريالية والصهيونية.
الى عهد قريب، ربما قبل اسبوعين، كان كل من يشتم الامريكان يمكنه ان يدخل نادي الفروسية العربية والاسلامية حتى وإن كان سجله زاخرا بالوساخات وتجارة المخدرات والفلاشا والجنس، في حين ارتفعت عضوية هذا النادي، في غفلة من الزمن، حد التخمة لتضم كل من هب ودب وجميع المتدربين على الخطابات الحماسية في التظاهرات، حتى لم يعد ثمة مكان شاغر في النادي لاولئك الذين يحتفظون بخدمة طويلة في مقارعة السياسات الامريكية، ولم يكن ذلك ممكنا في السابق لولا تقرير بيكر-هاملتون الذي رسم صورة غامضة لمستقبل العراق تفتح شهية الطامعين به، فيما علق احد الظرفاء العراقيين على ذلك التقرير بالقول: لم يبق للتقرير إلا ان يقول اعيدوا صدام حسين الى الحكم، وحبذا لو استبدل بطارق عزيز، على طريقة نصائحه المركبة والمتداخلة والمتناسلة.
يحسن هنا ان نتذكر ان الوزير الاسبق الجمهوري جيمس بيكر كان قد ابتلع يوما اهانة ثقيلة من طارق عزيزحين التقاه عشية حرب الكويت وقدم له رسالة من جورج بوش الاب الى صدام حسين لكن عزيز دعكها مرتين قبل يلقيها بوجه بيكر قائلا له: “أعدها الى رئيسك، نحن لا نقبل تهديداتكم” وحينذاك كتبت الصحافة الامريكية تقول ان بيكر خذل رئيسه بان اعاد اليه المظروف مدعوكا، وحمّل عزيز، بدله، انطباعا بان الولايات المتحدة ستتركه من غير عقاب.. وهذا ما حدث.
على شاشات الفضائيات التي احترفت التجييش ضد الولايات المتحدة بدأنا هذه الايام نتلقى الكثير من حقن التعقل بالقول ان المدرسة الواقعية انتصرت في الولايات المتحدة ، وان بيكر يمثل امريكا الجديدة التي ينبغي علينا ان نتفهم مصالحها، وان الايام المقبلة ستشهد تحولا امريكيا جديدا من القضية الفلسطينية، والغريب ان فرسان التجييش ضد امريكا، سابقا، هم انفسم فرسان التهدئة معها الآن، وقد بلغ الامر باحدهم ان يذكرنا بان الولايات المتحدة”في الحقيقة والواقع” هي مصدر شفائنا من الامراض والعلل والتخلف، بعد ان كانت قبل ايام مصدر شقائنا وبلاوينا ومحننا.
في احدى تلك الفضائيات امتدح متحاورون مساء الخميس على الهواء تقرير بيكر، وتحمسوا له ولامريكا الواقعية التي ستنصف الفلسطينيين، بعد عداء، والتي ستجيد اللعب في الساحة العربية، وعلينا- كما قالوا- ان نبادلها اللعب، فجاءهم على التلفون تعليق من مشاهد مصري يقول: ايه الحكاية يا اخوانّا.. هوّه لعْب عيال والا ايه؟.
ـــــــــــــــــــ
..وكلام مفيد
ـــــــــــــــــــ

الفم المقفل لا يدخله الذباب ” .
                           مثل قديم
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
جريدة(الاتحاد) بغداد