| الناس | الثقافية |  وثائق |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

 

عبد المنعم الأعسم

mm14mm@yahoo.com

 

 

 

                                                                               السبت 17/12/ 2011

 

عزاء في صفوف "المقاومة"

عبد المنعم الاعسم

المناسبة هي إنزال العلم الامريكي ورفع علم العراق محله في خطوة احتفالية تعلن انسحاب آخر جندي امريكي قبل موعد الانسحاب المقرر باسبوعين، الامر الذي يفترض (اقول يفترض) ان يكون، بالنسبة لأولئك الذين حملوا السلاح لتحرير العراق من الاحتلال (هكذا قالوا) موضع فرح وتبادل تهان، في الاقل، ولا نطلب، بل ولا نتوقع، الاعلان عن وقف العمل المسلح والانخراط في النشاط السلمي الاهلي، فورا، فلهذه الخطوة اصحاب غير اصحاب هذه المقاومة.
من بيانات المحسوبين على “المقاومة” ونداءاتهم على مواقع الشبكة العنكبوتية ومقالات بعضهم في الصحف الخليجية نعرف انهم غير معنيين بهذه الخطوة، وغير مسرورين بانسحاب القوات الامريكية من العراق، وان قولهم بان هذه الخطوة وذلك الانسحاب شكليان، ومحض ترتيب لـلاحتلال، وان النظام السياسي لا يزال تابعا للولايات المتحدة، لا يخرج عن تبرير مثقوب بالنيات الشريرة لمواصلة اعمال العنف والقتل والتفجير، وسعيا للتحكم او المشاركة في المعادلة الامنية لما بعد الانسحاب، وربما، بالنسبة لبعض الجماعات المسلحة، محاولة لتحسين شروط وفواتير التفاوض مع الامريكان او مع كابينة الحكومة.
على ان القضية تخرج عن التبسيط عندما نقرأ موقف الجماعات الاسلامية الجهادية التي ارتبطت بالمشروع الارهابي الدولي على ضوء الصراع الاشمل بين هذا المشروع والولايات المتحدة والغرب، فان شكل وطبيعة الحكم في العراق، وفي اي بلد آخر، لا يعني هذه الجماعات بقدر ما تعنيها مواصفات وظروف وتسهيلات الساحة التي تتحرك عليها لتوجيه ضربات لـ”العدو” وبمعنى واضح، ينظر المجاهدون وحلفاؤهم الى الساحة العراقية، الرخوة سياسيا وامنيا، والمفتوحة الحدود والمضطربة الاحوال، كافضل ميدان، من اي ميدان آخر في العالم، لمواجهة الامريكان وجها لوجه، والانتقام منهم مباشرة على طريقة حرب العصابات التي لا تتوفر الآن لهم إلا في افغانستان، ومناطق اقل شأنا.
يبقى الحديث عن احتمال قلب الاوضاع العراقية على يد الجماعات المسلحة بعد انسحاب القوات الامريكية، يحتاج الى خيال سياسي جامح، او نظرية حتميات بالية، وسيبقى هذا الاحتمال العقيم في حدود التهويل السياسي الايحائي الذي احترفته بعض بطانات المشهد السياسي النافذ لتخويف الجمهور واخضاعه ونيل تأييده.
وبمعنى اكثر وضوحا، يمكن القول، ان تفكيك ثكنات القوات المحتلة في العراق، وسحب آخر جندي امريكي من الاراضي العراقية، سيترك “المقاومة” وجماعاتها المختلفة بلا عدو تواجهه في الشوارع او يقع تحت مرمى قذائفها، فقد كانت تأمل استمرار الاحتلال وجيوشه لاطول فترة ممكنة، وهكذا نصل بسهولة الى تفسير دلالة هذا الاستقبال البارد والحزين لانسحاب القوات الامريكية من قبل الجماعات المسلحة، وايضا، من قبل المراهنين عليهم من بيننا.. اكرر: المراهنين عليهم من بيننا.

“وليسَ يصحّ في الإفهام شيٌ......
إذا احتاج النهارُ الى دليلِ”.
                               المتنبي


جريدة (الاتحاد) بغداد
 

 

 

free web counter