| الناس | الثقافية |  وثائق |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

 

عبد المنعم الأعسم

malasam2@hotmail.com

 

 

 

 

الأربعاء 16/5/ 2007

 



وداعا لـ (الثورة) اهلا بـ(الثوار)


عبد المنعم الاعسم

إعلان المجلس الاعلى للثورة الاسلامية في العراق تخليه عن كلمة"الثورة" يصلح ان يكون مدخلا للبحث في مصير هذه المفردة الساحرة، دلالة وظلالا على الارض، في مرحلة عراقية يفترض ان تكون خاتمة لمشـــــوار الثورات والانقلابــــــــــــات والمؤامرات، وفي بالنا، دائما، تلك الحكمة العميقة القائلة: الثورة يفجرها الشجعان ويســــــــــــتثمرها الجبناء، وفي سجل هذه المنطقة، وربما في خارطة ما تسمى بدول العالم الثالث، ثمة العشرات من الحالات التي اتسخ فيها ثوب الثورة بالذنوب والجرائم، ونط الى قاطرتها الانتهازيون والبلطجية وتجار الشعارات.. ولا اعرف غير العقيد القذافي من بقي حتى اليوم يحتفظ بعناد في لقب "قائد الثورة" مع ان ثمة اربعين ونيف من السنين تفصلنا عن انقلاب الفاتح من سبتمبر، وتفصل الليبيين عن راحة البال.
وإذ تندلع الثورة عادة من العاصمة فان احدا من سكان بغداد لا يتوقع ان يصحو صباحا على اعلان منع التجول وسيطرة الجيش على الاذاعة لضبط الامن، واغلاق الحدود، واقالة الحكومة، فان منع التجول قائم فعلا، وانه لا وجود لجيش له فاعلية التحرك لضبط الامن وقد عجز عن ضبطه اصلا في الاحوال الطبيعية فكيف سيضبطه في حالة الثورة، كما انه ليست هناك اذاعة يجري توقيت انضباط السكان عليها وسط هذه الفوضى من الاذاعات والاقنية التلفزيونية، وان الحديث عن اغلاق الحدود سيكون نكتة على كل لسان، واخيرا، فان اقالة الحكومة لا يغيّر من طبيعة الاوضاع، وربما لن يكون سوى خبر مثير من بين الكثير من الاخبار العراقية المثيرة على مدار الساعة.
على الرغم من ذلك فانه لا يزال بعض الساسة، او وكلائهم، يتحدثون عن عملية عسكرية جراحية، في الطريق، لاستعادة الاستقرار وانهاء الدوامة الامنية والسياسية، واحسب ان الامر لا يعدو عن كونه، وهما او اضغاث احلام، او بالونا آخر ينضم الى عشرات البالونات السياسية التي تتلبد بها سماء العراق وهي على العموم فاصلة في الانواء السياسية القائمة.
جوهر القضية يتمثل في بطلان صيغة "الثورة" كعملية للتغيير، في العراق وفي بلدان كثيرة في اسيا وافريقيا وامريكا الللاتينية.. فمن جهة حصنت النخب الحاكمة نفسها ازاء الاخطار، فانهت استقلال المؤسسات العسكرية، وربطت جيوشها بقصورها، وانحنت، وإن على نحو متفاوت، امام الراي العام، واخذت مضادا حيويا ازاء كواليس التآمر، وحسنت الى حد كبير كفاية اجهزتها وتوابعها لرصد مكامن هبوب الرياح، ومن جهة اخرى انفتحت امام الشعوب المقهورة افاق التغيير والاصلاح ونيل الحرية وحقوق الانسان عبر معارك سلمية ومدنية تنتهي بالعصيان المدني، في ظل وضع دولي مؤاتٍ، وخدمة اعلامية مؤثرة لا قبل لقوى الاستبداد على لجمها او احتوائها.
في العلوم السياسية الجديدة، ولغتها المعاصرة، لم تسقط مفردة الثورة، بل تكيّفت وارتبطت بتحولات العصر في مجالات التكنولوجيا والمعلومات والفكر والخدمات والطب والجينات والطبيعة، بل وصار لهذه الثورات ثوارا شجعانا عن حق، إذْ تعلق البشرية عليهم امالا في تحسين امنها وشروط حياتها.. ثواراً يأتوننا مشيا على الاقدام وليس بالدبابات.
ــــــــــــــــــــــــــــ
.. وكلام مفيد
ــــــــــــــــــــــــــــ
" السلام أرخى للبال، وأبقى لنفوس الرجال ".
                                                      كلمة مأثورة - مستطرف العلوي

جريدة(الاتحاد) بغداد