| الناس | الثقافية |  وثائق |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

 

عبد المنعم الأعسم

malasam2@hotmail.com

 

 

 

الأحد 14/9/ 2008



جريمة الموصل..
تخطيط اولي لعقيدة القتل

عبدالمنعم الاعسم
 
لا يمكن لحادث اختطاف وقتل اربعة اعلاميين من فضائية الشرقية، وبالطريقة البربرية التي تم بها ، ان لا يهز وجدان كل من تابع فصول هذا الجريمة المروعة، وان لا يستفز مشاعر الاعلاميين في كل مكان.. ثم، ان لا يثير تداعيات في النقطة السوداء التي تنطلق منها الرصاصة، ليكون اي واحد منا شاهدا وضحية في آن، ثم، لندخل في خواطر والتباسات تقربنا مما يسميه المحققون الجنائيون: هدف الجريمة.
فإن تقتل اعلاميا فانك تختار اقصر الطرق لايصال رسالتك الى حيث تريد، وان تقتل، مرة واحدة، مجموعة من الاعلاميين، فانك حققت هدفين في وقت واحد: الاول اسكتّ صوتا من اصوات الحرية وتخلصت من صاحبه، والثاني، وصلتَ، كقاتل، على نحو اسرع الى مانشيتات الصحف ومقدمات نشرات الاخبار، باسم او من غير اسم.
هكذا ينصحك صاحب المشروع الإلغائي الدموي، تحت اي لافتة يعمل، ويعطيك امثلة عديدة عن عقيدته التي تبرر مثل هذه الجرائم المروعة ، التي قد تكون تهديدا مباشرا للمرفق الاعلامي الذي تتبعه، او إرعابا للجمهور الآمن، او ايحاء مقصودا بالفوضى التي تعم البلاد.
اذن، فحين تكون إعلاميا في هذه البلاد العجيبة فان عليك ان تعرف ان رأسك مطلوب لاكثر من جهة، ولاكثر من قاتل، لاولئك الذين يتحينون الفرص بك لاختطافك وذبحك، لمعاقبة غيرك، ولاولئك الذين تغيضهم مواكب طالبات المدارس وتطلعات الجمهور الى حياة انسانية عادية فيرمون بجثتك مذبوحا على رصيف عام يمر به الجميع، ولآخرين تعنيهم ترويج صورة الفلتان التي تعم العراق، فيختطفونك في وضح النهار فيما القوات الامنية على بعد ياردات قليلة.
هذا ما يحدث لك اذا كنت اعلاميا في العراق، وحين تنجو من واحد من هذه الاقدار او جميعها ، فانت محظوظ، وقد كسبت عمرا اضافيا، لكن لا يصح ان تفرح كثيرا بهذا الامتياز المؤقت، لانك تعيش آنذاك في الوقت الضائع الذي احتسبه حكم اللعبة لك، وقد يكون هذا الحكم صدفة من الصدف، او حذرا غريزيا من مكامن الخطر، او هاجس استعرته من زميل سقط في الخطوة التي سبقتك.
قال لي صديق اعلامي: مرة نظرت في عيون طفلتي صباحا فلمحت موتي الفاجع، فعدلت عن المغادرة الى العمل لساعات متحججا بحوادث الطرق، مع شعور اني فررت من قاتل يتتيعني. وقال لي آخر: نجوت ثلاث مرات من موت محقق، وفي مرة منها كنت مستهدفا. وذكر لي اعلامي ثالث بانه تلقى تهديدان في عام واحد، في التهديد الاول غير مسكنه، وفي الثاني، غير المرفق الذي يعمل فيه.
بمقتل الاعلاميين الثلاثة من الشرقية وسائقهم في الموصل يصل عدد الصحفيين الذين قتلوا في العراق منذ العام 2003 الى 243 صحفياً من عراقيين واجانب.. عدّوا معي كم يحتاج غيرنا من الحروب لكي يلتحق بنا الى هذا المستنقع.

ـــــــــــــــ
كلام مفيد
ـــــــــــــــ
"
الضمير لا يمنع المرء من ارتكاب الجريمة، انه يمنعه من الاستمتاع بها"
                   
                                                                تحقيق جنائي


 

free web counter