| الناس | الثقافية |  وثائق |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

 

عبد المنعم الأعسم

mm14mm@yahoo.com

 

 

 

                                                                                         السبت 16/4/ 2011

 

مثقفون جلادون..
استدراك خاص

عبد المنعم الاعسم 

في حوار سريع مع فضائية “الفيحاء” كان الزميل محمد الكاظمي قد جرني بلباقته الصادقة الى موضوع دور المثقفين في مواجهة الدكتاتورية، وقد ابلى الاديب جمعة مطلك بلاءا ناجزا في توليف منطلقات الموضوع، وكنت سأقول كلاما ذي صلة بجوهر القضية، وكالعادة، فان “وقت البرنامج انتهى” وجاء دور الاصدقاء الذين علـّقوا وعاتبوا ودققوا وصوّبوا وصححوا وايدوا واختلفوا.. وهكذا حدث لي كما يحدث للكثيرين غيري لصلة الامر بمرحلة حساسة من تاريخ ملتبس عشناه من زوايا عديدة وتلقينا تبعاته باشكال مختلفة.
الشيء الذي لم اقله، بل واهم شيء لم يسعفني الوقت للاشارة اليه والتوقف عنده، هو الامر المتعلق بالمثقفين الذين لم يستطيعوا الافلات من قبضة الدكتاتورية الحاكمة واولئك الذين لم يكونوا قد فكروا، أصلا، بمغادرة العراق مع جمهرة كثيرة من المثقفين الذين عبروا الحدود (وانا منهم) حاملين معهم خواطرهم ولوحاتهم ونصوصهم وقيثاراتهم وصبواهم الابداعية المختلفة تطلعا الى الحرية، وقد اوحت مطالعتي بالدفاع عن معارضي الدكتاتورية من مثقفي المنافي، هكذا، اني احمـّل من لم يغادر العراق لوما، او القي عليه مطعنا، او اسجل لاولئك امتيازا على هؤلاء، الامر الذي لم اعنه، وقبل ذلك لم أكن لأؤمن به إلا في الحدود التفصيلية التي تتعلق بايضاح المصاعب والملاحقات والتضييقات التي عاناها المنفيون جنب الكثير مما قدموه للثقافة الوطنية العراقية التي لم تخن رسالتها وغير المتواطئة مع الجلاد.
وسوى ذلك، فاني موقن بانه لا يحق لي، ولا لأي مثقف عارض الدكتاتورية وهاجر الى خارج البلاد، ان يحكم على الاخرين بالتواطؤ وخيانة الابداع ورسالته بمجرد انهم لم يهاجروا، بل واعتقد (ولدي بيّنات ومعطيات واسماء) ان بين الذين لم يغادروا كانوا مبدعين شجعانا حقا واوفياء لضمائرهم في تحدي الجلادين، صمتاً، او في تسريب النصوص الى الخارج، او الزوغان عن عيون الرقابة واعوانها، وقد عرّض الكثير من هؤلاء انفسهم للتنكيل بوجوه عديدة.
ذلك حصرا ما كنت ساقوله، من دون ان اغفل القول بان الدكتاتورية انجبت عاقولا ثقافيا شائكا في العراق والقابا واوسمة ورشاوى للعناوين الادبية، فضلا عن جلادين باسم الثقافة عكفوا على تلفيق جماليات لفظية لقبح الاستبداد والغطرسة واعمال الابادة ومصادرة الحريات، وينبغي القول (او الاعتراف من جانبي في الاقل) ان بعض هؤلاء الجلادين المثقفين ليسوا طارئين على الثقافة، وبعضهم، للاسف، لديهم مكانة في سفر الثقافة الوطنية لن تنطفئ بصماتهم بمجرد انهم خذلوا رسالتهم وسقطوا في تلك الهوة السحيقة التي اسمها عالم صدام حسين.
بالضبط كما جرى في ثقافات الشعوب الاخرى. هذا، مثلا، الأديب الانجليزي فرانسيس بيكون في القرن السابع عشر الذي كانت تلاحقه طعون الفساد وسوء السيرة، وقد خان أقرب اصدقائه نظير مبلغ من المال، وقدم للمحاكمة بتهمة الخيانة العظمى، ثم الف كتابه المثير “تقدم العلم” واختتم حياته بادارة غرفة التعذيب الخاصة بالبلاط الملكي.

ولدينا بعض هذا .

ـــــــــــــــ
كلام مفيد
ـــــــــــــــ
"حتى الشخص السيئ ننتفع به في ضرب المثل السيئ
"
                                                            مثل انكليزي


جريدة(الاتحاد) بغداد




 

free web counter