| الناس | الثقافية |  وثائق |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

 

عبد المنعم الأعسم

mm14mm@yahoo.com

 

 

 

                                                                                         الثلاثاء 16/8/ 2011

 

سوريا.. انزلاق الى المجهول

عبد المنعم الاعسم 

لا ينبغي الاستهانة بما يحدث في سوريا. هناك الكثير في الطريق. الاستقطاب يمضي سريعا الى نقطة الانهيار. اما الوصفة المعلنة (الاصلاح) لنزع فتيل برميل البارود فلم تعد ذي قيمة. واما المسؤول عن ذلك فمن غير المفيد ترسيم ملامحه والتنقيب عن المكان الذي يتخندق فيه. المعاهدات والمواثيق لاتعفي الحكومات من المسؤولية. عليها ان تخرج من المعادلة في حال عجزت عن وقف هدر الدماء، فكيف إذا ما كانت هي التي تقوم بهذه الخطيئة بواسطة آلتها الجهنمية الضاربة؟.
السبت الماضي، كنت، في اعتصام نظـّمه سوريون شباب امام سفارة بلادهم في قلب العاصمة البريطانية احتجاجا على “الحل الامني” للازمة. غنوا لبلادهم وتغنوا بها. وضعوا اشرطة ملونة على صدر الشهيد الذي يسقط على مدار الساعة. قالوا سننتصر ويرحل الحكام. قالوا انقذوا حمص وحماة واللاذقية ودير الزور والقامشلي ودرعا واحياء الميدان والقابون في دمشق. قالوا لانركع، ولانحتاج لدعم عسكري خارجي، ولن نبيع التضحيات إلا لدولة مدنية تحترم التعددية ولايحكمها حزب واحد وجهاز مخابرات. قالوا سنواصل الاعتصام اسبوعا بعد اسبوع.
بعد ساعتين، وفي نفس المكان، كان هناك اعتصام آخر لسوريين، ايضا. غنوا لبلادهم ايضا. وهتفوا لشهداء الشعب. حملوا صور الحاكم. وتوعدوا “المخربين” وهم ايضا قالوا لن نركع، ووزعوا على المارة صورا وبيانات قالوا انها حقائق. صرخ شاب من مذياع يدوي: لا للتدخل الخارجي. قال سنموت ويحيى الرئيس، وبالروح والدم. قال لن تمر المؤامرة. قال الشعب يريد الاصلاح.
الانشقاق يتسارع في البنية السكانية السورية، وهناك شعارات تمر من فوق العشب اليابس للطائفية، ومن عود الثقاب المحتقن للشكاوى النائمة، وثمة مسار خطر للرد الامني والعسكري ينزلق الى الانتقام، ربما يعجل في التدخل الخارجي، مقابل فتاوي من خارج الحدود تتضارب فيما بينها وتقاتل بعضها على الارض السورية، والغطرسة السياسية تتجاهل مؤشرات الانفجار، وارقام القتلى تخوض في مشهد مفزع من الابرياء، والمتضاهرين السلميين.
ما يجري في سوريا يتجاوز ما يبدو لنا انها حركة احتجاج تـُواجَه بالرصاص الحي. ليس صحيحا بان الاعلام يضخم في الاحداث. الهوة كبيرة وتتعمق باضطراد بين شعب يتوزع على خيارين، التغيير ووعود التغيير. ما يجري حرب بالالوان الطبيعية، والاكيد في هذا، انها حرب عابرة الحدود، والاكثر تأكيدا انها لن تقف عند حد، ولا توفر راسا من الرؤوس الباردة التي تراهن على استخدام القوة كاسلوب في الحكم.
 

"لا تسقط التفاحة بعيداً عن شجرتها"
                                              مثل روماني

جريدة(الاتحاد) بغداد
 

 

 

free web counter