| الناس | الثقافية |  وثائق |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

 

عبد المنعم الأعسم

mm14mm@yahoo.com

 

 

 

                                                                                         الثلاثاء 16/8/ 2011

 

ماذا اكتب عن الكرد الفيلية؟

عبد المنعم الاعسم 

رسالة الصديق الكاتب رياض فيلي برجاء الكتابة عن قضية الكرد الفيلية امامي منذ اكثر من شهر، اعود لها بين الحين والآخر فاشعر بالذنب ان لا يتوفر لدي الوقت لتبرير ثقة الكاتب بي، اخذا بالاعتبار بان المطلوب المساهمة ببحث يتوزع على خمسة عشر محورا يبدأ بتاريخهم وحضارتهم وشواهد المدن التي عاشوا فيها واصولهم وعاداتهم ومكانتهم في الحياة السياسية وبصماتهم في الكتب والمدونات والنصوص وكتبهم ومبدعيهم ومعاناتهم والمظالم التي لحقت بهم واحوالهم في بلاد المهجر، وما الذي حل بهم بعد سقوط الدكتاتورية الفاجرة التي نفذت خطة منهجية لاستئصالهم من منازلهم واعمالهم وبلادهم وارسلت الكثير من شبيبتهم احياء الى قبور جماعية.

وإذ جاءت هذه الرسالة في زحمة التزامات قاهرة، وعوارض صحية، وسفر، فاني لا اشعر باي نوع من الفضل على الكرد الفيليين حين اقول باني كتبت الكثير عن قضيتهم التي اعدها من القضايا النبيلة ذات الصلة بشريحة عراقية كردية التصقت بالعراق وضحّت من اجله ووضعته في جوانحها ومحبتها واعتزازها، على الرغم من الضيم الذي لحقها منه بصفة السلطة والطغمة الحاكمة واجهزتها الشوفينية، لكنها كانت تميز بين الصفة والموصوف، فتكره المتوطن وتحب الوطن.

اقول، لا فضل لي على الكرد الفيليين، ولا اشعر بدين لي عليهم، بل هم اصحاب الفضل عليّ، وانا المدين لهم، إذ عشت في احد احيائهم عهدا ما، ونلت محبتهم وحمايتهم حين كانت تتهددني فضلات السلطة الغاشمة، ودخلت منازلهم واكلت من اوانيهم وتنانيرهم، وياما جلست على موائدهم، وشاركتهم افراحهم ومصائبهم، وشاركوني صبواتي ومعاركي، وعقدت مع الكثيرين منهم صداقات ابدية، الفضل في استمرار تلك الصداقات لهم، فالفيليون اوفياء لاصدقائهم وابناء احيائهم، يـُنتخون فيجيرون، وقد يضعون صدورهم بينك وبين الرصاص حين يعرفون صدق الاصرة التي تجمعك بهم.

بين الكرد الفيلية شركاء لي في رحلة الصحافة والحياة. اسماء باسقة، نزيهة، ونبيلة، اعرف الكثير من مآثرها ومواقفها، واحسب اني لا افارقها، حتى الآن، مهما شمرت بنا الاحداث ودورات الفلك ورمت بنا في القارات والدول المتباعدة، وثمة الكثير من ابناء هذه الشريحة اعرفهم ويعرفونني من غير ان التقيهم في المكان والمناسبة، ولطالما افاجأ بعائلات ورجال وسيدات وشبان منهم يعرفونني جيدا، وكأني واحد منهم، وفي مرات عديدة استرشد مع بعضهم الى ذكريات بعيدة فاسألهم عن اصدقاء لي يمتون لهم بصلة وإذا بهم توفوا منذ زمن، او قضوا في احداث أو وراء القضبان، فاحزن لمصائرهم، واسجل في حافظتي اسماءهم او كناياتهم، او تلك الحكايات والطرف التي عرفوا بها.

في الاحياء التي جمعتنا، كان الفتيان الفيلية شجعانا، حين كانت الشجاعة الشعبية تمثل الفروسية وكف الاعتداء والاستهزاء بالاخطار، واعرف انهم، بعد رحيل صدام لم يلحقوا الاذى بالعائلات التي احتلت منازلهم بعد إجلائهم عنها عنوة غداة حملة الاستئصال، ولا يزالون ينتظرون من حكومة العهد الجديد لفتة تسوية عادلة وقانونية للمظالم التي لحقتهم، فيما الحكومة تتعامل معهم، حتى الان، باذن من طين وإذن من عجين.
 

"الساكت عن الحق شيطان اخرس"
                                              مثل
 

 

free web counter