موقع الناس     http://al-nnas.com/

آفاق المستقبل..هذا اللغز


عبدالمنعم الاعسم
malasam2@hotmail.com

الأحد 15/10/ 2006

في كل منعطف او تشابك او انهيار عراقي يَطرح السؤال نفسه عن آفاق المستقبل، ثم يستنفر اصحاب الشأن والمعنيون والكتاب والمحللون والدعاة وخطباء الجوامع في البحث عن جواب شاف، او عن دربونة يختبئون فيها من استحقاقات السؤال، او جملة تقول الشيء ونقيضه، وفي النهاية لا نعرف جوابا عن الافاق ولا عن المستقبل.
عندما بدأت اولى بوادر انهيار الجمهورية اليوغسلافية كان سلوبودان ميلوسوفيتش يبحث عن(آفاق المستقبل) من موقع في الصف الثاني للقيادة الحاكمة، وكانت تلك الافاق، كما يقول مؤلف سيرته البيبغلورافية آدم ليبور، ليست واضحة كفاية بالنسبة للكثير من قادة الصف الاول، وكان دائما يتحدث عن الاهمية التي سيحظى بها هو في يوم ما، في انعطافة ما وفي نهاية ما، وهكذا تحققت نبوءته في النهاية الدراماتيكية لحياته وراء القضبان، لكن الصحفي الكرواتي سلافن لاتيستا يقول بان آفاق المستقبل الموصولة بالدولة اليوغسلافية بالنسبة لميلوسوفيتش كانت منذ البداية محفوفة بالمخاطر” وحين سئل مرة عن تلك الافاق، فيما بدأت تتفكك امبراطورية تيتو، ضحك ثم هبت على وجهه صفرة وامتعاض”.
معرفة المستقبل فرع من فروع علم خوارق الاحساس، وقد دخل منذ زمن ليس ببعيد في اطار علم النفس، وعلى التو انشغل العلماء الذين عنوا في قراءة اتجاهات المستقبل والتنبؤ باحداثه واحكامه بوضع قواعد اكاديمية تحول دون تماهي هذا العلم بالخرافة والتنجيم وسوء القصد، غير ان باحثا منهم قال “لو توفرت لنا نصف امكانيات تجارب الفيزيائيين وادواتهم في مختبراتهم لتمكنا من تقديم خدمات هائلة للاجيال البشرية في مجال المعرفة واستشعار الاحداث قبل وقوعها. ان عالم المستقبليات ينبغي ان يتحصن ضد نزعة التمني والتحيز، وكلاهما مناهضان للعلم”.
المشكلة لدى غالبية المتحدثين عن(آفاق المستقبل) بالنسبة للعراق انهم يستبعدون العقل في الاسترشاد الى تلك الافاق، ويحلون محله التمنيات، او التعويل على الحتميات واللاهوت والصدف، ويذهب البعض منهم الى استخدام جرعة مخدرة عنوانها “لا يصح إلا الصحيح” حتى بعد ان ينتصر الخطأ في اكثر من مفصل، والغريب ان ثمة دعاة يحاولون تضليل جمهرة من ضحايا العنف والخوف والتهديد اليومي بالقول انه كلما تشتد الازمة، وتسيل الدماء وتنتشر المظالم والجثث سيأتي الفرج، وربما يتذكر الكثيرون عبارة ميشيل عفلق التي كانت الدكتاتورية البائدة تحرص على تسويقها الى الشارع وتحشرها في حيرة الملايين خلال الازمات والحروب والحصار من ان الامة تجدد نفسها حين تهان، وان الكوارث والمصائب تقربها من الانتصار.
نحتاج ان يعكف الجميع على معرفة (آفاق المستقبل) كما هي، لا كما نتمناها، سيما وان هذا المستقبل ليس فزورة ولا هو وراء الغيب.. فمن سيتسلق السارية ليرى؟.


ــــــــــــــــــــــ
..وكلام مفيد
ـــــــــــــــــــــــ
جوهر الادارة هو قوة التنبؤ قبل حدوث الاشياء ”.
                                                              هنري فابول

جريدة(الاتحاد)بغداد