| الناس | الثقافية |  وثائق |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

 

عبد المنعم الأعسم

malasam2@hotmail.com

 

 

 

 

الجمعة 14/9/ 2007

 


 

الكرد.. نجمة النارنج

عبدالمنعم الاعسم

لا أتذكر أين قرأت أن حكيما وصف عصير قشور النارنج لجماعة ضربها عارض الأنتقام وتفننت بالثأر، وأرتكبت من أجل شفاء غليلها ما عفت عنه الذئاب والوحوش من أعمال مشينة، فأعيت نفسها وخذلت أجيالها، وكان، بعد تلك النصيحة، أن عم التسامح بين الجماعة وشركائها وجيرانها، وتكونت بعد ذلك-في ذلك الأرخبيل- حاضرة النارنج التي يضرب المثل بها في التسامح.
ويبدو لي أن هذه الحكاية الاسطورية أوحت لشاعر فلسطيني مهم هو ناهض الريس أن يطلق على ديوانه المشغول بقيم المودة أسم "مملكة النارنج" وربما هو السبب في أحتفاء الشاعر العربي الكبير أحمد عبدالمعطي حجازي الذي يقاتل الأن ضد سلاطين الأنتقام الأحتفاء بهذا الديوان، بل انه تهجأ عمق معاني المقاومة في دلالة التسامح، وخسة الأنتقام في نزعة التطرف.
طبيا لم استرشد إلى علاقة عصير قشور النارنج بنعرة الإنتقام، فهو من هذه الناحية يفيد في "تقوية القلب والأمعاء وطرد الغازات" لكن ثمة في حكمة الحكماء سحر التأثير في الناس مما لا يصنعه الدواء، ولا يردعه الداء، فتهدئ النفوس وتطيّب الخواطر وتصنع المعجزات، وتحصن الملايين من الفناء المحتم في دورة الانتقام.. يقول الريس في قصيدة (مملكة النارنج):
" فهلمّ.. قد آن الأوان، لكى نميط لثامه
ونفك طلسم تلكم الأمشاج فيه
وذلك النسغ الذى ينساب منه إلى بنيه مرا
ويسري فى الجذوع النامية
فيصونها من غزو أسباب الفناء
".
في نفقنا العراقي المظلم افتقدنا التسامح، وصار الثأر شعارا سياسيا للمرحلة، ودخلنا مأزق الكراهية ودوامة التفنن بالإنتقام ، وأضعنا الطريق الى معافاة أنفسنا من عارض الريبة والانتقام، وصرنا نبحث عن حكمة النارنج التي تذكرنا بالهوة التي نندفع فيها، وتحذرنا من المآل الذي نسير اليه، فشهقت اولى تلك النجوم من سماء كردستان، وجاءت طلائع النارنج من قرار كردي له هوية الانتساب الى عصر القانون والمدنية، إذ رفضت وزيرة الشهداء والمؤنفلين في حكومة إقليم كردستان جنار سعد عبدالله حضور ممثلين عن ذوي ضحايا الأنفال أو القصف الكيمياوي لمدينة حلبجه مراسيم تنفيذ حكم الإعدام بحق المجرم علي حسن المجيد الملقب بـ"علي الكيمياوي" وقالت "لا نريد أن يتحول الحكم القضائي الى مجرد عملية ثأر وإنتقام، فنحن نريد للقضاء أن يأخذ مجراه فيما يتعلق بمعاقبة المجرمين بحق الشعب الكردي". واشارت إلى أن "وزارة الأنفال أو أي جهة حكومية في الإقليم قد لا تحضر مراسيم تنفيذ حكم الإعدام بالمدانين، ويفترض أن يحضرها رجال الدين والقانون والمنفذون فقط".
أنْ تكون قريبا من نار الثأر وشفاء الغليل فانت تبتعد بأنسانيتك مسافة عصور، وأنْ تكون بعيدا عن شبهة الثأر فانت تقترب من جنسك، كانسان يستحق الحياة.. تلك هي حكمة ماء قشور النارنج الكردية.
ـــــــــــــــــــــ
..وكلام مفيد
ـــــــــــــــــــــ
" التسامح فن الشعوب المتطورة ".
                                           افلاطون