| الناس | الثقافية |  وثائق |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

 

عبد المنعم الأعسم

malasam2@hotmail.com

 

 

 

الأحد 14/9/ 2008



الصحوات: تفاهم.. ام سوء تفاهم؟

عبدالمنعم الاعسم
 
ما يجري داخل حركة ما يسمى بـ "الصحوات"التي تأخذ على نفسها جانبا من الحملة على تنظيمات القاعدة والجماعات الارهابية الاخرى في بغداد والانبار وصلاح الدين وديالى والموصل يثير الكثير من الحيرة، والتأمل، فيما تلقي التصريحات الرسمية حول الموقف من هذه الحركة ودورها واستيعاب المتطوعين فيها الكثير من الغموض، يزداد ويتعمق اذا ما مررنا بمواقف الاحزاب السياسية المعنية بالامر من سبل التعامل مع الصحوات ومصير مئات الالوف من عناصرها، كما يواجه المراقب لهذه اللوحة بصمات الجانب الامريكي على اكثر من فاصلة، وبخاصة ما يتعلق بمبادرة تشكيل الصحوات وطريقة تمويلها والمهمات التي تضطلع فيها.
معروف ان ثمة ظروف مهدت لتشكيل حركة الصحوات، وبيئات احتضنتها، وجهات شجعتها ورعتها ومدتها بالمال والسلاح، الامر الذي يحتاج الى وقفة متمعنة اخرى، غير ان الامر الملح يتمثل في تحول هذه الحركة من وسيلة الى حل لمشكلة الارهاب الى وسيلة لاثارة المزيد من الانشقاق والاضطراب، على خلفية مجموعة من الاخطاء والانتهاكات، وبخاصة، بعد ان تسربت الى صفوفها عناصر القاعدة والجماعات الاخرى، فضلا عن عناصر ارتكبت مذابح بحق المدنيين الامنين، ومثالا على ذلك ما اعلن عن دور رئيس صحوة العامرية(ابو العبد) في تنظيم اعمال قتل جماعي لمواطنين يجري اختطافهم بدواعي الانتقام الطائفي.
وفي هذا المفصل نطالع يوميا تهديدات من قبل قيادات الصحوات بالعودة الى حمل السلاح ضد الحكومة وشكاوى من احزاب الحكومة من تمدد الصحوات الى خارج صلاحياتها، كما نطالع وقائع صراعات بين صحوات واحزاب لها نفوذ في مناطقها، بالاضافة الى عمليات اغتيال وتصفيات فاجعة جرت في الرمادي وتكريت وديالى والموصل، ولعل ما يجري في ديالى من صراع لا يترك مجالا للشك في ان الجانب الحكومي ضائع بين الصحوات التي تمثل ابناء طائفة ومناهضيها من ابناء طائفة اخرى، وربما هذا، حصرا، ما دفع الناطق باسم خطة فرض القانون الى اتهام ‘جهات سياسية’ بتخريب العلاقة بين الحكومة والصحوات، بل انه اتهم الامريكان بفرض لون طائفي واحد على حركة الصحوات، فيما المطلوب ان تكون ممثلة لجميع الطوائف، وهو قول يحتاج الى معاينة من جميع الزوايا، ومن داخل الاسباب التي تقف وراء هذه الشكوى.
وإذا ما تمعن المراقب في سطور التصريحات والتصريحات المضادة، فانه سيكتشف ان المشكلة الرئيسية المطروحة على فرقاء هذا الملف تتمثل في قواعد التعامل بين الصحوات والحكومة، والتعامل هذا يتضمن ميزانية الحركة ورواتب افرادها وطبيعة وحدود مهماتها وهياكلها واشكال علاقتها بالقوات الامنية الحكومية، ويبدو ان ما اعلن عن استيعاب ستة الاف من افراد الصحوات في القوات الحكومية، والنية بقرب صرف رواتب متوقفة لـ 50 الف من الافراد لم يكن ليرضي قيادات الحركة التي تتحدث مئتي الف من الافراد الذين يحملون السلاح ويسدون المنافذ امام تحرك العصابات الارهابية.
وبعبارة، فان الصحوات تحولت الى كرة في ملعب الصراع السياسي في العراق يجري تقاذفها بالكثير من العبث واللامسؤولية.. والمهارة ايضا.
من جانب آخر يبدو ان المخاشنة بين القوات الامنية الحكومية وجماعات الصحوة كانت بمثابة بشرى سارة بالنسبة للمجموعات الارهابية المسلحة التي سرعان ما اتخذت تكتيك جديد يعمق الصراع بين الجانبين، ويفتح الطريق امام عناصر الصحوات الى الانسحاب او التعاون معها، فقد اعلن "امير" القاعدة ابو عمر البغدادي استعداده الى اعلان العفو عن اولئك الذين "هجروا الجهاد" وقاتلوا ضد "دولة العراق الاسلامية" كما دعا عزة الدوري وريث قيادة فلول البعث انصاره المسلحين، في بلاغ صوتي، الى عدم مقاتلة عناصر الصحوات، في لفتة لها مغزى عما قيل عن تراجع بعض شيوخ قبائل الانبار عن دعم حركة الصحوات، وثمة، غير ذلك وهذا، بعض المؤشرات عن اصابع عواصم خليجية في تجهيز موقد الصراعات بالحطب، وطبعا يلعب المال هنا دور الساحر في حرائق يضرمها البشر.
 لكن، اهم خيوط الصراع داخل الصحوات، وفيما بينها وبين القوات الامنية والاحزاب الناشطة في مناطقها، ينبغي تتبعه من النقطة التي بدأت منها مبادرة (او انقلاب عشائرالانبار اولا) نحو تشكيل مجموعات مدنية ريفية تقاتل القاعدة ومجموعات"المقاومة" الاخرى، ونعني بها شعور سكان قبائل المناطق الغربية بالذعر من اتساع نفوذ دولة مجاورة للعراق الذي "صُوّر" لهم انه في طريقه الى ابتلاع العراق كله وانهاء هويته الوطنية، وكما افاد القيادي السابق في احدى الجماعات المسلحة(ابو عزام) في مؤتمر صحفي مصغر عقده في عمان بقوله "أن الفصائل السنية المسلّحة التي قاتلت الأميركيين خلال السنوات السابقة كانت تفعل ذلك "نيابة عن دولة مجاورة" فالسنة كانوا يعانون من نفوذ تلك الدولة من جهة وتشدد القاعدة من جهة أخرى ويدفعون ثمن ذلك بضعف تمثليهم بمؤسسات الدولة التي سيطر عليها الاخرون، بينما بقوا هم خارج اللعبة" ثم وجد ابو عزام وقيادات اخرى في صفوف المسلحين أنّ تغييراً استراتيجياً لا بد أن يبدأ، وبالفعل، قاموا بمفاوضات مع الأميركيين، وبالتحديد في الشهور الأخيرة من عام 2006، ما وصل في النهاية إلى فكرة تشكيل "صحوات عشائرية" داخل المجتمع السني.
تشكيل الصحوات ودخولها الناشط في دورة الاحداث السياسية والامنية خلق، بالمقابل، حساسية لدى بعض خطوط الاحزاب الطائفية المتنفذة، وصار ينظر لها بمثابة محاولة لانتاج توازن جديد في المعادلة السياسية والطائفية قد يقلب الكثير من الترتيبات لما بعد 2003 وقد يؤثر في خارطة الانتخابات المقبلة، وليس من دون مغزى ان يسجل الناطق باسم خطة فرض القانون في بغداد على حركة الصحوات انها تمثل لونا طائفيا واحدا، وذلك في معرض حديثه عن امكانات ضم عناصر الحركة الى القوات الامنية.
على ان الذين ينكرون حقيقة ان حركة الصحوات كانت قد قصمت ظهر تنظيم القاعدة في اكبر مناطق نفوذها، وفي حيزها الجغرافي الاستراتيجي على طول حدود التمويل والمناورة، يتوزعون على عدد من الزوايا، من بينهم اولئك الذين يصرون على انها صفقة، ليس إلا، بين القوات الامريكية وحكومة بغداد وايران ودول الخليج ومشايخ افراد وربما الاتحاد الاوربي والجامعة العربية.. طبقا لخيال اصحاب نظرية المؤامرة.
ـــــــــــــــ
كلام مفيد
ـــــــــــــــ
"
النصيحة بعد وقوع المحذور كالدواء بعد الموت"
                   
                            حكمة

 

free web counter