| الناس | الثقافية |  وثائق |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

 

عبد المنعم الأعسم

mm13mm@live.com

 

 

 

السبت 14/2/ 2009

 

 سياسة لي الاذرع

عبد المنعم الاعسم

 دخلنا، كما يبدو، بعد انتخابات مجالس المحافظات لعبة لي الاذرع، ولحسن حظ المنخرطين في هذه اللعبة ان للجميع اذرع، وان للجميع، من غير استثناء، مواجع في اذرعهم، ومن ينكر ذلك كمن يقول لك انه لن يشيخ ابدا، ومن يتجاهل ذلك كمن لم يسمع يقال عن تحالفات جديدة تكتب الان بالحروف الاولى، واخرى تبدو في مهب الريح، وثالثة تقف على رجل واحدة، ورابعة تولد عليلة، وخامسة في المخاض الاخير من الطلق.

خصوم الامس صاروا سمنا على عسل، وحلفاء البارحة طلّقوا بعضهم بالثلاث، وكثير من الماء جرى تحت الخائبين والمهزومين بانتظار الفرج. اما الشعارات والبرامج والمواقف القديمة فقد تخلى عنها الجميع وصاروا اخف من الريشة، ومن زاوية يبدو ان المطلوب هو تصفيات الحساب: تلوي يدي هنا، الوي يدك هناك.

حتى الآن، تجري فصول اللعبة في الكواليس، وبين الاقوياء (معايير القوة الانية طبعا) ولاينبغي الاطمئنان كفاية الى القول الشائع ان النية تتجه الى تصفية القلوب والعودة الى حكمة التوافق والتكافل والتضامن والاخوة والشراكة، فان شيئا قليلا من هذا يحدث حتى الآن، وان من يقترب من دائرة تلك الكواليس، ومن يمعن النظر في تسريباتها، سيعرف كيف يلوي البعض ذراع البعض الاخر من المواضع الحساسة، والهدف إجبار الاخر على التنازل عتبة عن قاسم المشهد ومقسوم الامتيازات، وطبعا سيكون المراقب بحاجة الى تفكيك بعض الالغاز والرطانات عما يقال حيال العملية السياسية والمصالحة الوطنية، والتضحية في سبيل الشعب، ومكافحة الفساد، واعادة الاعمار.

الذي يجري باختصار، محاولات حميمية لاعادة هيكلية المصالح الحزبية، وترتيب الزعامات في قلب العملية السياسية، وعلى عتبة سلطة واليات القرار السياسي، وبهدف توظيف نتائج انتخابات الحادي والثلاثين من كانون الثاني، في حساب جديد للحجوم والمقامات، وثمة في السياق الكثير من الابتزاز والضغط والتلويح باجراءات وتعديلات وتحالفات جديدة، وثمة بالمقابل ايماءات عن تحريك ومراجعة قواعد وثوابت وتعهدات واستحقاقات سابقة. المتقدمون يتصرفون كاصحاب حق اضافي، والمتأخرون غير مستعدين للتنازل عن مساحاتهم، فيما يبحث الاخرون عن معابر قصيرة وآمنة للامساك بالحصان الجامح.

وبكلمة موجزة، فان المراقب الموضوعي لهذا الصراع الناشئ عن انتخابات المجالس يلاحظ ان ثمة اندفاع متعجل لفرقاء الانتخابات لفرض معادلات جديدة يتساقط عنها منافسون او طامحون او خاسرون، وان هناك ليّ اذرع، واصوات توجع واستغاثة، لكن ثمة فرص محدودة للكسبٍ على السطح من دون ثمن.

ليّ الاذرع، سياسة آنية، إملائية، تستخدمها الزعامات السياسة(او الاحزاب) النافذة مع بعضها، من موقع قوة، او من زاوية ظرفٍ مواتٍ، حرج ٍ، لمعاقبتها او اقصائها او حملها على الاذعان لموقف ما كان لها ان تحققه في السابق، ويساعد الاشتقاق اللغوي والدلالي للذراع على الاستطراد في كشف قدرة هذا “العضو” الجسماني في ان يلهم علوم السياسة استخراج معاني غاية في الاهمية مثل التذرع، وهو الاستناد الى ما هو نصف حقيقي لتمرير ما هو باطل، او الذرائعية (مذهب النفعية) التي جاء بها وليم جيمس وتشارلس ساندر بيرس وتوسع فيها جون ديوي، وتعني ان قيمة كل شيء تتمثل في منفعته وهدفه.

“لي ّ الاذرع، بعد ذلك لايعود
- دائما - بالفائدة على اصحابه، كما ان من تلوى يده اليوم قد يستقوي غدا فيلوي يد غريمه.. وليتهم احتفظوا بايديهم في معطفهم، جربوا سياسة اخرى.

ـــــــــــــــ
كلام مفيد
ـــــــــــــــ
"
إذا ازداد الغرور نقص السرور".
                              الحكمة رقم 20 من احسن مائة حكمة عالمية



 

free web counter