| الناس | الثقافية |  وثائق |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

 

عبد المنعم الأعسم

mm14mm@yahoo.com

 

 

 

                                                              الأثنين 14/1/ 2013

 

قانون العفو العام.. تحفظات

عبد المنعم الاعسم 

العفو العام إجراء سياسي، قبل ان يكون اجراء قانونيا، لجهة ترسيخ السلام الاهلي على قاعدة طي صفحات الماضي وتحقيق اركان العدالة الانتقالية، وبناء مقدمات دولة المواطنة، وهو الى ذلك عقد اعتباري وحقوقي بين الاطراف المعنية به: السلطة والضحايا والجلادين والموالين والمعارضين والفئات السكانية والاجتماعية على حد سواء.

تجارب العفو العام في العالم مختلفة، لكنها جميعا، تتحقق في حال واحدة هي وجود ارادة لتصويب وترشيد البيئة السياسية واحتواء الصراعات السياسية وانهاء اجواء الاحتراب.. هذا ما حدث في جنوب افريقيا والارجنتين (نموذجان جديران بالدراسة) والكثير من الدول التي خرجت من دوامة النزاعات الداخلية واتجهت الى اعادة البناء وتأمين الثقة ومد الجسور بين مكوناتها وفئاتها السياسية والدينية والاجتماعية المتقاتلة او المتنافرة.

في بعض الدول المستبدة تعلن السلطات عفوا عاما مغشوشا بهدف خداع العالم والراي العام لتجهيز انطباع انها تغير من نهجها وتتجه الى نظام العدالة والرحمة والواقعية وإنهاء التنكيل بالمعارضين، وبعضها تعلن العفو العام كفخ لمناهضيها للايقاع ببعض المطلوبين منهم او لشق صفوف المعارضة وإضعافها، او التعامل مع المشمولين بالعفو كمذنبين عادوا الى الطاعة، وكل هذه البروفات جربها النظام السابق في العراق حتى صار يصدر العفو العام كلما شعر ان سمعته تتدهور اكثر فاكثر..

وبمعنى ما فان العفو العام ينبغي (لكي يكون راسخا وقابلا للتطبيق والنجاح) ان يكون مسبوقا بارادة ونيات وتشريعات تاريخية تكون قد سجلت نهاية مرحلة مضطربة ومتوترة وعدوانية وبداية مرحلة اخرى من الشراكة والصفح والبناء والسلام الاهلي والتداول السلمي للسلطة.

االعراق، الان، احوج ما يكون الى عفو عام، لكن السؤال الاعتراضي الذي يثير اسئلة تفصيلية هو هل سيضمن قانون العفو العام قيد المناقشة في مجلس النواب الانتقال الى مسار جدديد في الحياة السياسية؟ وهل فعلا ستنتهي اعمال العنف، وتتحول الجماعات المسلحة الى تنظيمات مدنية للبناء والشراكة؟ وهل سيخرج المذنبون من السجون الى مزارع ومواقع العمل والحياة الطبيعية؟ ثم، هل ان اصحاب قانون العفو سيقولون ما كان يقوله نلسون مانديلا: علينا نحن الضحايا ان نتعلم ثقافة العفو قبل غيرنا.


"لا تنتهي جميع الفرضيات الى الهندسة"
                                                   اقليدس


جريدة (الاتحاد) بغداد

 


 

free web counter