| الناس | الثقافية |  وثائق |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

 

عبد المنعم الأعسم

malasam2@hotmail.com

 

 

 

الأحد 13/7/ 2008



خمسون 14 تموز وساعة الحقيقة

عبد المنعم الاعسم

هل نحتاج الى خمسين سنة اخرى لكي نتأمل ذلك الحدث العراقي الانقلابي الثوري المثير في الرابع عشر من تموز 1958 من زاوية المراجعة والنقد والتحليل المسؤول، وقبل ذلك، لكي نضع منهجا جديدا في النظر الى دلالة انتقال الدولة العراقية من العهد الملكي الى النظام الجمهوري والى تحليل نتائج هذا التحوّل ودور ابطاله بعيدا عن النظرة الجزئية، العاطفية، الجانبية، التبسيطية، الاحتفالية التي عفا عليها الزمن.
انها ساعة الحقيقة، ويمكن القول، انها ساعة الحقيقة المتأخرة، فقد كان علينا، منذ زمن بعيد، ان نتأمل هذا الحدث ودروسه وجوانبه المختلفة، بروح النقد، وفي منهج علمي يقوم على مبدأ المراجعة ، وبخاصة بالنسبة لنا، نحن شهود الحدث وابناؤه، فقد كنا نتحسب كثيرا حين نقترب من اسئلته المحرجة، ونبقى ندور من حولها، كما يدور السحرة من حول الاشجار المقدسة، وخسرنا فرصا كثيرة، كان يمكن ان نستثمرها في توظيف المناسبة لبناء وعي تاريخي اكثر عمقا، ومعارف سياسية، اكثر فائدة وأثرا.
وليس مبالغة في القول ان المنهج السائد الذي استخدم في تقويم حدث 14 تموز كان يتسم بالواحدية وبضيق و”فئوية” زاوية البحث، فثمة، انصار الثورة، مَن يدافع عن المناسبة ومنجزاتها ذات الصلة بانهاء تبعية العراق للاستقطابات الدولية وببعض المشاريع والاصلاحات ونزاهة ووطنية وشجاعة زعيمها عبدالكريم قاسم، لكنه ينكر خطاياها وذنوبها، ويحرّم حق النظر الى تخبط المرحلة واخطاء الزعيم والنزعة وانحسار الحياة المدنية، وهناك بالمقابل من يجرّم الحدث ويبشّع صفحاته ويختار مفصلا واحدا يتعلق بالنخبة العسكرية التي اطاحت بالعهد الملكي وتصارعت على السلطة محل نظام برلماني مدني، واستقرار وسلام اهلي.
وبين ايدينا مؤلفات عديدة وصفحات كثيرة عن اسرار وخلفيات حركة جيش الدولة للاطاحة بالنظام الملكي، تثير الخواطر الطيبة اكثر مما تثيره من الاسئلة عما حل بالثورة، ولماذا انتهت الى سلسلة من الانقلابات والحروب الداخلية، وسقوط العراق في دوامة التدخلات الخارجية والانظمة الدكتاتورية، وفي ما بين السطور هناك الكثير من يقول “كان ينبغي اعطاء الفرصة الكافية لقاسم” مقابل من يقول “ماذا لو اعطي المجال لتجربة النظام الملكي البرلماني” كما نجد من يدخل في عبث المقارنة بين عبد الكريم قاسم وصدام حسين، او بين الملك فيصل الاول وعبد الكريم قاسم، او بين النفوذ الغربي في العهد الملكي مقابل النفوذ السوفيتي في العهد الجمهوري، وهي مقارنات ساذجة تخرج، في اقل معانيها، عن منهج المراجعة العلمية لهذا الحدث.
خمسون عاما تكفي، كما اظن، لنتخلص من اثر الفكر التاريخي الواحدي الانتقائي، الى فكر ينفتح على الحدث من زواياه المختلفة.. انها، مرة اخرى، ساعة الحقيقة المتأخرة.
ـــــــــــــــــــ
.. وكلام مفيد
ـــــــــــــــــــ
الكذبه تجول حول العالم في حين أن الحقيقه تتبع أثرها
                                                       
 سيرجون


جريدة (الاتحاد) بغداد

free web counter