| الناس | الثقافية |  وثائق |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

 

عبد المنعم الأعسم

malasam2@hotmail.com

 

 

 

 

الأربعاء 13 /12/ 2006

 

 

تقرير بيكر : نصائح أم تمنيات؟

عبدالمنعم الاعسم

الكثير من النصائح التسع والسبعين التي قدمها جيمس بيكر ولي هاميلتون لادارة الرئيس بوش صيغت بطريقة مركبة بحيث تسمح للرئيس بوش القفز من بين ثغراتها او رفضها او انتقاء ما يناسبه منها، وقد اعلن نفسه قائلا” لا اعتقد بان بيكر وهاميلتون يتوقعان ان نوافق على كافة التوصيات” في حين استبعدت الوزيرة كونداليزا رايس ان تتبنى الادارة الامريكية التقرير والنصائح، على الرغم مما قيل بان رئيس الوزراء البريطاني توني بلير يستخدم ميانة التحالف مع الرئيس بوش للضغط عليه لجهة القبول بالتقرير والعمل على ترجمته الى الواقع.
المشكلة هي ان الاطار العام لنصائح لجنة بيكر شيد على تمنيات مجردة من مثل القول بمساعدة الحكومة العراقية لبسط نفوذها على كافة المحافظات في البلاد وتقليل الخسائر الامريكية، وقد اوحى ذلك لمعلقين كثيرين فكرة “انتصار المدرسة الواقعية” في الولايات المتحدة، في حين ان التمنيات غير الواقع، وقد تكون ضربا من الخيال، فضلا عن انه بين هذه التمنيات والواقع مسافة شاسعة يمكن ردمها فقط عن طريق دراسة الحقائق على الارض وسبل تصويبها او تكييفها، اخذا بالاعتبار بان نهوض الحكومة العراقية بمهمة ضبط الامن لم يكن خارج البحث والمحاولات الحثيثة طوال السنوات الثلاث الماضية، وقد بذلت الكثير من الجهود والاموال والتضحيات من اجل تحقيق هذا الهدف الذي اعطيت له الاولوية في منعطفات كثيرة.
الكثير من التعليقات الاوربية ذهبت الى الاعتراض على بنية وصايا بيكر من حيث غياب عنصر الوحدة بين الهوامش والمنطلقات والنتائج، واستطرد البعض من المعلقين الى القول ان تقرير بيكر الموزع على مائة وستين صفحة لا يعدو عن كونه مقالا مطولا عن الازمة العراقية من وجهة نظر النخب الغاضبة ازاء الخسائر الامريكية في الارواح والاموال في العراق، او انه جرعة مناسبة لتهدئة المغص السياسي الحاد في الامعاء الامريكية، او انه محاولة لاحتواء مشاعر القلق والخوف لدى الراي العام الامريكي باقناع الكثير من الساسة والاعلاميين ان اعتراضاتهم على سياسة الرئيس بوش اخذت طريقها الى طاولة البحث والاهتمام، وانه سيتاح لاي واحد من المعارضين لسياسة الرئيس بوش ان يكتفي بالقول الآن: الم نقل ان هذا هو المطلوب.
ان التلميح، مثلا، الى سحب القوات الامريكية من العراق في غضون العام 2008 قد ينفع في تطمين دول مجاورة للعراق بان ادارة الرئيس بوش طوت الى الابد خطة استخدام الاراضي العراقية كنقطة وثوب اقليمية، غير ان هذا الالتزام قرئ بطريقة اخرى من قبل الجماعات المسلحة والاطراف الاقليمية التي تناصرها على انه اعلان هزيمة امريكية في العراق، وانه، بالتالي، لا يصح مواساة الامريكان او التبرع بالتنازل طواعية عن زهو النصر او التخفيف من استحقاقات الهزيمة المفروضة عليهم، وان توصية بيكر بتشكيل مجموعة دعم دولية لتامين استقرار العراق ستبقى حبرا على ورق إذا لم تضم هذه المجموعة دولا مجاورة للعراق تعمل بجدية لتحقيق هذا الاستقرار، الامر الذي لن يتحقق بسهولة او من دون "صفقة" باهضة التكاليف على الولايات المتحدة.
ولعل اخطر ما تضمنه تقرير بيكر هاملتون يتمثل في التوصيات لجهة اعادة ترتيب التناسب الدستوري والسياسي والاقتصادي للراهن العراقي قفزا من فوق الحقائق التي تكونت على الارض، بدلا من انعاش هذا الترتيب وتنقيته من شوائب المحاصصة والصراع على السلطة وحمايته من اخطار الانشطة الارهابية والتطاحن الطائفي، ويبدو ان سبل وآليات وخطط استعادة الامن وفرض الاستقرار واعادة البناء لم تحظ بكفاية من البحث باستثناء اشارات وعبارات غامضة ضاعفت من التشوش اكثر مما حققته من الاطمئنان، وليس من دون مغزى ان ترحب الجماعات المسلحة والقوى الاقليمية المناهضة للتغيير في العراق بالتقرير والتوصيات.
معلق امريكي وصف نصائح جيمس بيكر ولي هاميلتون بانها حجر القي الى مياه راكدة، فلا احد يسأل عن مصير الحجر في قعر البركة فيما انشغل الجميع بمشهد التشكيلات المتناسلة على سطح الماء.
ــــــــــــــــــــــــــــ
..وكلام مفيد
ــــــــــــــــــــــــــــــ
“ لولا الغيوم لما استمتعنا باشعة الشمس ”.
                                          مثل ايرلندي

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
جريدة(الاتحاد) بغداد