| الناس | الثقافية |  وثائق |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

 

عبد المنعم الأعسم

malasam2@hotmail.com

 

 

 

 

الأحد 11 /2/ 2007

 


 

عرب كركوك .. بهدوء


عبدالمنعم الاعسم

من فنون اصطناع الازمات ونفخها في سوق السياسة العراقية ظهرت فجأة على واجهات الاعلام وفي تمارين الخطابة وعض الاصابع قضية اسمها قضية السكان العرب في كركوك، في اشارة الى بضعة عشرات الاف من العائلات العربية التي اسكنت في ثمانينيات القرن الماضي في هذه المدينة بعد اجلاء سكانها الكرد ثم السكان التركمان عنوة في خطة نفذها النظام السابق لتغيير التناسب القومي في المدينة وجعل السكان العرب اكثرية لحسابات سياسية، شوفينية في خلفيتها، غير خافية على احد، وليست موضع شك.
والامر هنا لا علاقة له بالسكان العرب الاصليين في المدينة، وليس مطروحا على طاولة البحث الحديث عن وجودهم او مصيرهم، غير ان غبار الخطب غطى على مراسم المشكلة ومفاتيح حلها بما يرضي الجميع، وحشر فاصلة السكان العرب في ملفات لا صلة لها بالموضوع الذي يتعلق بمعالجة الاثار الكارثية للدكتاتورية الشوفينية، وتضميد جراحات الضحايا.
لكن الحمية السياسية، واغواءات المشاجرة، وضياع مقاييس وقواعد المناقشة، شاءت ان تخلط الاصوات بطريقة عجيبة، لنجد امامنا في الاخير صفا طويلا غير متجانس من الوجوه التي لا يجمع بعضها جامع بشعارات التجييش واثارة الكراهية القومية ورد الاعتبار لسياسة التعريب سيئة الصيت، في حين ضاعت الحدود بين انصار صدام المدافعين حتى الموت عن خطاياه وبين غيرهم حين أدوا معا نشيد "الخطر على عراقية كركوك" كما لو ان ضمها الى الادارة الاقليمية الاتحادية العراقية يعنى سقوطها من خارطة العراق.
نعم، ثمة مشكلة، وتعقيد، في عملية اعادة السكان العرب الذين اسكنوا في قرى ومساكن الكرد وحلوا محلهم في السجل المدني، واستخدموا اداة، ربما من دون رغبتهم، في تعريب كركوك، وفي تأثيث العلاقات القومية بين سكان المدينة بالتوتر، وثمة مخاوف مشروعة من ان تقفز اجراءات التسوية من فوق فروض الشفافية والحكمة وكفالة الاخوة القومية بين الكرد والتركمان والعرب والكلدواشوريين، بما يطمئن اعادة سليمة لهؤلاء السكان الى مناطقهم السابقة، في وقت يعاني العراق من حالة انعدام الوزن وتشابك عناصر التوتر وتنامي مظاهر التدخل الخارجي في الشؤون العراقية وتحريك دوامة الانتقام وغياب الادارة(والارادة ايضا) الحكومية التي يمكن ان تضطلع بمعالجة الامر.
ان تطبيع اوضاع كركوك على هدى المادة 140 من الدستور العراقي هو الحل الاكثر سلامة، وهو نفسه يتضمن حماية حقوق السكان العرب، من اهل المدينة الاصليين ومن الذين اسكنتهم السلطات السابقة، وكان ينبغي على معارضي التطبيع والاستفتاء ان يتذكروا بان الكثير من الالغام تندس في خيار التاخير، وانه لو وضعت الحكومات السابقة خطوات، ولو بسيطة، على طريق تطبيع اوضاع المدينة لأمكن التقدم نحو الحل النهائي والمقبول من غير تجاذبات وتهديدات وتدخلات خارجية.
في كومة الاقوال التي نسمعها ونقرأها خلال الايام الماضية ثمة اغاليط واعلانات كراهية مقيتة، احسب انها ليست في صالح السكان العرب الذين احلهم نظام صدام محل الكرد عنوة، والمطلوب هنا، العودة لحكمة العقل، آنذاك سنجد ما نعتبرها حلولا عادلة، وتشاء المفارقة ان الكثير من الحكماء يتخلون عن صفة التوازن ويمتطون لغة صدام حسين حين ياخذون مكانهم على الشاشات الملونة.. للاسف.
ــــــــــــــــــــــــــــــــ
... وكلام مفيد
ـــــــــــــــــــــــــــــــ
“ليس كارثة ان يصبح الاعلام كالببغاء..الكارثة ان تصبح الببغاء اعلاما”.
                                                                                      محمد مستجاب