| الناس | الثقافية |  وثائق |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

 

عبد المنعم الأعسم

mm14mm@yahoo.com

 

 

 

الخميس 11/11/ 2010

 

كانوا يتكلمون الفصحى

عبد المنعم الاعسم 

ليلة الاحد ، السابع من نوفمبر، كانت كنيسة سيدة النجاة في قلب بغداد قد ائتلقت بالشموع والشعر وبصفوف من المصلين والثكلى والشهود. قالت الشموع دموعها الاسيفة، وفاض الشعر بمداده المرتاع، ثم روى خمسون اسما شهيدا ما جرى في ذلك اليوم إذ كان اصحابها يرتلون نشيد السلام والارض قبل ان يداهمهم القتلة الذين كانوا يتكلمون اللغة العربية الفصحى، رسالة الى الذين لا يقرأون جيدا معنى ما حدث، او انهم لا يريدون ان يفرأوا.
مرّ الجميع على صف الشموع الدامعة والاسماء المسجاة. كانت آثار الرصاص لا تزال على اعمدة الكنيسة وصور سيدة النجاة وصلبان المسيح. خصّت سيدة مجللة بالسواد ضحايا من عائلة واحدة، ام وابنتها. آباء وأبناء. اخوة، بالشموع والبكاء، واقترح رجل الابقاء على آثار الرصاص والغزوة الهمجية وعدم محو بصمات الجريمة وتحويل الكنيسة الى متحف تاريخي لاخاء الاديان بمواجهة الغبار الاصفر للمتعصبين الهمج والكراهيات
الشعر وزّع ذهوله بين الشموع والمشاركين، واعلن انتماءه لمصاب انساني بموصوف عراقي، ودعانا الى دحر هذا الاستيطان الغريب الذي يتفنن في تنظيم المذابح المروعة ياللغة العربية الفصحى، وهي، على اية حال، ليست لغة الجاحظ والاصمعي وابراهيم النظام وابن جني والمتنبي والجواهري ، ولا هي لغة الضاد التي جاءت بالتنوير والجدال وفتوحات الفكر والتسامح.
لغة المستوطنين الاغراب الهمج مقعّرة، مفتعلة، منحوتة من الفحم والفضلات. تفتقد الى موسيقى ورحابة الكلام. مثقوبة بالديدان والرطانات المستعارة من عصر الردة والكهوف، لا تخرج من افئدة طليقة بل من بالوعات سحيقة. لا تميل الى كتاب او مؤلـَف له شأن، او له اعتبار، بل تميل الى المنقولات الخشبية. لغة تطلق النار على المارة من غير تعيين، هدفها ايقاع الموت باكبر عدد من الابرياء.
في ليلة الامس الاول جاء الغزاة، مرة اخرى، الى كنيسة سيدة النجاة. قرأوا بيانهم الشنيع باللغة العربية الفصحى. سكتت القصائد. عانقت الشموع بعضها, ثم دوى الغضب النبيل في المكان: يا لحسن الحظ.. انهم لم يدنسوا اللهجة العراقية.

ـــــــــــــــ
كلام مفيد
ـــــــــــــــ
"
إنا نتسلم علم الوطن الآن فلتكن القامات الصلبة ساريه العالي ولتكن الاعين أنجمه الخضراء"
                                                                                       احمد عبدالمعطي حجازي
 

free web counter