| الناس | الثقافية |  وثائق |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

 

عبد المنعم الأعسم

mm14mm@yahoo.com

 

 

 

                                                                               الثلاثاء 11/9/ 2012

 

الحكومة..
وفن خلق الاعداء

عبد المنعم الاعسم

يقول اصحاب وممثلو كابينة رئيس الوزراء نوري المالكي بان سبب تزايد الخصومات السياسية مع الحكومة، والملامات عليها، يعود الى انها تريد تطبيق القوانين وتنفذ اجراءات بناء الدولة والادارة، او انها تنفذ التزاماتها الدستورية لجهة تطبيق القانون وحماية الامن وفرض هيبة الدولة، وإن ذلك (كما يؤكدون) يثير معارضة الفئات السياسية و"المتجاوزين" وجماعات المصالح التي تتمتع بحالة الفلتان واللاقانون ويحملها على اثارة الجمهور وتسويد صفحات الحكومة ورئيسها.

ولا يحتاج المراقب الموضوعي الكثير من البحث والمعاينة ليكتشف هشاشة هذا التبرير، بل انه يكتشف بأن ثمة سياسة يومية يجري تطبيقها من قبل هيئة اركان الكابينة الحاكمة، وتتمثل في عدم الابقاء على اصدقاء موثوقين لها، او حسني الظن بها، في وقت احوج ما تكون، هذه الكابينة ورئيسها، على بيئة سياسة مؤثثة بالثقة وحسن الظن، وبحسب المنطق، فان عليها ان تسعى بكل الوسائل الى إطفاء العداوات من حولها، لا إضرامها.

فمن زاوية التحليل الميداني، وعلى الارض، تخوض الحكومة، منذ حين، سلسلة خصومات ومخاشنات مع قوس واسع من الجهات والكيانات والشرائح، تبدأ من مرجعية النجف وحتى المنظمات المدنية والثقافية والمهنية وانصار الحريات العامة، مرورا بالكتل الكبيرة والمكونات الرئيسية في البلاد، وحلفاء لها في تجمع الاكثرية البرلمانية، ولا يخفف من "دراماتيكية" هذا المآل متعدد المستويات، وهذه الخصومات الدورية، ما يقوله اصحاب الحكومة بان هذه "خلافات" طبيعية تمر بها كل الدول، وتخوضها جميع الحكومات، وهو قول ينطوي على محاولة تهرّب، ولا يعني إلا شيئا واحدا: الاصرار على هذا المنهج، ضيق الافق، والكارثي.

ومن هذه الزاوية فان الحديث عن تطبيق القانون والتزام الدستور يسقطان في اول مشهد تظهر فيه الحكومة، وهي تمزق القانون والدستور، وتعبر من فوقهما الى فرض مشيئة سلطوية أو حزبية تجلب لها الخصوم والعداء والملامة.. هذا عدا عما يعرفه الشارع والاعلام والشعب كله عن انتهاكات للقانون والدستور والاخلاق والاعراف والدين، على مدار الساعة، يقترفها فاسدون ومتجاوزون ومتنفذون، فيما الحكومة تغض الطرف عنهم او تحميهم، او ترخص لهم حتى، وهذا ما يجلب لها المزيد من عدم الرضى والعداوة.

الحكومات الناجحة تعتمد فن صناعة الاصدقاء لا ان تتفنن في خلق الاعداء. هكذا يقول المنطق.. أكرر: هكذا يقول المنطق.


"يأتي على الناس زمان تموت فيه القلوب وتحيى الأبدان"    
                                                       سفيان الثوري- من الفقهاء القدامى

جريدة(الاتحاد) بغداد

 

free web counter