| الناس | الثقافية |  وثائق |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

 

عبد المنعم الأعسم

malasam2@hotmail.com
 

 

 

 

 

السبت 11 /11/ 2006

 



الى السفارات والجاليات مرة اخرى

فروض التحرك السريع لدحر احلام الهمج


عبدالمنعم الاعسم
malasam2@hotmail.com

عمليات تجنيد المقاتلين الى العراق تصاعدت مؤخرا بوتيرة كبيرة مع انباء تفكك شبكة القاعدة في العراق، وصارت هذه العمليات ترقى الى حرب غير معلنة تشارك فيها دول مجاورة للعراق واخرى عضو في الجامعة العربية وثالثة اجنبية، وقد تفاوت تدخل هذه الدول التي تلقي بقاذوراتها الى العراق بين متهاونة مع عمليات التجييش واخرى مشجعة له وثالثة متورطة في المشاركة المباشرة فيه دعما وتدريبا وتغطية اعلامية كاملة، وقد كان اعلان زعيم عصابات القاعدة في بلاد الرافدين ابو حمزة المهاجر عن وضع 12 الف مسلح تحت خدمة "دولة الاسلام" الهمجية التي اقامتها السيارات المفخخة في مزارع ومواخير سرية احد ابرز الموجبات لضرورة الاعداد لالحاق الهزيمة بهذا المشروع الظلامي.
وكنت في معالجة سابقة قد اثرت اسئلة عن مسؤولية انصار التغيير والعملية السياسية ازاء عمليات التجييش خارج العراق لاشاعة العنف والكراهية الطائفية والارهاب بذريعة تحرير العراق من القوات الاجنبية.
وقبل الاجابة عن هذه الاسئلة المشروعة، ينبغي الوقوف عند وقائع منشورة ومتداولة في تقارير وكواليس، تكشف عن خطورة ظاهرة تجنيد شبان متطرفين ذوي ميول دينية جهادية مشوشة او قومية متطرفة او سياسية فوضوية ساخطة للقتال في العراق:
ففي المانيا قبض على العراقي ابراهيم ك. (36 سنة) في سكسونيا السفلى وهو يروّج رسائل لابن لادن وابو مصعب الزرقاوي عبر افلام فيديو تدعو الى ايديولجية الكراهية والقتل في العراق، وقال النائب العام الالماني ان المتهم الذي يقيم مع عائلته في بلدة اوسنابروك “وضع تحت المراقبة منذ عام لمشاركته بجنح اخرى، وساعد التعاون بين مكتب حماية الدستور والمكتب الجنائي الاقليمي في الكشف عن معلومات مهمة تتعلق بنشاطه”.
وفي الدنمارك اوقفت الشرطة المحلية اواخر ايلول الماضي سبعة من الاسلاميين المتطرفين، من بين تسعة قبضت عليهم اول الامر كانوا يجيّشون الشبان العرب العاطلين عن العمل للقتال في العراق وقد" امرت السلطات القضائية وضع اثنين منهم قيد الحبس المؤقت لمدة اربعة اسابيع، واحتجاز الخمسة الآخرين لمدة 72 ساعة لاستكمال التحقيق على اعتبار ان ادلة الشرطة غير كافية لتبرير وضعهم في الحبس الاحتياطي" وتمت عملية المطاردة والقبض في حي فولسموز في اودينسي حيث يعيش عدد كبير من المهاجرين، واتضح ان هؤلاء الموقوفين الذين تتراوح اعمارهم بين 18 و33 عاما، هم ستة من اصل فلسطيني وعراقي والسابع دنماركي اعتنق الاسلام، وقد تم اعتقال الجميع بموجب قوانين مكافحة الارهاب التي سنت بعد هجمات 11 سبتمبر (أيلول) 2001 في الولايات المتحدة، طبقا للشرطة.
وشاء القاضي البريطاني الشهير جاستن سيلفن ان يُبطل اجراءات المراقبة التي فرضتها الشرطة على مواطن بريطاني (يعتقد انه من اصل باكستاني) اعتُقل في مطار مانشستر متهما بأنه كان يخطط لعمليات مسلحة “ضد القوات متعددة الجنسية في العراق" نفس القاضي اصدر في وقت سابق قرارا بعدم قانونية اجراءات المراقبة على ستة عراقيين متهمين بتنظيم" المقاومة العراقية" على الاراضي البريطانية، ويتداول عراقيون في لندن وقائع مثيرة عن انشطة شبه علنية، وربما مرخص لها، للتجييش ضد الامن والاستقرار في العراق ولمقاتلة قوات الحكومة العراقية والقوات متعددة الجنسية، هذا عدا عن الانشطة السياسية لجهة تشكيل ذراع سياسي "او دبلوماسي" للارهابيين في العاصمة البريطانية.
واكد لي احد المحامين العراقيين المقيمين في باريس بان ثمة خلية من الاسلاميين المغاربة تعمل منذ عام، ليس فقط على تجنيد “المتطوعين” للقتال في العراق، بل وتمارس التهديد واعمال الابتزاز ضد العراقيين والعرب الذين يتصدون لهذه الانشطة الارهابية، ويضيف ان بعض الاجهزة الحكومية واللوبي الصدامي الفرنسي يتوليان حماية هذه الانشطة التي بلغت حد الاستهتار بالقوانين الفرنسية المناهضة للارهاب وترويج الكراهية والعنف.
هذا في اوربا، وغدا نحدثكم عما حدث على ارض العرب من وقائع، قبل ان نجيب عن الاسئلة المؤجلة، تباعا
وبعيدا عن اوربا، فقد أصدرت محكمة أمن الدولة في الاردن احكاما بالسجن بين عشر سنوات وعشرين سنة على اربعة متهمين «بالتآمر” للقيام بأعمال ارهابية ضد افراد الشرطة العراقيين الذين يتدربون على الاراضي الاردنية وضد مدربيهم، وعرف من اولئك المتهمين معاذ محمد خالد البريزات، 19 عاما، وابراهيم فرحان حوران مفلح الجحاوشة، 28 عاما، وفيصل سلمان الرويضان، 28 عاما، بالسجن 20 عاما مع الاشغال الشاقة، وكانت المحكمة اصدرت في بادئ الامر احكاما بالاعدام شنقا حتى الموت على المتهمين الثلاثة “الا انها اخذت بالاسباب المخففة للحكم وخفضت العقوبة الى السجن 20 عاما مع الاشغال الشاقة”.
وفي اواخر ايلول اصدرت محكمة امن الدولة الاردنية أحكاما بالسجن بحق خمسة اردنيين بينهم ابن عم ابو مصعب الزرقاوي، بالتخطيط لمهاجمة مواقع عراقية من خلال التسلل الى هناك عن طريق سورية للالتحاق بالمقاتلين. وحكمت المحكمة على الموقوف سالم حسن العجيمي، 31 عاما، بالسجن خمس سنوات بعد إدانته بتهمة «القيام بأعمال لم تجزها الحكومة” ثم عادت وخفضت الحكم الى ثلاث سنوات «لإعطاء المتهم الفرصة لإصلاح نفسه». كما حكمت المحكمة على الفار من وجه العدالة رائد عبد العزيز النوايشة، بالسجن خمس سنوات لإدانته بتهمتي القيام بأعمال لم تجزها الحكومة وتعريض المملكة للخطر ومحاولة التسلل من أراضي المملكة. في حين اصدرت المحكمة حكما بالسجن مدة ستة أشهر على ثلاثة متهمين هم وسام عبد الرحمن الديماوي، 30 عاما، الملقب بـ«ابو عبيدة» وعمر جميل نزال الخلايله، 27 عاما، الملقب بـ”أبو أسيد” لإدانتهما بتهمة “محاولة التسلل من أراضي المملكة” ورياض نواف العدوان، 26 عاما، لإدانته بـ”تقديم المساعدة في محاولة التسلل”. وفور اصدار الأحكام صرخ بعض المتهمين الذين كانوا ملتحين ويرتدون زي السجن الأزرق “الله اكبر”. وذُكر ان إحدى دوريات الاستخبارات العسكرية الأردنية قد ألقت القبض على أربعة من المتهمين قرب مدينة المفرق الحدودية قبل ان يتسللوا الى سورية، ومنها الى العراق.
وفي دمشق سلمت السلطات السورية الى الرباط مطلع اكتوبر الماضي أربعة مغاربة جرى اعتقالهم قرب الحدود السورية ـ العراقية وهم يعتزمون الدخول إلى العراق من أجل القتال في صفوف جماعات مسلحة، وأحيل ثلاثة من المتهمين في هذا الملف على قاضي التحقيق لدى محكمة الاستئناف بالرباط، فامر بايداعهم احتياطيا في السجن المحلي بسلا، فيما أجل إحالة العنصر الرابع إلى التحقيق وقالت الصحف المغربية بان عمليات تهريب المقاتلين المغاربة الى العراق تتم من خلال شبكات متخصصة على دراية تامة بخصائص المنطقة وظروفها الأمنية.
يشار إلى أن تقريرا دوليا ذا طبيعة استخبارية كشف أن عدد المقاتلين من أصول مغاربية في صفوف تنظيم “القاعدة” هم في تزايد مستمر، وأن أكثر من 20 في المائة من العمليات الانتحارية في العراق يقوم بها جزائريون، و5 في المائة مغاربة، وتونسيون، وأوضح التقرير أن أحد المعتقلين الجزائريين في العراق ذكر أن هناك إمدادات كبيرة من الأموال تقدم لعناصر “القاعدة” في العراق.
ونشرت صحافة البحرين على نطاق واسع وقائع اعتقال ثمانية اسلاميين جهاديين بتهمة الانتماء لتنظيم غير مشروع “بعدما كانوا يستعدون للسفر إلى خارج البلاد” وتأكد للسلطات انهم “ لم يخططوا لاستهداف أي مواقع بحرينية”.
وقال رئيس النيابة العامة نواف حمزة للصحف أن الشبان الثمانية كانوا عازمين للسفر إلى الخارج للانضمام إلى أحدى الجماعات الإرهابية والمساهمة في انشطتها، وان احدهم ضبطت معه مواد تستعمل في تصنيع المفرقعات”.
والان جاء اوان الاسئلة..وما ادراك ما الاسئلة.
والآن، كيف تتعامل الدول المعنية بمكافحة الارهاب، والمنخرطة في تحالف دولي لمحاربته، مع عمليات تجنيد “المقاتلين” الى العراق؟ وهل تكفي الاجراءات القانونية المجردة(الاستدعاء والتحقيق والتبرئة واخذ التعهد والحكم لاشهر..الخ) لاحتواء انشطة تدخل في صلب المشروع الارهابي العالمي؟ وماذا-مرة اخرى- عن دور السفارات ومنظمات الجاليات العراقية في الخارج لمتابعة هذا الملف؟ وما هي المهمات التي ينبغي ان ينهض بها عراقيو الخارج الاكثر خوفا على امن ابناء شعبهم الذين يتعرضون الى اعمال الابادة العمياء على يد المتسللين؟.
في اوربا يمكن ترسيم طريقين للتعامل مع حملة تجنيد المقاتلين الى العراق، الاول، عبر المحاكم التي تعنى بالمخالفات القانونية ذات الصلة بتجارة الاسلحة وتزوير البيانات والاحتيال على البنوك وسلطات الاقامة، وهي اجراءات لا تطال هذه الحملة حصرا، ولا تدخل في الخلفيات السياسية للمخالفات، في حين استطاعت خلايا التجنيد والترويج ان تتحاشى اية ضربة موجعة وان تستعين بمكاتب محامين متمرسين ومتعاطفين لاحتواء موقف المحاكم واجراءات السلطات، والثاني، عن طريق قوانين مكافحة الارهاب التي صدرت في عدد من الدول الاوربية بعد هجمات ايلول 2001 في نيويورك، وتفاوت تطبيق هذه القوانين بين بلد وآخر، فيما تضمنت هذه القوانين ثغرات كثيرة سمحت لخلايا الارهاب استثمارها، بل ان هذه الخلايا تماهت في صفوف الجاليات المسلمة وصورت الامر، بواسطة فضائيات واقنية اعلامية معروفة، كما لو انه ضد الاسلام والجاليات المسلمة، وعمدت الى توظيف سياسات القوة والغطرسة التي يتبعها الغرب هنا وهناك، والى تضخيم بعض الحساسيات لدى اتباع الديانات الاخرى وبعض خواطر التعبير الفردي عن الرأي، والغريب ان حكومات عربية واسلامية وحركات سياسية(فضلا عن منظمات انسانية تدافع عن حقوق الانسان والحريات) تخوض صراعا ضد الارهاب والارهابيين سرعان ما دخلت في مجرى ردود الفعل المصنّعة، واعطت حملة التجييش ضد العراق وقتل المدنيين العراقيين غطاء ومبررا.
وتنبغي الاشارة هنا الى ان التنافس الانتخابي والسياسي في الغرب عطّل امكانيات الردع القضائي للارهابيين، وشل يد السلطات في اكثر من دولة(بريطانيا مثلا) ازاء الانشطة التي تروّج للعنف والاقتتال الطائفي في العراق، وفي رأيي، انه كان على السفارات العراقية( وبعضها يكتفي بالتفرج) ان تتحرك بايقاع فاعل، مع هيئات ومنظمات الجاليات العراقية، لتشكيل فرق من المحامين في كل بلد اوربي تتولى الكشف عن هذه الانشطة الجنائية وملاحقتها في المحاكم بوصفها جنس من الجرائم الانسانية او عمليات تجنيد المرتزقة المحظورة دولياً، او باعتبارها عمليات حربية تنطلق من اراضي هذه الدول ضد دولة اخرى، اخذا بالاعتبار الحقيقة التي يعرفها الجميع وتتمثل في ان ثمة محاكم في جميع الدول الاوربية لا تزال تنظر في قضايا متورطين في تجنيد مقاتلين الى العراق، وتنقل الصحافة يوميا وقائع لتلك القضايا، والحقيقة الثانية: ان اوربا والعالم كله بدأ يعي الخطر الجديد، اذ تصبح الهمجية عابرة للقارات، ويكف ضحاياها عن ان يكونوا متفرجين.