| الناس | الثقافية |  وثائق |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

 

عبد المنعم الأعسم

mm14mm@yahoo.com

 

 

 

                                                                               الأربعاء  11/1/ 2012

 

تركيا..
سياسات قيد النظر

عبد المنعم الاعسم

السياسات التركية حيال احداث وشؤون الدول المجاورة والاقليمية، تثير الجدل والاستغراب معا، ومشكلتها انها تبالغ (وتتعجل وتتعسف احيانا) في ممارسة حقها كشريك امني واقتصادي وسياسي لشعوب ودول هذه المنطقة، وهو حق معترف به، لكن، كما هو معروف، له مديات وحدود ومحاذير، وله موانع وخطوط حمراء وضوابط في القانون الدولي وقواعد العلاقات بين الدول، كي لا يتحول حق الشراكة الى وصاية تعطيها الدول لنفسها للتدخل في شؤون الدول الاخرى، وفرض خيارات قسرية على اراداتها وأقدارها ومشيئاتها.
وبصراحة، فقد عبَرت السياسات التركية الخطوط الحمراء في العلاقات الاقليمية من اكثر من موقع، واثارت اكثر من ملامة والكثير من الهواجس والانتقادات والتوترات، واعتـُبرت مواقف انقرة، المتحيّزة لبعض اطراف الصراع في هذا البلد او ذاك، مصادر لتأجيج الفتن والكراهيات والمشاكل، عدا عن انها تشكل اساءات للذين تفرط في مناصرتهم، ولم يتوقف الامر عند هذا الحد بل تعداه الى الامعان في تقديم وصفات حكم لشعوبٍ هي اقدر على اختيار الوصفات المناسبة لها .
كان آخر مثال، تلك الازمة التي نشأت، ولا تزال تتفاعل، بين انقرة والجزائر على خلفية تذكير رئيس الوزراء التركي للجزائريين بـ"جرائم" فرنسا في بلادهم، اذ اعتـُبرت بمثابة "حمية" غير مقبولة او وصاية مرفوضة او محاولة لتصفية حسابات تركية مع فرنسا باستخدام الساحة الجزائرية منصة وثوب لها، وقبل ذلك كان قد كشف في مصر اصابع تركية مثيرة للاستغراب داعمة للتيار الاخواني في السباق الانتخابي، يضاف الى ذلك السلوك التركي، العابر للاصول، في التعامل مع الاحداث السورية، والتمادي في الانحياز لشريحة معينة من الشرائح التي تتطلع الى الاصلاح والتغيير. اما السياسات التركية حيال العراق والصراع بين فئاته السياسية فحدث ولا حرج، كما يقال.
لا حاجة هنا للتوقف مليّاً عند التحولات الواقعية الكثيرة في منظومة الاستراتيجيات الاقليمية (والدولية) التركية، أو عند تلك المواقف المستقلة والحيوية التي اتخذتها حكومة اردوغان من قضايا العنف والارهاب والاحتلالات والعسكرة في المنطقة ومراجعاتها الدائمة للسياسات والخطط، أو عند ذلك الحضور التركي اللافت والحيوي والايجابي في الترتيبات الاقليمية امتدادا الى عمق القارة الافريقية، ولا عند اللغة الانشائية الجديدة التي تتسم بها الدبلوماسية التركية الاردوغانية.
وطبعا لا حاجة لتكرار القول انّ على الجهات التركية التي تبذل هذه الجهود المتحمسة والمستميتة لتصويب اوضاع دول المنطقة والانتصار للديمقراطية والتعايش والتهدئة فيها انْ توفر جزءا من تلك الجهود لترشيد سياساتها، هي، من ملفات متفاقمة في البيت التركي موضع شكوى شرائح مهمة، لكي يصبح مقنعا لدى المحلل القول بان اللفتات التركية الاقليمية تنطلق من الصدقية وروح الشراكة والشهامة وحسن الجوار..
/ثم، ان العلاقات بين الدول ليست، فقط، تجارة واستثمارات.. وكلام ناعم.
 

“اينما وجد الظلم فذاك وطني”.
                                      تشي جيفارا


جريدة(الاتحاد) بغداد
 

free web counter