| الناس | الثقافية |  وثائق |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

 

عبد المنعم الأعسم

malasam2@hotmail.com

 

 

 

 

الأحد 10/6/ 2007

 




رغيد عزيز كني.. القاتل في ثيابنا
 

عبد المنعم الاعسم

لا يكفي ان نأسف لسقوط داعية للتسامح.. اننا نشارك في الجريمة، ونعيد انتاجها لتنكل بآخرين.
دعاة التسامح يسقطون قبل سواهم ممن ينتجون مبررات حياتنا، وجدواها. تلك هي شهادة الكاهن الموصلي الطيب رغيد عزيز كني، وذلك المدخل الى تتبع خيط الدم ليصل الى طيات ثيابنا، مادمنا شهودا متفرجين.
وهكذا الامر من هابيل حتى رغيد. الموت يسترشد الى منجي قيم التسامح بسهولة، والبربري يعرفهم جيدا. انهم ابناء الانسان الذيـــــن يحــــملون فصيلة دمنا النقي، وهـــم في مرمــــى الرصـــاص حـــين تكون البنادق بيد الهمج وعصابات الكراهية، وحين لا يحتاجون الى حراسات مدججة بالاسلحة والصواريخ.
في هذه المفارقة سقط الكاهن رغيد واربعة من زملائه في صباح موصلي دام، ثم غسل القتلة اياديهم من الجريمة واتجهوا الى صلاة الظهر فاتحة لا لطلب المغفرة مما صنعوا، بل طلب الثواب عما ارتكبوا، فتليت عليهم هناك هتافات صفراء "وقاتلوهم".."حتى يعطوا الجزية عن يد وهم صاغرون" فللقتل مثابة في الجنة "يوم
يوعدون” حين يكون ضحاياه من اتباع ديانة آمنت بالتسامح، او من عقيدة التزمت السلام، او من فرقة اختارت الصمود بوجه عاصفة الغبار الصفراء التي تهب من عصر الردة.استشهاد الكاهن الطيب رغيد عزيز كني في ذلك اليوم الموصلي الدامي يكشف لنا عن معادلة خطيرة تتصل بصناعة التسامح في بلاد اغارت عليها، ومنها، غربانٌ بلحىً ودشاديشَ قصيرة وفتاوى تكفر الملايين وتستبيحهم، فهي ليست، فقط، باهضة التكاليف بل وانها تفرق بين البشر والوحوش.. او على وجه الدقة بين بشر اصحاء العقول والابدان وبين آخرين معتلي الابدان والعقول. اذكّركم بما توصل اليه البروفيسور الايطالي بيترو بيتريني مؤخرا من ان التسامح يؤدي بصاحبه الى صحة افضل، واورد نماذج لشخصيات لم يدخلها نور التسامح فكانت تموت كمدا او تتحامل على المتسامحين “الموفوري الصحة” وتحقد عليهم.
السؤال الاول، الاكثر اهمية، هو: ما هي ملامح هذه البلاد التي ستولد مرة اخرى بحراسة هذا الجنس المتوحش من الدعاة والقتلة، حيث تنطفئ فيها رسالة التسامح.. رسالة رغيد عزيز كني؟ احسب اننا سنعثر عليها في كهوف افغانستان، صخرة جردها القتلة من الحياة، او سنجدها في "الارض اليباب" قصيدة الشاعر ت.س. اليوت التي يقول فيها، وكانه يتحدث عن عراق يسقط في براثن المشروع التكفيري الاجرامي:"أرض كانت تنبت التسامح والود واللون الأخضر ومواويل العشق ونقوش الخلود وعطر الياسمين، فأصبحت أحراشاً لنباتات شيطانية وصبارات عشوائية لاتعرف إلا الحقد الأسود المدمر وندابات الموت وعدودات الحزن وتجهم الصحراء ورائحة العفن".
السؤال الثاني الذي لايقل اهمية عن سابقه، هو: ما تفسير ان تمر هذه الجريمة المروعة، وسلسلة الجرائم بحق المسيحيين العراقيين، الاكثر التزاما بقيم التسامح، من دون تحرك عاجل لحمايتهم من قبل الحكومة والقوات متعددة الجنسية والامم المتحدة؟ ولماذا يتفرج الجميع (او يكتفون بالادانة اللفظية) ازاء عملية ابادة انسانية منظمة تجري في وضح النهار؟.
السؤال الثالث الذي تفوق اهميته سواه من الاسئلة، هو الاتي: ما هو الوصف المناسب لموقف مراكز الفتاوي الدينية الاسلامية المتفرج على مذابح المسيحيين وتهجيرهم؟ من جانبي اعرف هذا الوصف.. واعرف النص الذي يقف وراء الجريمة.. لكن آخ من لساني.
ــــــــــــــــ
كلام مفيد:
ــــــــــــــــ

ايها الاعياء.. انك تقتل يقظتنا ”.
                                        شكسبير