| الناس | الثقافية |  وثائق |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

 

عبد المنعم الأعسم

mm14mm@yahoo.com

 

 

 

                                                                               الجمعة 10/2/ 2012

 

محنة الهيئات المستقلة
في بيئة الاستقطاب

عبد المنعم الاعسم

تعد هيئة الاعلام والاتصالات من الهيئات المستقلة الست للدولة العراقية الجديدة، مفوضية الانتخابات. النزاهة. الاجتثاث. البنك المركزي، مجلس القضاء ، وقد نظمّ عملها تشريعان، الاول، الصادر من ادارة الدولة المؤقتة في 20/ 3/ 2004 برقم (65) ويعهد الى الهيئة مسؤولة إعطاء التراخيص والاجازات بشأن البث واستخدام الفضاء في العراق وثانيهما الوارد في الدستور العراقي، المادة (103) وسمّى هيئة الاعلام والاتصالات كهيئة مستقلة إدارياً وثبّت إرتباطها بمجلس النواب على أن ينظم عمل هذه الهيئة بقانون.
وإذ خولت المادة (61) من الدستور رئيس مجلس الوزراء سلطة “ترشيح وإقتراح أصحاب الدرجات الخاصة لشغل وظائف الدولة” فانها حصرت بمجلس النواب حق الموافقة على الترشيح والمقترح ليصبح نافذا، أخذا بالاعتبار بان سلطة الائتلاف المؤقتة نقلت صلاحياتها بالقرار رقم (100) في حزيران 2004 الى رئيس الوزراء، بما فيها تعيين رئيس مجلس مفوضي هيئة الاعلام وأعضاء المجلس وإنهاء خدماتهم، ويعتقد خبراء في القانون بان مصادر تشريع صلاحيات هيئة الاعلام، وعدم صدور القوانين التي تنظم عملها، شكلت ارضية لاضطراب إداء هذه الهيئة، يضاف الى ذلك سبب آخر اكثر اثرا هو اختيار الرؤساء التنفيذيين على اساس المحاصصة الفئوية.
وبالاستناد الى تجارب دولية سبقت العراق في هذا المجال فان الهيئات التي تتولى تنظيم استخدام الفضاء من قبل اقنية الاعلام والاتصالات، وتتكفل رسم قواعد البث وصناعة الرأي العام وضبط مفاتيح الاتصالات وتنظيمها تعد من اخطر مؤسسات الدولة ذات الصلة بقضايا السيادة، وحماية حقوق الفضاء الوطنى، والسلوك الاعلامي، وتُعهد قيادتها وادارتها في العادة الى خبراء في مجالات الاعلام والاتصالات، مشهود لهم بالنزاهة والحيدة السياسية والمهنية والخبرة الطويلة، مع تأمين حمايتهم من تدخل الحكومات والاحزاب السياسية وجماعات المال والضغط، فضلا عن تحصين هذه الهيئات ضد اختراقات الدول الاخرى.
لقد اخفقت هيئة الاعلام والاتصالات، منذ تأسيسها في يونيو 2004 في ان تكون مستقلة حقا، وصارت نقطة تجاذب ونفوذ وتدخل، وجرى تلغيمها بالمجسات الفئوية المتصارعة وتحولت في مرحلة من مراحلها الى تكية لتزجية وقت العاملين، فيما يقوم بضعة اشخاص من جيشها الاداري في تمشية امورها على النحو المعتل، وفاقم الامر اضطراب السياقات المالية وسوء ادارة الموارد وتدني الرقابة وغياب البرامج والرؤى الاستراتيجية للنهوض بمستوى الخدمة، وبالترهل والبيروقراطية والمكتبية، وانعكس ذلك في ضعف قوام مجلس المفوضين وإغراقه بالحزبيين والموالين السياسيين، وفي تراجع تدفق الخبرة والكفاءة والمهنية المستقلة في الدورة الدموية للهيئة.
اتحدث في هذا من زاوية تجربة شخصية، إذ عملت عضوا في لجنة المستشارين الاعلاميين لعام او يزيد قليلا، خرجت من بعد ذلك بحصيلة الرأي الذي يقول ان استقلال هيئة الاعلام والاتصالات فرضية لا وجود له إلا في كراس الدستور، وان معافاتها من العلل بحاجة الى وقفة مراجعة.. جدية.
 

“خير لنا ان نسعى الى تقوية ظهورنا بدل ان نسعى الى تخفيف اثقالنا”.
                                                                                         حكيم
 

جريدة(الاتحاد) بغداد



 

free web counter