| الناس | الثقافية |  وثائق |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

 

محمد علي الشبيبي

Alshibiby45@hotmail.com

 

 

 

الأربعاء 2/2/ 2011

 

حتى لا تضيع دماء الضحايا المصريين

محمد علي الشبيبي

أولا لابد أن أوضح لماذا أكتب عن مصر في انتفاضتها الجبارة (فقد سألني بعضهم). أقول أن الإحباط الذي أصابني كما أصاب الشعب العراقي بما وصل إليه الوضع في العراق هو ما يدفعني. فأي انتصار لأي شعب عربي ضد الدكتاتورية وضد الفساد المالي والإداري هو انتصار لشعبنا وإنذار لمن يريد أن يبقى في السلطة متغطرسا وهو ينشر الفساد ويشرعنه. فقد سرق الأمريكان فرحة الشعب حين سقوط الصنم بنشرهم الفوضى (الخلاقة)، وسرق الجهلة والظلاميون باسم الدين الأمل في التحول الديمقراطي وبناء الدولة المدنية التي تؤسس لمبادئ حقوق الإنسان والعدالة الاجتماعية، وتحولت الدولة إلى دولة تكايا عزاء وتجار بمشاعر الشعب المذهبية.

الجميع يتابع تطور الأحداث في مصر الشقيقة، ويأمل أن يحقق الشعب مطالبه. لكن الدكتاتور مبارك ومن ورائه قيادات حزبه المستفيدة من الحكم، ومؤسسات الدولة (الأمنية والمخابراتية وحتى قيادات الجيش) هذه المؤسسات تدين وبالدرجة الأولى للنظام (ومبارك بالخصوص) فهو عرابها. فخلال ثلاثة عقود تمكن الدكتاتور وهو خريج المؤسسة العسكرية من أن يربط هذه المؤسسة (قياداتها) بوجوده وبحزبه. أقول أن هذا الدكتاتور استفاد من التجربة النظام الصدامي في القضاء على أنتفاضة الشعب في بداية التسعينات ومن أسلوب النظام الصدامي في نشر الخراب والفساد بعد سقوطه، كما استفاد من تجربة نضيره الهارب (بن علي)، كل هذه التجارب درستها ولخصتها له مؤسساته البحثية كي يمتص غضب الشارع ويلعب على تشتت المعارضة وتسفيه حركة الشباب الغاضبة.

كان على حركة الشباب المنتفضين أن يقيموا مسرحا ثابتا في ميدان التحرير ليكون هذا المسرح الأعلام الناطق العلني والواضح باسم المنتفضين والمعارضة السياسية. وبذلك ستتبلور أفكار المنتفضين ويبرز بينهم القادة الواعين والمتمكنين والمحاورين الصلبين وستتبلور أفكارهم وتتلاقح مع أفكار أحزاب المعارضة والتي هي الأخرى كان عليها المبادرة إلى إنشاء هذا المسرح الإعلامي ليساهموا سوية مع المنتفضين وعدم الانعزال والتفاوض منفردين مع الحكم.

أقدم النظام الدكتاتوري على خطوة مهمة لمحاربة الانتفاضة (بقطع الأوكسجين عنها)، بحرمانها من التواصل والتنسيق بين جماهيرها وذلك بقطع الانترنت والموبايل وغيرها من وسائل الاتصال ومن ثم اللعب على الوقت لنشر الفوضى والإحباط والإرباك والتشتت والتشكيك بقدراتهم! وللأسف أن المنتفضين ولعدم وجود قيادة واضحة لهم أكتفوا بالتجمع في ميدان التحرير والاحتجاج والمطالبة. بينما راحت بعض الأحزاب (التقليدية) تتفاوض ولم تسع في تنظيم هذه الاحتجاجات لتكون أكثر فعالية وتكون قوتها في التفاوض.

بعد أن حرم النظام الشعب من وسائل الأعلام (الانترنت، الفيسبوك، الموبايل، وغيرها) كان على المنتفضين السيطرة على إعلام الدولة (التلفزيون والإذاعة) وعدم ترك الإعلام الحكومي يواصل نشاطه لمحاربة وتشويه الانتفاضة وحقن النظام ومرتزقته بالمعنويات مقابل إحباط معنويات الشعب المنتفض! وأعتقد ورغم أني أراقب الأحداث عن بعد فقد كان بإمكان المنتفضين السيطرة على إعلام الدولة في نفس الوقت عدم السماح للمخربين في إفساد توجههم الثوري هذا بعمليات تخريب فوضوية.

وأخيرا أرى أن الوقت مازال صالحا لتأسيس المسرح لألقاء الخطب والبرامج والمطالب والتلاقح بين جميع المشاركين في الانتفاضة من أجل توحيد البرامج والمطالب في الحد الأدنى والضامن لتقدم الانتفاضة إلى الأمام وعدم الالتفاف عليها بالمناورات، كما أن المسرح هذا سيكون الإعلام للمنتفضين لتتبع آخر الحوارات وآخر المواقف، ثم أنه سيخلق قادة موهوبين وصلبين للتفاوض والتوجيه.

لقد راهن المنتفضون على حياد الجيش، والجيش (بقياداته) تظاهر بالحياد بينما هو نزل للشارع للحفاظ على النظام من السقوط وإنقاذ ما يمكن إنقاذه، والساعات الأخيرة تؤكد ذلك حيث طالبت قيادات الجيش من المحتجين إنهاء احتجاجاتهم والعودة لبيوتهم (حفاظا على الأمن والاستقرار ولإيقاف التدهور الاقتصادي) أنها قولة حق يراد بها باطل!

أيها المصريون انتبهوا لانتفاضتكم

أوجدوا لكم منبرا إعلاميا (مسرحا وسط ساحات التجمع) في كل مدينة

لا تتركوا النظام يبقى مسيطرا على الإعلام المرئي والمسموع

شكلوا لجانا للتفاوض تتحدث بلسان الشباب الذين ألهبوا الشارع

لا تنجروا وراء تشويهات النظام وتهاجموا أحزاب المعارضة ونسقوا فيما بينكم

يا أحزاب المعارضة لا تتفاوضوا مع النظام دون التنسيق مع المنتفضين، ساهموا أنتم بخبرتكم في تنظيم الانتفاضة وإعلامها، ولا تضيعوا الفرصة بالأنانية والغطرسة!


 

السويد ‏02‏/02‏/2011
 

 

free web counter