| الناس | الثقافية |  وثائق |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

 

د. مؤيد عبدالستار

muayed1@maktoob.com

 

 

 

الأثنين 31/10/ 2011


 

 اقاليم الفوضى ... العراق بين فكي الرحى

د. مؤيد عبد الستار

تنتاب بعض الاوساط السياسية العراقية اليوم صرعة إقامة الاقاليم ، و تسند شرعية تلك المطالب الى الدستور الذي كفل حق اقامة الاقليم وفق ضوابط وآليات وضعها منها تصويت المواطنين وموافقة مجلس النواب وغير ذلك من شروط ليست تعجيزية ، وانما وضعها المشرع جاهدا كي لا يفكر من يرى رأيا احاديا التصرف بما هو حق للمجموع ، فانشاء اقليم او اقامة فيدرالية ليست رغبة فردية ، او حلم مجموعة من الناس سواء أكانوا محرومين او مهمشين او حالمين .. وانما هو قضية مصير شعب ودولة ، مثله مثل ذلك الذي اراد احداث ثقب في سفينة يركبها مع الاخرين على اساس ان الامر من حقه لانه يثقب في مكانه الذي يعود اليه.

ان مجرد التفكير في إقامة إقليم يضع المواطن العراقي أمام تساؤلات مشروعة ، اولها :

ما الفائدة التي يجنيها الشعب او البلد من هذا الاجراء ؟
هذا هو السؤال الاول ، ليس ما الذي يجنيه مواطن ذلك الاقليم من فائدة ، لان الفائدة المقصورة على الاقليم المراد تشكيله قد تكون فائدة كبيرة ، كأن يستفيد مواطن الاقليم مبلغا من المال ولنفترض انه مرتب شهري دائم، مثلما يحصل عليه المواطن الخليجي ، ولكن من الجريمة أن يتحقق ذلك على حساب جميع المواطنين الاخرين في العراق الذين سيحرمون من مورد قد يكون من خيرات العراق النفطية او الزراعية ، فمحافظة زراعية مثل بابل او ديالى لا يمكن ان تـقـصر خيراتها الزراعية على أبناء الحلة او بعقوبة ، ويحرم منها المواطن في الرطبة مثلا لانها غير زراعية ، في الوقت الذي تنتج فيه الرطبة الفوسفات ويعود دخل المبيعات الى خزينة العراق .. وهكذا بامكاننا الاتيان بالعديد من الامثلة المبسطة على تقاسم السلطة والنفوذ والثروة ...الخ

اما ما يدعيه البعض من ان محافظتهم مهمشة او انهم محرومون من الخدمات ، فتلك ليست بالحجة التي تقود الى اقامة اقليم على أسس غير عادلة ، لاننا لو اردنا البحث عن واقع التهميش لرأينا ان معظم المحافظات في الوسط والجنوب وكوردستان كانت مهمشة، وضربت بانواع الاسلحة المدمرة وسلبت خيراتها طيلة سنوات عديدة تحت ظل النظام الصدامي، ولكنها لم تلجأ الى سلاح اقامة الاقاليم لانها تدرك ان الوقت والظروف وما يحيط بالعراق وشعبه من مخاطر جسيمة لا تسمح بالذهاب الى نقطة قد تضع العراق في دائرة الخطر الكبير الذي يورثه الانهيار وربما يتجرع مرارة التقسيم الى دويلات وطوائف ضعيفة سينحسر دورها الاقتصادي والسياسي عاجلا حال قيامها.

ان السهولة في تحفيز المواطنين واللعب على عواطف محلية وطائفية ومذهبية وعنصرية لعبة خطرة تعود بالوبال على لاعبيها ، ومرد ذلك طفولة سياسية لدى بعض السياسيين الذين لم ينشأوا في رحاب حزب او منظمة ديمقراطية وطنية وانما تعمدت افكارهم بعقائد عصبية سواء أكانت تاريخية أم حديثة ، تعود لافكار مشوهة سطرها بعض القادة العنصريين ، ومن المؤسف ان البعض اتخذها دستوارا وميثاقا يؤمن به ولا يستطيع الحياد عنه رغم بيان خطل تلك الافكار وتطبيقاتها سواء في العراق او في دول عربية وشرق اوسطية اخرى مازالت تعيش البؤس والفقر والمرض .

ان حلم الفيدرالية والتي يُضرب فيها المثل بامريكا والمانيا وسويسرا حلم جميل نرغب جميعا بتحقيقه في وطننا العراق الذي يتشكل من قوميات واديان ومذاهب مختلفة ، نرغب ان يعيش فيه الجميع تحت سقف فيدرالي يضمن تكافؤ الفرص وتقاسم الثروات بعدل وانصاف ومساواة المواطنين جميعا في الحقوق والواجبات امام القانون .

من لا يريد تحقيق هذا الحلم ؟!
ولكن يجب العمل على انجازه من قبل الجميع وتوفير مستلزمات تحقيقه على أسس نزيهة لا على أسس عنصرية أوطائفية أومذهبية ، وبعد أن يبلغ المستوى الثقافي والمعاشي للمواطنين درجة مقبولة ، لا الحاضر الذي يفتقد فيه المواطن ابسط الخدمات ويعاني من البطالة والجهل والارهاب ، لان اقامة اقليم او فيدرالية لا يقل عن اقامة دولة ، وليس من اليسير اقامتها بنزوة او جرة قلم او تصويت عدد من موظفي المحافظة الذين لايعرفون ادارة بلدية صغيرة.

وبدلا من الاصرار على فوضى الاقاليم اليس من الافضل العمل على تحقيق الرفاه الاقتصادي للمحافظة ومعالجة مشكلة البطالة وتطبيق برامج محو الامية ونشر التعليم وتخصيص الموارد المالية للتغذية المدرسية لاشباع بطون الطلاب الفقراء ودعم اقتصاد الاسر الفقيرة والارامل وانجاز المشاريع الخدمية والاسكان وزيادة تخصيصات البطاقة التموينية ....الخ

وما اصدق المتنبي حين قال :

اذا كانت النفوسُ كبارا         تعبت في مرادها الاجسامُ

 

 

 





 



 

     


 

 

free web counter