| الناس | الثقافية |  وثائق |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

 

د. مؤيد عبدالستار

muayed1@maktoob.com

 

 

 

                                                                                     الثلاثاء 28/6/ 2011


 

معا نمزق  طبول الدكتاتورية الجديدة  .... ملاحظات من قصب

د. مؤيد عبد الستار

(لم يبق أثر  لاية حمامة  في جدارية فائق حسن
فقد التهمها الجوعى
من العاطلين ،
القطط ،
والقصص ،
آه   آه !
) -  
شيركو بي كه س ، ديوان ساعات من قصب، دار المدى 1994

اطلعت على البيان الموسوم  :  معا ... نمزق طبول الدكتاتورية الجديدة  الذي اصدرته مجموعة متميزة من مثقفي الكورد على رأسهم الشاعر الكوردي  الكبير شيركو بي كه س ، الذي تعلمنا من شعره منذ نعومة اظفارنا التمرد الايجابي، وما زلت أذكر بحماس تلك الامسية الشعرية التي اقامها ببغداد في حديقة نادي الادباء العراقيين بعد توقيع اتفاقية 11 آذار 1970  ، يوم حمل مصور التلفزيون كاميرته ليصورنا فردا فردا بتفصيل غريب ، ادركنا معه النوايا السيئة التي تخفيها  دوائر الامن والمخابرات للجمهور الذي يحضر تلك الامسية رغم الاجواء المتفائلة التي حلمنا بها يوم  توقيع الحكومة على اتفاقية11 آذار  لوقف الحرب الشوفينية التي تشنها السلطة على شعبنا المناضل.

لم التقي شيركو بي كه س بعد تلك الندوة الا  بعد عشرين عاما في ندوة اخرى عقدها  جنوب السويد في مدينة مالمو قبل سقوط نظام صدام بسنوات قليلة .

حين اطلعت على البيان المذكور اعلاه وددت ان يحمل بصمات اكثر املا للملايين من الشعب العراقي بعربه وكورده وجميع مكوناته الاخرى  لانه صادر بتوقيع رموز ثقافية كبيرة من رموز الشعب الكوردي ، لذلك ارى ان مقدمة البيان تحمل مضمونا يفتقر الى الدقة حين تنص على:  (نراقب بقلق متزايد ضيق صدر نوري المالكي وحكومته وأدوات قمعها الخارجة عن حدود مؤسسات الدولة والقانون أزاء الإحتجاجات المدنية السلمية المتواصلة في جميع أنحاء العراق وخاصة في العاصمة بغداد. ) نرى ان هذه المقدمة تؤكد على مسألة عاطفية لا علاقة لها بطبيعة الوضع الامني المتفجر ، فما علاقة ضيق صدر المالكي ، بمحاولة الاجهزة الامنية العراقية الاحتياط من انتقال التظاهرات الى موجة عنف يستغلها الارهاب لضرب العاصمة بادواته الكثيرة الفاعلة والتي تمتلك هامشا للمناورة اكبر من القوات العسكرية العراقية لان هذه الاخيرة تعمل بالعلن بينما يعمل الارهاب  في الظلام ، اضافة الى ان الحكومة ليست حكومة المالكي فقط ، انها حكومة جميع الاحزاب الكبيرة ، صحيح ان المالكي يرأس هذه الحكومة ولكننا نعلم جميعا ان صلاحيات رئيس الحكومة محدودة بسبب الشراكة، وقوى مشاركة  تحاول عرقلة او افشال عملها وهو ما صرح به اكثر من مسؤول رفيع المستوى بمن فيهم رئيس الجمهورية مام جلال حين قال ان البعض مع الحكومة في النهار وضدها في الليل .

كما ان ادوات قمع الحكومة لا تغطي جميع انحاء العراق ، فكوردستان مثلا لا تخضع امنيا لسلطات رئيس الوزراء وانما تقع ضمن مسؤولية  ادارة الاقليم ، اما محافظات اخرى مثل الموصل فهي نادرا ما تأتمر بامر السلطة المركزية ببغداد ، واكبر دليل ما شاهدناه من قيادة السيد اثيل النجيفي لتظاهرة في محافظة الموصل وهو المحافظ المسؤول عن امن المحافظة ، وكذلك تحديه  لاوامر التعيينات في المحافظة .

حاول البيان شمول مساحة العراق عامة وجمع تناقضات المرحلة التي لا يمكن باي حال من الاحوال جمعها تحت سقف واحد لذلك رسم صورة لا تصف الواقع بدقة ، فنقرأ في الفقرة الثانية ما يلي :(وندين بشدة ترويع المتظاهرين بالقمع المنفلت من كل منطق ومنع وسائل الأعلام من النقل الحي للأحداث). هنا لا اريد ان اختلف مع البيان بشأن العنف الذي طال المتظاهرين واستنكره ايضا بقوة ، ولكني لا ارى ان وصف القمع المنفلت من كل منطق ، ينطبق على ما جرى من تضييق ومحاولة منع التظاهر ، طبعا هذا لا يعني قبول اي انواع العنف ضد التظاهر السلمي ، علما ان وسائل الاعلام كانت موجودة على الدوام في ساحة التحرير والاماكن التي تم التظاهر فيها وسبق لي ان شاركت شخصيا في الاحتجاج الذي نظمة المثقفون الديمقراطيون امام تمثال شهرزاد في شارع ابي نؤاس اواسط  الشهر الثاني ، شباط  2011 و حضره جمهور كبير على رأسهم الاستاذ مفيد الجزائري والناقد ياسين النصير والسيدة خيال الجواهري والعديد من السياسيين والديمقراطيين ، ووقعنا  مذكرة رفعت  الى الرئاسات الثلاث ، شاركت الفضائيات في نقلها ، لذلك اعتقد ان العبارات الواردة في البيان فيها عدم انصاف لواقع الامر الذي  حصل وما رافقه من ملابسات وعنف ، فمن الواجب علينا ان ندعم اي جهد في سبيل استكمال البناء الديمقراطي في العراق واشاعة روح المسؤولية وسد الثغرات والملابسات التي ترافق العملية السياسية باساليب علمية متطورة لا تعتمد الهيجان الشعبي والاحتجاجات المتوالية المربكة للسلطات قليلة الخبرة والتي تتربص بها قوى الارهاب الدوائر ، اقول هذا ليس دفاعا عن المالكي وحكومته ، ولكن ارى ضرورة  دعم وارشاد الحكومة القائمة باقوى ما نستطيع ما دام الارهاب يريد فرض شروطه على الدولة والمجتمع ، فهدف  الارهاب ليس الحكومة وحدها وانما الشعب العراقي بكافة طوائفه وقومياته ، وفي الوقت نفسه  علينا ان لا نغفل النقد والتوجيه والاحتجاج الايجابي ، لا المحاولات المغرضة التي يحاول جرنا اليها  قطاع فاعل من القوى الارهابية داخل العملية السياسية وخارجها .

وفي الشأن الكوردستاني ورد في البيان مايلي (ان تجربة المشتغلين بالثقافة الكورد مع سلطات اقليم كوردستان التي إختارت القمع والقوة الغاشمة وسيلة لإسكات صوت الأحتجاجات المستمرة في الإقليم منذ شباط، تؤهلنا لتجاوز حاجز الفوارق....) ، هنا لا اريد ان اضيف  المزيد الى حقيقة التجربة الصعبة  التي تمر بها كوردستان وتمنياتنا ان تجتاز حكومة الاقليم الازمات المركبة التي تتراوح بين التقاليد الاجتماعية والموروث السياسي ضارب الجذور في العصور العثمانية والتقاليد القبلية والمشاعر الدينية.... الخ  وان نساعد ادارة الاقليم على تنفيذ  المشروع الاصلاحي  الذي  قدمته رئاسة الاقليم على أمل ان تبدأ صفحة حقيقية  من التجديد في الحياة السياسية والابتعاد عن تحنيط القوانين لصالح فئات طفيلية تتمتع بالامتيازات من خلال المشاريع والمقاولات والفساد المالي والاداري ، وعلينا ايضا تقع  مسؤولية عدم الانخراط في اعمال العنف ، وتنظيم المطالب والاحتجاجات باسلوب سلمي واع يستوعب المرحلة الحرجة التي يمر بها الاقليم ومحاولة الحفاظ على التجربة وتعزيزها بمنتهى النزاهة والاخلاص وهو ما نعرفه في الشاعر الكبير شيركو بي كه س  والاعزاء الذين وقعوا البيان اعلاه .

 

 

رابط البيان : http://www.pcdk.org/pcdk/index.php

 

 


 

free web counter