| الناس | الثقافية |  وثائق |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

 

د. مؤيد عبدالستار

muayed1@maktoob.com

 

 

 

الأربعاء 26/10/ 2011


 

الانسحاب الامريكي ... امتحان الدولة العراقية الحديثة

د. مؤيد عبد الستار

ليس لنا الا أخذ اعلان اوباما في انسحاب القوات الامريكية القتالية من العراق مأخذ الجد  رغم ان بيننا من يشكك في الاعلان  على اعتبار ان اوباما غير صادق ، وان من طبيعة الولايات المتحدة خداع العالم ومن طبيعة الراسمالية استغلال الناس .. الخ  ، مع ذلك  سنصدق امر انسحاب القوات الامريكية ، وسنترك أي احتمال اخر متاحا لمن يشاء أن يـسبح  في بحر الاحتمالات  المتلاطم.

وبما ان الانسحاب الامريكي سيكتمل خلال الاسابيع القليلة القادمة ، فما علينا الا البحث عن السبل التي تتيح لنا الحفاظ على مكتسبات شعبنا التي تحققت واهمها زوال الدكتاتورية الصدامية ، وانبثاق نظام  ( ديمقراطي ناشئ )   يبحث عن من يستطيع تطويره وتهذيبه والسير به قدما نحو آفاق أرحب ، آفاق  الديمقراطية الحقة التي سبقتنا العديد من الدول الى الاخذ بها والاستفادة من امكاناتها في ادارة الدولة والمجتمع .

إن الحديث عن تأسيس الدولة العراقية الحديثة يجب أن لا يقترن بالماضي ولا يقارن بتاسيس الدولة العراقية عام 1920 م ، ذلك لان تلك المرحلة حملت تناقضاتها وانتهت بسبب ازماتها ، وتحكم العقلية العثمانية العسكريتارية  في  ادارة الدولة تلك التي حملها رجال الحكم الاوائل من أمثال نوري السعيد وحكمت سليمان والهاشمي والباججي والسعدون وغيرهم، اضافة الى عوامل  اساسية اخرى لامجال لبحثها في هذه العجالة .

ان الانسحاب الامريكي سيلقي بظلاله على اسلوب نشوء الدولة العراقية الحديثة ، دولة عصر الانترنيت والعولمة ، هذه الدولة تختلف عن ما سبقها من دول وطرق نشوئها ، فالعلاقات الدولية في الوقت الحاضر اتخذت طابعا جديدا لم يكن سائدا في الماضي القريب، على سبيل المثال كان التزام دولة قوية واحدة مثل الاتحاد السوفيتي - حتى اواخر السبعينات من القرن الماضي-  لدولة فقيرة وضعيفة مثل اليمن الجنوبي ، كفيل بالحفاظ على وجودها واستمرارها رغم الاشكالات الحقيقية التي تعصف بها ، وشاهدنا كيف انهارت دولة اليمن الجنوبي حين شارف الاتحاد السوفيتي على التفكك فلم يستطع حماية اليمن الجنوبي من الانهيار .

كذلك شاهدنا معارضة روسيا – وريثة الاتحاد السوفيتي – لقرارات الامم المتحدة الصادرة بشأن ليبيا التي  لم توفر فرصة للنظام الليبي في الحياة ، كما ان الغرب الذي وفر السلاح لليبيا سابقا ، لم يمنعه ذلك من تدمير اسلحة النظام الليبي والقضاء عليه وفرض تشكيل دولة جديدة على انقاض دولة القذافي ، اللادولة  .

 بعد الانسحاب الامريكي سيقف العراق في مفترق طرق ، فان استمرت العقلية المتعصبة  في ادارته وفرضت عليه رؤيتها فان مصيره سيكون كمصير عراق العقلية العثمانية التي لم تستطع مواكبة العصر فاسلمت العراق في نهاية المطاف لصدام وعصابته لينتهي في حفرة بائسة.

قد يوفر  انسحاب القوات الامريكية  فرصة آنية للبعض للحصول على لقمة الصياد في العراق ، لكنهم سيدفعون الثمن عاجلا بما لا يقل عما دفعه القذافي و صدام من قبله . لذلك لاسبيل أمام القوى السياسية العراقية سوى التفاهم والاتفاق على بناء عراق حضاري يحرص على  أفضل العلاقات السياسية والاقتصادية مع الدول المتقدمة شرقا وغربا ، من الصين الى امريكا، وبناء الجسور الحضارية مع العالم المتقدم والكف عن  عزف نغمة الاصول والفصول والقومية والطائفية والمذهبية ، واتخاذها وسيلة لفرض التحجر الفكري والعقائدي  الشمولي .

ان استمرار مزايدة بعض القوى والكتل السياسية على بعضها والتنافس على مكتسبات وظيفية من وزارة هنا ووزارة هناك ، والتكالب على مغانم مالية ونهب ثروة البلد والشعب ، ستؤدي بهم الى مزبلة التاريخ ولن تشفع لهم الاموال ولا الوزارات التي يغنمونها سواء  أكانت وزارات سيادية او غير سيادية ، ومن اولى مهام القوى السياسية في الوقت الحاضر الكف عن سياسة تقاسم كعكة العراق وكأنها غنيمة غزوة  حصل عليها البعض في ليل بهيم .

 و اخيرا لا يخفى  على أحد ما يتقاطع به الواقع السياسي الحالي مع توجهات البعض من أرباب السياسة في العراق ، وعلى الاخص اولئك الذين يعشعشون في مفاصل المؤسسات التشريعية والتنفيذية وينفذون علنا اجندات ومشاريع دول اقليمية لا تحمل الخير للعراق ولكنهم مهما سيحاولون تغليف مراميهم في رداء الوطنية الا ان الايام القادمة ستكشف تلك الاغطية المموهة التي يلتحفون بها وقديما قال ابن ابي سلمى :

ومهما تكن عند امرء من خليقة    وان خالها تخفى على الناس تعلم

 

 

 





 



 

     


 

 

free web counter