|  الناس  |  المقالات  |  الثقافية  |  ذكريات  |  المكتبة  |  كتّاب الناس  |
 

     
 

 الأربعاء 25/4/ 2012                                  د. مؤيد عبد الستار                                   كتابات أخرى للكاتب على موقع الناس

 
 

 

نحو علاقات أفضل بين إقـلـيم كوردستان والحكومة الاتحادية

د. مؤيد عبد الستار

شابت العلاقات  الثنائية بين اقليم كوردستان والحكومة الاتحادية مختلف المصاعب والاشكالات ،  على الاخص خلال العامين الاخيرين وبالذات منذ تشكيل الحكومة التي عمل  السيد رئيس اقليم كوردستان على  تسهيل تأليفها .

ولكي لا تأخذ تلك المشاكل طريقها الى الباب المسدود ، وتصبح  مثل كرة الثلج التي تكبر كلما تدحرجت ، يتحتم علينا النظر الى جذورها وأسباب تضخمها وأفضل السبل لمعالجتها .

إن اولى مهام السياسة هي التعامل مع الاحداث باسلوب يسهّـل الوصول الى حلول لاية مشكلة تبرز في اطار الدولة والمجتمع ، سواء داخل الدولة او مع محيطها الاقليمي او الدولي ، لذلك تعد السياسة فن الممكن ، بل أفضل وسيلة لتجنب الحروب والكوارث وبها تعالج  أعقد المشكلات.

المادة 140

شكلت المادة 140 المتعلقة بالمناطق المتنازع عليها او المناطق المستقطعة من كوردستان مشكلة مستعصية لم تستطع الحكومات المتعاقبة منذ سقوط نظام صدام حتى اليوم من وضع آلـية ناجـحة تـنـفع في وضع العربة على السكة ، فالتسويف في تطبيق المادة الدستورية استمر طوال سنوات مما يؤكد وجود نوايا غير صادقة تنشد عدم التوصل الى حلول ترضي الاطراف المتنازعة ، لذلك يحتاج حل هذه العقدة الى  آلية اخرى تضمن التوصل الى حلول جزئية  تمهيدية  على أمل التوصل الى حلول متكاملة في المستقبل ، ولا بأس من الاستعانة بخبرة الامم المتحدة في طرح  صيغ مقبولة توفيقية ترضي الجميع  .

النفط  ... النفط 

تعد ثروة العراق النفطية أهم مصدر للثروة منذ بدء استخراجه و تصديره حتى اليوم ، عليه يعتمد اقتصاد العراق اعتمادا كليا ، كما ساعد تضاعف اسعار النفط على  زيادة عائداته حتى بلغت  مدخولات العراق  في السنوات الاخيرة  نحو مائة مليار دولار في السنة  ، بينما كانت في الستينات لا تتجاوز عدة مئات من ملايين الدولارات، ولكن رغم ذلك استطاعت ثورة الرابع عشر من تموز المجيدة وضع برامج اعمار واستثمار واستصلاح اراضي ومشاريع خدمية عديدة  خلال عمرها القصير الذي لم يتجاوز خمس سنوات قصيرة مليئة بالمؤامرات .

خلال تلك السنوات التي كان فيها النفط يستخرج  ويباع ، لم يكن أحد يعرف مقدار الموارد ولا اوجه صرفها ، على الاخص خلال الحكم البعثي بعهديه  : الاول عام 63 – 1965  والثاني عام 68 – 2003

ولم تكن لكوردستان التي تنتج كميات كبيرة من النفط سوى حظها من الصواريخ وقنابل النابلم والدمار حتى اصبحت معظم اراضيها  غير صالحة للزراعة بسبب التخريب الدائم من قبل الحكومات المتتالية.

ولكن بعد انتفاضة عام 1990 م  استطاعت كوردستان الحصول على حماية جزئية من القصف الصاروخي والطيران ، فتمكنت من البدء بخطوات اعمار وبدأت تسير على سـكة التطور البطئ رغم المشكلات التي تواجهها داخليا ، وطنيا  واقليميا.

وما ان سقط النظام الصدامي عام 2003 حتى حصلت فرصة لاستثمار الموارد النفطية استثمارا ينفع العراق عامة وكوردستان خاصة ، ولكن ظهر جليا  تعثر  مسيرة الاعمار وعدم تطور الاقتصاد العراقي بما كان يؤمل منه رغم الموارد الهائلة التي يجنيها من تصديره للنفط .

برزت مشكلة صلاحيات الاقليم والمركز وتنازع الطرفين حول ابرام العقود والاستثمار والموارد المالية .

والجميع يعلم انه من الصعب  حل هذه القضايا دون قوانين واضحة تحفظ  لجميع الاطراف الحصول على حقهم في الموارد والخيرات التي تجود بها بلاد الرافدين المعطاء.

لذلك يتوجب على الحكومة والاقليم الركون الى خبراء الاقتصاد والمال وتشكيل لجان عليا لوضع سياسة  عملية ناضجة تتجه نحو وضع الحلول الصائبة  للاشكالات التي تقف  بوجه تطور البلاد اقتصاديا

وسياسيا .

اما مراقبة  الموارد المالية من بيع النفط والكمارك والضرائب وغيرها ، فلا يمكن ان تـتـم بشكل شفاف ونزيه بين المركز والاقليم ما لم يتم القضاء على الفساد في مفاصل الدولة العراقية ومؤسساتها المختلفة ، او على الاقل الحد من الفساد وايقاف نهب اموال البلاد والعباد من خلال مؤسسات مراقبة مالية مهنية جادة ، ومراقبة المجتمع والاعلام ، و يتطلب الامر تشكيل مجالس مراقبة مشتركة بشأن الموارد والميزانية الخاصة بالمركز والاقليم وترشيد ابواب الصرف والاستهلاك والمشاريع وغير ذلك .

قانون النفط والغاز

حين  يسير اقتصاد البلد دون قوانين صارمة شاملة  فانها  الفوضى ، وقد بلغ السيل الزبى كما يقال .

ومن أجل التغلب على الفوضى نرى ضرورة اقرار القوانين المطلوبة والمقترحة منذ سنوات ولا تزال نائمة في خزائن مجلس النواب واللجان القانونية .

ما يثير الدهشة هو عدم استطاعة القوى السياسية العراقية  الاتفاق على قانون النفط والغاز في الوقت الذي يتم فيه بيع وتصدير الثروة النفطية على قدم وساق في معدلات تتسارع نحو الزيادة سواء في عموم انحاء العراق او في اقليم كوردستان .

لذلك نرى ان إهمال اقرار قانون ينظم تصدير النفط والغاز واستثمار الاموال والعائدات من هذه الثروة سيبقى عنصر تهديد لارتباط الاقليم بالمركز ، لان الخلافات سـتـتسع يوما بعد اخر وتنشأ مصالح لمؤسسات وشركات  خاصة  ، والبعض منها شركات طفيلية  ، تصبح على الدوام اكثر شراهة تسعى للاستحواذ على أعلى العوائد والثروات النفطية .

المحكمة الاتحادية

نعلم جميعا بوجود مادة  دستورية  توصي  باللجوء الى المحكمة الاتحادية في حالة حصول خلاف او نزاع حول أمر من الامور بين المركز والاقليم .

ولكن الملاحظ ان جميع الخلافات بين المركز والاقليم تطرح في وسائل الاعلام ، ويتناولها عدد كبير من النواب يتناوبون على التصريح  احيانا بشكل يجافي الاصول المهنية للسياسة واخرى تدلل على جهل بطرق معالجة المسائل العارضة بين السلطات المختلفة في البلاد ، سواء بين المركز والاقليم او بين المحافظات او بين الوزارات ، فتجد من يصرح متهما وزارة بالفساد ليرد عليه اخر متهما كتلته بالفشل ، وهناك من يجلس امام الكاميرا في محطة فضائية فاشلة ليهاجم من يشاء دون أدلة ووثائق وربما حتى دون تخويل من كتلته التي ينضوي تحت لوائها فيسبب احراجا سياسيا الى كتلته ، او يتوارى خلف ستائر مجلس النواب يجتر بطولاته الدونكيشوتية دون معرفته  بمدى الضرر الذي يسببه للمواطنين والبلاد بشكل عام .

لذلك نرى اعادة المكانة الحقيقية للمحكمة الاتحادية ، فمثلما استطاعت فرض حلول لمشكلة الانتخابات ، وقررت من هي الكتلة الفائزة ومنحتها حق تشكيل الحكومة  ، عسى ان تستطيع ايجاد بعض الحلول لقسم من الاشكالات بين المركز والاقليم او بين المركز والمحافظات ، او بين الكتل السياسية .

ان احترام دور المحكمة الاتحادية ، شرط ان تكون حيادية مخلصة للوطن والشعب ، سيكون مفيدا لجميع الاطراف المتنازعة ، وسيكون علاجا ناجحا لانواع الفشل الذي اصاب المسيرة السياسية التي ظلت تـتـعـثر فيها الكتل السياسية لحظة غادر الراعي الامريكي الساحة العراقية وترك  الامور لابناء البلاد كي يديروا شؤون بلدهم .

 

 

 

 

 

 

 

 Since 17/01/05. 
free web counter
web counter