| الناس | الثقافية |  وثائق |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

 

د. مؤيد عبدالستار

muayed1@maktoob.com

 

 

 

الجمعة 12/11/ 2010

 

منجز المناصب السيادية .... معا على طريق الديمقراطية القويم

د. مؤيد عبد الستار

واخيرا اثمرت مبادرة السيد مسعود البرزاني في تحقيق اهم منجز عراقي ، اذ نجح مجلس النواب في تجاوز محنته التي دامت شهورا صعبة واستطاع تسمية المرشحين للمناصب السيادية : رئيس مجلس النواب ، رئيس الجمهورية ، وتكليف رئيس الوزراء بتأليف الحكومة.

وبكل فخر يطيب لنا ان نشعر بالغبطة والفرح ونهنئ ابناء شعبنا الذين انتظروا بصبر جميل هذه اللحظة المباركة لاعلان البدء بتشكيل الحكومة ، ونهنئ السادة رئيس الجمورية جلال الطالباني لاعادة انتخابه والسيد اسامة النجيفي لتسميته رئيسا لمجلس النواب والسيد نوري المالكي لاعادة تكليفه بتشكيل الحكومة.

ان أصعب مرحلة كانت خلال الشهور الماضية التي عانى فيها شعبنا من مخالب الارهاب النابتة في كل بقعة من بقاع العالم اضافة الى تبعات النظام المتخلف الصدامي الذي ما زال يبعث دخان الازمات في مفاصل عراقنا الجديد.

ليس من شك ان الخصام الذي شاع بين الكتل السياسية المختلفة لم يكن من أجل تقاسم الكعكة فقط مثلما يحلو القول للكثير من المراقبين ، وانما الاساس في النظام الديمقراطي هو فسح المجال أمام الجميع للمنافسة في تطبيق برامجهم في التغيير ايضا ، فما ورثه العراق من اساليب همجية في الحكم وتخلف في جميع جوانب الحياة الاجتماعية والسياسية ، يجعل من وجهات النظر والرغبات والبرامج تتقاطع في اكثر من اتجاه ، فمن اجل وضع سياسة خارجية ناجحة للعراق الجديد على سبيل المثال نحتاج الى قادة وبرامج واساليب تختلف كليا عن ما كان معروفا و متبعا من قبل النظام السابق الذي كان يتعامل باسلوب بوليسي عشائري مع دول العالم بعيدا عن اية صيغة دبلوماسية او سياسية ، لذلك كثر اعداء العراق واصبحت السياسة الخارجية العراقية مثالا للوقاحة والفضاضة والتخلف ، وعرفنا الكثير من المجتمعات والدول مثل الجزائر وبريطانيا والهند والسويد كانوا يستهزؤن باركان السفارة العراقية لما يقومون به من اعمال مخالفة للقانون ومخلة بالتقاليد والاعراف الدبلوماسية ، اذ كان ( الدبلوماسيون العراقيون!! ) يتصورون انهم يستطيعون شراء ذمم الناس بمجرد منح بعض الدولارات ، وقد حدثنا الشاعر السوداني الراحل جيلي عبد الرحمن ، وكان شاعرا معروفا في الوسط الثقافي اليساري ، عملنا معا في جامعات الجزائر اواسط الثمانينات ، كان ابان السبعينات مقيما في روسيا وعلى علاقة طيبة مع الطلبة العراقيين الذين كانوا يدرسون هناك ايضا .

يقول جيلي عبد الرحمن ، أصبت في حادث في موسكو مما استدعى ادخالي المستشفى للعلاج لبضعة ايام ، جاء خلالها لزيارتي العديد من المعارف والاصدقاء ، زارني موظف من السفارة العراقية وصادف ان كنت ما ازال في غيبوبة بسيطة او تحت المخدر والعلاج .

اثناء زيارته وضع تحت وسادتي مظروفا ، حين افقت فيما بعد فتحته وجدت فيه بضعة الاف من الدولارات ، وما ان خرجت من المستشفى اعدته الى الملحق الثقافي في السفارة ، مع الافصاح عن عدم رغبتي بالتعامل بمثل هذه الطريقة ، لاني اعدها اهانة ، فمن المعيب ان اتلقى اموالا من سفارة ما في الوقت الذي تحرم فيه رعاياها عن اية مساعدة ، وهو ما كانت تفعله السفارة العراقية مع العراقيين الذين لاينتمون لحزب السلطة ، اعدت لهم المظروف والمبلغ بحضور بعض المعارف كي لا يدعوا اني استلمت المال منهم زورا ، فقد كنا نعرف الاعيب السفارة العراقية واحابيلها.

هذا مثال بسيط اذكره على طريقة تعامل السفارات العراقية وموظفيها في الخارج حينذاك، دع عنك القتل والاغتيال مثلما حدث للشيخ السهيل في بيروت والحكيم في السودان وغيرهم في يوغسلافيا وبريطانيا ... الخ
ان الحكم الصدامي البغيض ترك ندوبا مؤلمة في جبين وطننا وشعبنا الوضاء ، وكلنا امل ان نستعيد عافيتنا كاملة سواء في ديار الغربة او داخل الوطن .

وتقع في الوقت الحاضر مسؤولية نجاح الديمقراطية الوليدة على عاتق القوى السياسية جميعا اكثر من اي وقت مضى ، وفي الطليعة منها قوى الخير التي تؤمن بحق الاخر في الحياة ، وحق المواطنين في العيش الكريم ، والاخذ بالاساليب المجربة مثل التصويت العادل والممارسات النزيهة ولا ضير ان يعترض البعض او ينسحب مثلما فعلت مجموعة من القائمة العراقية ، ولكن على شرط ان تلتزم بالمعايير الاخلاقية للمشاركة في الحكم والسياسة ، لا ان تلجأ الى العنف والتهديد بالويل والثبور .

ورغم علمنا ان السيد جلال الطالباني رئيس الجمهورية يتمتع بمزايا لا تحد في استرضاء المتخاصمين وقد تعامل دوما باريحية صادقة مع الجميع وعلى الخصوص زعيم القائمة العراقية وصرح اكثر من مرة ان الدكتور اياد علاوي صديق قديم في النضال ضد النظام الصدامي ، الا ان قضية تكليف رئيس الكتلة الاكبر كانت لا مناص منها في اختيار المالكي لانه فعلا يمثل الكتلة الاكبر من خلال صناديق الاقتراع التي حصل عليها بالاضافة للقوائم الاخرى التي تآلفت معه ورأي المحكمة الاتحادية.

ان انتظار تأليف الحكومة سيتحقق بعد مصاعب ندرك ابعادها ، ولكن التسلح بالحكمة ، والاستفادة من تجارب الامم الاخرى وعلى الاخص الهند وجنوب افريقيا وتشيلي سوف يساعد ابناء شعبنا على اختيار الطريق القويم الذي يقود البلاد نحو مرافئ السلام والتقدم .



 

free web counter