| الناس | الثقافية |  وثائق |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

 

محمد علي محيي الدين

 

 

 

الأربعاء 18/8/ 2010

 

لم يكفر زيباري

محمد علي محيي الدين

أثار تصريح رئيس أركان الجيش العراقي بابكر زيباري أزمة جديدة وكشف عن واقع يحاول الكثيرون التغطية عليه،ولعل تصريحه يمثل الجانب الواقعي لما عليه القوات العراقية فعلا ،فالجيش العراقي الحالي لم يعد أعدادا جيدا يتناسب والحاجة الحقيقية للجيش في العالم،ومستوى تدريبه دون المستوى المطلوب في القدرة على الدفاع عن البلاد،فهو يفتقر للتسليح الجيد ولا يمتلك قوة جوية أو كتائب مدرعة أو نقليات تلبي الحاجة الفعلية لجيش مقاتل قد يضطر في يوم ما لمواجهة جيش آخر،نعم الجيش العراقي يستطيع أدارة المعارك الداخلية البسيطة لأن تدريبه أساسا لا يتعدى التدريب على أعمال داخلية في مواجهة مع مدنيين أو عناصر مسلحة تفتقر لتدريب الجيش التقليدي وواجباته أشبه بواجبات الشرطة أو قوى الأمن الداخلي منها بقوات عسكرية عليها واجبات أكبر مما عليه القوى الداخلية،والافتقار إلى المعلومات الأستخبارية بفعل ضعف المنظومة العراقية وهي سبب آخر من أسباب عدم الجاهزية،ناهيك عن افتقار الكثير من القادة للمعلومات العسكرية أو التدريبات التي يجب أن يكون عليها القائد العسكريين تعبئة وخبرة في الأسلحة وطرائق الانسحاب والهجوم والتخطيط لمعارك بمستوى أدنى أو أعلا فليس بين من اختيروا للقيادة من يمتلك خبرات عسكرية أو معلومات أكاديمية تؤهله لقيادة وحدة عسكرية في معركة حقيقة إلا إذا اعتبرنا مواجهة الشعب من صميم واجبات القوات المسلحة فالجيش الحالي قادر على مواجهة المدنيين دون القوات العسكرية النظامية.

والجيش الحالي أبتلي بأمراض كثيرة أثرت على قدراته إضافة للتدريب والافتقار إلى الأسلحة والخبرة العسكرية،فهناك فساد مالي كبير يعصف بهذه المؤسسة منذ تشكيلها وحتى اليوم وما يستورد له من معدات لا تتوفر فيها المواصفات الفعالة لجيش نظامي، فهي بالدرجة الثانية بحكم العقود التي تتدخل فيها جهات مستفيدة ،،أضف لذلك الوهمية في حسابات الأفراد فالمتداول أن الكثير من العسكريين هم أسم على غير مسمى وفيهم من لا يتواجد في وحدته إلا يوم الراتب وهذا الأمر تفشى بشكل كبير وغالبية الوحدات العسكرية تعمل بالربع من ملاكاتها بسبب الفساد المستشري فيها.

وأمر آخر لا يستطيع إنكاره منصف وهو ولاء هذه القوات وارتباطها بهذه الجهة أو تلك فمعظم القادة العسكريين اختيروا على أساس الولاء لهذا الحزب أو ذاك وليس على أساس المهنية التي هي عماد بناء الجيش بوصفه جيشا وطنيا بعيدا عن السياسة ومتطلباتها في التوافق والاختلاف، والضبط العسكري هو عماد كل جيش في العالم ولا أعتقد أن الأعداد العسكري أستطاع الارتقاء بالجندي العراقي إلى مستوى جيد في الضبط،لأن القادة والمعلمون هم نتاج تدريب يفتقر لما عليه الجيش العراقي في السنوات السابقة لانهيار المنظومة العسكرية في تسعينيات القرن الماضي،لقد كان الجيش العراقي منذ تشكيله وحتى هزيمته في التسعينيات مثالا متقدما في القدرة القتالية والروح المعنوية والضبط الصارم ولكن التحلل وانهيار القيم العسكرية جعلت منه جيشا مفككا بانت هزيمته المدوية في حرب الكويت لافتقاره الى المعنوية والأيمان لذلك لم يكن للمراتب والضباط الذين دخلوا الجيش روح العسكرية الحقة أو التدريب العسكري الجيد فكانوا أشبه بالمليشيات منهم بالجيش النظامي ،وكانوا بحق (جيش محمد العاكول) وعند بناء الجيش الجديد كان الكثير من هؤلاء في ملاكه وهم بروحيتهم البعيدة عن الضبط والنظام العسكري الصحيح وبالتالي يحتاج الجيش لبناء جديد وفق مواصفات الجيش العراقي قبل التبعيث والهزائم التي مني بها في المعارك العبثية وقد رأينا بعد الاحتلال كيف جرى بناء الجيش وأعداده،والمعايير المتبعة في تكوينه.

أن ما طرحه زيباري يمثل وجهة نظر عسكرية محترفة لم تتأثر برضا القيادة السياسية ،أو مجاملتها ولذلك قوبل تصريحه بما لا يستحقه من الاستهجان والتفنيد ولو جربنا جيشنا الحالي في معركة مع قوى خارجية لوجدنا الحق فيما قاله زيباري وخطل أراء الآخرين لذلك على الحكومة دراسة الأمر بشكل احترافي وعدم زج السياسة والأهواء في عملية التقييم ،وأن نأخذ بالحسبان الأطماع الخارجية في العراق وما قد يترتب عليها في حالة بقاء الجيش بقدرته القتالية الحالية.

وتأكيدا لصحة تصريحات زيباري فقد أقدمت الإدارة الأمريكية على تقييم الوضع مجددا في العراق ودراسة أمكانية تعديل الاتفاقية الأمنية تلافيا لأخطار محتملة تعقب الانسحاب في ظل معلومات عن مخططات جارية للتدخل المباشر في الشأن العراقي لدول مجاورة للعراق،مما يعني أن رأي زيباري له ما يؤكده في الواقع العراقي ولم يكن اعتباطيا أو صادرا عن فراغ.



 

free web counter