| الناس | الثقافية |  وثائق |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

 

لطيف المشهداني

 

 

 

الأحد 18 / 5 / 2014



الأنتخابات وخيبة الآمال

لطيف المشهداني

ان النتائج الأولية للأنتخابات البرلمانية في العراق تشير الى تقدم الكتل المتنفذة نفسها وان اختلفت نسب تمثيلها، وبالتأكيد ستعيد نفس سيناريوهات الدورتين السابقتين وبأشكال وتسميات مختلفة .فعلى الرغم من نجاح التيار المدني الديمقراطي والحصول على بعض المقاعد وموقفه المبدئي من تشكيل او قل تأسيس معارضة حقيقية الا ان هذه القوى ستستمر بنهجها الطائفي والأثني المقيت .

ان ما مر بهِ العراق ومنذ سقوط الصنم عام 2003 من احداث كان متوقعاً حدوثهِ، ولو عدنا الى وثائق الحزب الشيوعي العراقي لوجدنا انه عبر عنها في اكثر من مرة في تقارير كونفرنساتهِ الحزبية ومؤتمراته الوطنية .

وقد كان موقفه من الحرب على العراق والتدخل الأمريكي واضحاً. فقد رفض هذا التدخل وهذه الحرب ليس حباً بصدام ونظامه الدكتاتوري البغيض بل تجنباً لأكثركارثية مما حدث.

لقد كان الحزب طيلة العقود الأربعة الماضية يخوض نضالاً ضارياً لأسقاط نظام المقبور صدام حسين، وقد قدم خيرة ابناء شعبنا من كوادره واعضاءه واصدقاءه شهداء من اجل هذا الهدف. الا انه ادرك مبكرأ النتائج الأولية التي سيؤول اليها مصير البلد . فيما اذا حدث التغيير على ايدي اجنبية ... كان يراهن على العامل الداخلي للتغيير فيما القوى الأخرى راهنت على العامل الخارجي . وها هي النتائج التي حصدها العراق والعراقيين منذ السقوط ولحد الآن .

1ـ اصبح العراق مرتعاً لمنظمات ارهابية ومليشيات مجرمة عاثت وتعيث بأمن البلد وارتكبت وترتكب الى يومنا هذا ابشع انواع الجرائم التي راح ضحيتها الآلاف من ابناء شعبنا.
2ـ الصراع الطائفي الدموي وما نجم عنه من سقوط آلاف الضحايا الأبرياء ، وعمليات التهجير الطائفي والقتل على الهوية وفقدان الأمن والسلم الأهليين .
3ـ الأصطفافات الطائفية والأثنية التي مزقت وتمزق وحدة المجتمع والوطن .
4ـ عزل المناطق بعوارض كونكريتية وحواجز وحدود مزقت البلد والمناطق الى كانتونات وكيانات ومناطق اصبحت محرره حسب تعبيرهم ، ولا زالت هذه المناطق تأن تحت وطأة الصراع الطائفي .

كل ما تقدم نتج عنه بناء عملية سياسية مشوهة مبنية على المحاصصة الطائفية المقيتة وتشكيل حكومتين لدورتين برلمانييتين على هذا الأساس ، والتي فشلتا فشلاً ذريعاً في :

اولاً.. الملف الأمني وأدارتهِ

ثانياً.. سوء الخدمات بكافة اوجهها على الرغم مما صرف عليها من مبالغ خيالية ( مجموع ميزانيات العراق للسنوات الثمانية الأخير تقدر ب 675 مليار دولار ) الا انها لازالت متردية جداً او معدمة.
الكهرباء ـ الماء ـ النظام الصحي ـ الصرف الصحي ـ التربوي ـ العمل والشؤون الأجتماعية ـ العمل ـ السكن ـ النقل ـ الثقافة والفنون

ثالثاً .. الفساد المالي والأداري ونهب وهدر المال العام .

رابعاً .. الأرتفاع الفاحش لكافة المواد الغذائية والمنزلية ناهيكم عن الأيجارات المرتفعة والخيالية التي يعاني منها الملايين من ابناء الشعب .

خامساً .. لم تَقدِم هذه الحكومتين طيلة ثمان سنوات من وجودهما في السلطة على اعادة البنية التحتية ولا اعادة تأهيل او اعادة بناء اي مؤسسة من المؤسسات الأنتاجية التي دمرتها الحرب والحواسم والتي لا زالت مهملة .

كل هذا التردي طيلة هذه السنوات والمواطن شاهد عليها ، وبنظرة بسيطة نرى حجم الكارثة التي يمر بها البلد والمواطن، والذي من المفروض قد ادرك من هو المسؤول عن مأساتهِ ومن هي القوى التي تلاعبت بمقدراتهِ بأسوء الصور . مما اثار الكثير من التساؤلات حول نتائج الأنتخابات والمطالبات الكثيرة بالتغييرالحقيقي وليس الشكلي اي معاقبة الكتل واعضائها الذين اسائوا استخدام السلطة لأغراضهم الشخصية والحزبية والفئوية ولم يقدموا شيء يذكر لا للبلد ولا لأبناءه . ولكن لماذا يعيد هؤلاء الناس الذين عانوا الكثير انتخاب من اضطهدهم وسرق ثروتهم وهدر مالهم ...؟؟؟ الأسباب عديدة وسأذكر قسم منها حسب اهميتها الا ان قول ماركس بشأن التغيير في هذا الخصوص هو الأصوب . ان الأسباب المطروحة التي تبرر اسباب انتخاب الناس واصطفافاتهم هي :

الوعي:
فعلى الرغم من الحديث عن الوعي . وعي المواطن واهميته فهناك دول متقدمة بعقود في نظامها الديمقراطي وفي وعي مواطنيها الا انهم ينتخبون احزاب او اشخاص هم بالضد من مصالحهم برليسكوني في ايطاليا مثلاً ويحدث هذا ايضا في دول مثل السويد والدنمارك ودول اخرى الا ان هذا المواطن نفسهِ يسقط هؤولاء ان لم يحققوا وعودهم .. ولكن لماذا انتخبهم ؟ اذاً الوعي احياناً لايحدد توجه الناخب لأنتخاب من يمثله ويمثل مصالحه

الأصطفافات الطائفية والأثنية:
وهذه لها اسبابها وتنوعها حسب كل بلد وسياسات حكومته اتجاه ابناء البلد الواحد وتشتد هذه النزعات عندما يكون هناك تمايز واضح بين ابناء البلد وتفضيل طائفة او قومية او دين على حساب الطوائف والقوميات والديانات الأخرى . وهو سبب لا يمكن تجاوزه في مرحلتنا الحالية

سايكولوجية الفرد العراق:
هناك دراسات عديدة من قبل باحثين اجتماعيين في هذا الشأن الا ان دراسة العلامة علي الوردي وتشخيصه الدقيق لسايكولوجية الفرد العراقي فيها من الصحة في موضوعنا هذا الا انها ليست المحصلة النهائية .
ان التوقف عند قول ماركس ينطبق على ما شاهدناه من نتائج انتخابات البرلمان الأخيرة .

 ماذا يقول ماركس  ؟؟؟
ان الناس يصنعون تاريخهم بأنفسهم لكن لا يصنعونه على هواهم . انهم لا يصنعونه في ظروف يختارونها هم بأنفسهم ، بل في ظروف يواجهونها وهي معطاة ومنقولة لهم من الماضي . ان تقاليد جميع الأجيال الغابرة تجثم كالكابوس على ادمغة الأحياء . وعندما يبدو هؤلاء منشغلين فقط في تحويل انفسهم والأشياء المحيطة بهم، وفي خلق شيئ لم يكن له وجود من قبل ، عند ذلك بالضبط ، في فترات الأزمات الثورية كهذه على وجه التحديد، نراهم يلجأون في وجل وسحر الى استحضار ارواح الماضي لخدمة مقاصدهم . ويستعيرون من تلك الأرواح الأسماء والشعارات والأزياء، لكي يمثلوا مسرحية جديدة على مسرح التاريخ ... في ذلك الرداء التنكري الذي اكتسى جلال القدم.

ويقول ماركس ايضاً في رسالة له موجهة الى نوفيهايمن ... : ان ما يجب فعله في حقبة معينة في المستقبل، فعله مباشرة، انما يتوقف كلياً بالطبع على الظروف التاريخية المعينة التي يتعين العمل بها ..

ويتابع : إننا لا نستطيع ان نحل معادلة لا تتوفر في معطياتها عناصر حلها .

ما جاء بمقولة ماركس هي الأقرب للواقع من الأسباب الأخرى. ولنعيد تحليلنا للنتائج بعيداً ليس كل البعد عن الأسباب الأخرى !!!


بغداد 10/5/2014

 


 

free web counter