| الناس | الثقافية |  وثائق |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

 

لطفي حاتم

LutfiHatem@hotmail.com

 

 

 

الثلاثاء 7/4/ 2009



التشكيلة العراقية وتغيرات بنيتها السياسية

لطفي حاتم
 
في مقالتي الموسومة (الدولة العراقية وسمات بنيتها الطائفية) (1) أشرت بشكل سريع و مكثف الى طبيعة الحركة السياسية في العراق ومواقع الأحزاب السياسية فيها وقد نبهني بعض الأصدقاء الى ضرورة إعارة اهتمام اكبر بهذه القضية الشائكة نظرا لتسيد منظمات المجتمع الأهلي ـ العشيرة والطائفة ـ في حياة العراق السياسية لذلك حاولت جاهدا في مداخلتي الراهنة التعرض لسمات الفعالية الحزبية في العراق المعاصر عبر تحليل ومناقشة ثلاث محاور أساسية متمثلة بـــ : ـ
أولا : ـ نظرة عامة على طبيعة الحياة السياسية في الدولة العراقية الحديثة .
ثانياً : ـ الأحزاب السياسية ودورها في المرحلة الاستبدادية .
ثالثا: ـ السمات الأساسية للحياة الحزبية في العراق بعد الاحتلال الأمريكي .

على أساس تلك المحاور أحاول التقرب من مضامينها بموضوعات عامة بادئاً بالمحور الاول .

أولا : ـ نظرة عامة على طبيعة الحياة السياسية في الدولة العراقية الحديثة .

نشأت الأحزاب السياسية في العراق بعد نشوء الدولة الوطنية الحديثة بعد أن كانت المنظمات الأهلية هي المحرك الأساسي للتغيرات السياسية (2)، وقد تمييز العقد الثاني من عمر الدولة الوليدة بنشوء العديد من الأحزاب السياسية التي حملت كثرة من التوجهات السياسية والفكرية المتسمة بالعناوين التالية : ـ
- رغم ضعف مكونات تشكيلة العراق الاجتماعية وهزال بنتيها الطبقية اعتمدت الأحزاب السياسية الناشئة على قوى اجتماعية مدينية وريفية متعددة الأصول الطبقية منها شرائح اجتماعية من الطبقة الوسطى ، فئات من الحرفيين والكادحين ،فضلا عن طبقة الفلاحين ، وبذات المسار استندت بعض أحزاب السلطة على كبار الشيوخ والعشائر ووجهاء المدن رغم أن تأثير تلك الأحزاب لم يفض الى تغيرات اجتماعية سياسية كبيرة بسبب ضعف الطبقة التجارية وحداثة تشكيل الطبقة الإقطاعية من جهة وحدة التمايزات الاجتماعية في الريف العراقي من جهة أخرى .
- رغم توزعها على كثرة من الفصائل السياسية اليسارية منها والقومية بفرعيها العربي والكردي حملت معظم الأحزاب العراقية روحا وطنية وبرامجاً سياسية فضلا عن تنامي النزعة الاستقلالية لدى بعض الشخصيات السياسية الناشطة في الحياة النيابية .
- حملت الأحزاب السياسية المتصدرة للنشاط السياسي في العقود الثلاثة اللاحقة من المرحلة الملكية أيدلوجيات شمولية اشترطتها السياسية الدولية المرتكزة على ازدواجية خيار التطور الاجتماعي وما أفرزه ذلك من غياب الأحزاب الطائفية في حياة العراق السياسية .

خلاصة القول أن الحياة السياسية العراقية في الحقبة الملكية ارتكزت على جملة من المعطيات تجسدت في الوقائع التالية: ـ
الواقعة الأولى : ـ بسبب ازدواجية السلطة المتمثلة بين الوافد البريطاني والقوى الاجتماعية (الوطنية ) الحليفة للقوى المحتلة تجذرت النزعة الوطنية لدى الأحزاب العراقية بما فيها تلك الشخصيات العراقية النافذة التي حاولت الاحتماء بالقطرية العراقية بهدف مناهضة السياسية البريطانية .
الواقعة الثانية : ـ استناد الحياة الحزبية العراقية على قاعدة اجتماعية واتشاح برامجها العامة بروح وطنية ونزعة تقدمية وذلك بسبب تبلور المكونات الطبقية للتشكيلة العراقية ــ فئات تجارية ـ شرائح برجوازية ، طبقة عاملة ناهضة في المشاريع الخدمية ، ناهيك عن نشوء الطبقة الإقطاعية التي عمقت النزاع الاجتماعي في الريف العراقي.
الواقعة الثالثة : ـ لم يكن لدى الأحزاب في الحقبة الملكية روحا انقلابية إلا في المرحلة الأخيرة من تلك الحقبة عندما نمت وتجذرت النزعة الانقلابية لدى المؤسسة العسكرية التي حاولت عناصرها الانقلابية اللجوء الى الأحزاب السياسية بهدف إيجاد قاعدة سياسية اجتماعية ساندة لنزعتها الانقلابية .

إن الوقائع المشار إليها طرأت عليها تغيرات جذرية في المرحلة الجمهورية نحاول التعرض لها في المحور الثاني من المداخلة .

ثانياً : ـ الأحزاب السياسية ودورها في المرحلة الاستبدادية .

أشر استلام حزب البعث العربي الاشتراكي للسلطة السياسية في العراق الى بدء مرحلة جديدة من الحياة السياسية تميزت بــ : ـ
- اعتماد الأحزاب السياسية على النزعة الانقلابية بهدف استلام السلطة السياسية والاحتفاظ بها .
- أدت الروافع الاديولوجية لبرنامج حزب العبث ومساره الاحتكاري للسلطة والثروة الوطنية الى تغيرات طبقية في التشكيلة العراقية تجسدت بهيمنة الدولة على الحياة الاقتصادية ، الأمر الذي حجم الدور الكفاحي للطبقات الاجتماعية البرجوازية الوطنية منها ، والطبقة العاملة بعد أن جرى إلحاقها بالبنية البيروقراطية للدولة .
- قادت نزعة الهيمنة على الحياة الاقتصادية / التجارية للبلد الى تأميم الحياة السياسية العراقية بعد توظيفها لخدمة سلطة الدولة وسياستها الرسمية .
- انتقال الحياة السياسية العراقية من التعددية الحزبية بعد الاتفاق المبرم بين القوى السياسية وحزب السلطة على أساس العلنية و( الديمقراطية ) الى سيادة الحزب الواحد والقمع السياسي المنظم ضد القوى السياسية المعارضة للنهج الاستبدادي .
- اشترط احتكار السلطة والحياة السياسية الى ترابط الفعالية الحزبية مع الأجهزة الأمنية / البيروقراطية للدولة العراقية وبهذا فقد شكل تداخل الحزب مع السلطة واحدة من المؤشرات الجديدة على منظومة العراق السياسية المتسمة بالاحتكار والعنف الرسمي لسلطة الدولة العراقية .
- اتسم الطور الاول من احتكار حزب البعث العربي الاشتراكي لسلطة الدول بتحول تدريجي من هيمنة الحزب على الدولة وسلطتها السياسية الى هيمنة فردية شاملة ونزعة ديكتاتورية للحكم .

إن انتقال السلطة الى الحكم الاستبدادي أفرز جملة من التغيرات الجذرية على التشكيلة العراقية وبنيتها السياسية نتعرض لبعض مفاصلها الأساسية : ـ
- تحول حزب البعث الحاكم الى أداة سياسية بيد القيادة الفردية فاقداً بذلك إمكانية إحداث تغيرات جذرية تتجاوب والمصالحة الوطنية .
- قادت الروح الفردية الاستبدادية لقيادة السلطة الى تصفية القوى الاجتماعية في حزب البعث العربي الاشتراكي الراغبة في التغيير الوطني وما أفرزه ذلك من سعي قيادة الحزب الديكتاتورية الى خلق قوى اجتماعية جديدة ساندة لروحها الاستبدادية .
- أنتجت النزعة الاستبدادية آثاراً تدميرية أثرا على الحياة السياسية والاجتماعية العراقية تمثلا بحدثين كبيرين هما : أولاً : - استبدال الايدولوجيا الشمولية البعثية ذات الرنين الوحدوي الاشتراكي بإطلاق موجة من الايدولوجيا الدينية المغلفة بروح قطرية بهدف نقل النزاع الاجتماعي من حدوده السياسية والاجتماعية الى ضفاف دينية / طائفية .
ثانياً: ـ اعتماد السلطة الاستبدادية على قوى طبقية مزاحة بعد إعادة الروح إليها وبذلك جرى تشكيل طبقة (إقطاعية) جديدة تدين بالولاء للسلطة الإرهابية. (3)
- أفضى التطور الجديد الديني / الإقطاعي المتزاوج مع القمع السياسي الشامل والحروب الداخلية والخارجية الى تفكك التحالفات القديمة بين قوى السلطة الحاكمة المتجسد بتحالفات أبناء المدن الحاكمة كما أسميته سابقاً واستبداله بتحالفات عشائرية / عسكرية اشترطتها الحرب العراقية الإيرانية .
- جرى استبدال التحالفات العشائرية / العسكرية التي أنتجتها الحروب الداخلية والخارجية بتحالف الحزب والعشيرة الحاكمة المرتكز على وحدة أجهزة الدولة القمعية / الإدارية الهادفة الى احتكار السلطة السياسية وثروة البلاد الوطنية .

بعد هذا العرض السريع والمكثف تواجهنا الأسئلة التالية: ما هي النتائج الفعلية لهذه التغيرات ؟ . وما هي انعكاساتها على العمل السياسي المناهض للدكتاتورية؟ .

بهدف التقرب من الإجابة على الأسئلة المثارة دعونا نشير الى بعض المعطيات العامة : ـ
المعطى الاول : ـ قادت الممارسة القمعية الاستبدادية الفردية لسلطة الدولة العراقية الى انعدام العمل السياسي المنظم والهادف الى إحداث تغييرات في السلطة السياسية لصالح الديمقراطية والتطور الاجتماعي .
المعطى الثاني : ـ بسبب نهجه الاستبدادي عجز النظام الحاكم عن الوصول الى صيغة تساومية مع القوى السياسية العراقية المناهضة والقوى البعثية المناوئة للروح الدكتاتورية لغرض نقل العراق الى مرحلة انتقالية تفضي الى بناء سلطة الوحدة الوطنية .
المعطى الثالث : ـ إن أسلوب المقاومة المسلحة التي انتهجتها الأحزاب القومية الكردية واليسارية الديمقراطية لم يجر تعريقها وتم حبسها في إطار المناطق الكردية الأمر الذي ألبسها رداءً قوميا رغم أهدافها الوطنية /الديمقراطية المناهضة للسلطة الاستبدادية .
المعطى الرابع : ـ تزامن العجز السياسي الاجتماعي لأحزاب المقاومة للسلطة الديكتاتورية مع تغيرات دولية تمثلت بالسيادة الامريكية على السياسية الدولية وما نتج عن ذلك من احتلال العراق ومباركة المعارضة السياسية للإطاحة بالسلطة الاستبدادية .

ثالثا: ـ الحركة السياسية في العراق بعد الاحتلال الأمريكي .

أنتج الاحتلال الأمريكي للعراق حزمة من التغيرات الكارثية على المنظومة السياسية للدولة العراقية بدأ من انهيار الدولة وصولا الى تفكك تشكيلتها الاجتماعية وانتهاءً ببناء سلطة عراقية محاطة بحماية خارجية . استناداً الى التبدلات الجذرية التي أحدثها الانقلاب الأمريكي تواجه الباحث السياسي حزمة من التساؤلات منها : ـ ما هي سمات أحزاب العملية السياسية ؟ . وما هو دورها في منظومة العراق السياسية ؟ . ما هي قاعدتها الاجتماعية ؟ وأخيراً ما هي مضامين البرامج الوطنية لأحزاب الدولة العراقية ؟ .

بهدف التقرب من مضامين الأسئلة المثارة دعونا نلقي نظرة سريعة على التشكيلة العراقية وبنيتها السياسية .
بدءاً نقول على الرغم من وجود دستور دائم للدولة العراقية ينص على شكل نظامها الديمقراطي وشكل بناءها الفدرالي إلا أن الممارسة السياسية لأحزاب العملية السياسية أنتجت سلطة طائفية / عرقية استناداً الى مساومات حزبية بين قوى الشرعية الانتخابية . وبهذا المعنى فان التداول الديمقراطي للسلطة المنصوص عليه دستوريا لم يعد قادرا على تخطي البنية الطائفية / القومية للسلطة السياسية الأمر الذي يضع الحركة السياسية وأحزابها العلمانية في إشكالية سياسية شائكة تتطلب البحث عن وسائل سلمية ديمقراطية قادرة على تجاوز النتائج السياسية السلبية لطبيعة البناء الطائفي / القومي للدولة العراقية .

أن تخطي إشكالية البناء الطائفي / القومي لبناء الدولة العراقية وجعله ـ البناء ـ حصيلة لتوازنات طبقية ومظهرا عاما من مظاهر نزاعاتها الاجتماعية يصدم في الظروف الراهنة بجملة من المعوقات الأساسية والتي أجدها في المؤشرات التالية : ـ
- خراب الحياة السياسية العراقية في الحقبة الديكتاتورية وما افرزه الاحتلال الأمريكي من تفكك في مكونات تشكيلته الاجتماعية أنتجا نموا وتطور كبيرا في بنية الأحزاب الطائفية / القومية.
- أدى تفكك التشكيلة الاجتماعية العراقية الى نهوض أحزاب طائفية / قومية شكلت العقيدة الطائفية / العرقية غطاءً أيدلوجيا لبناء شرعيتها السياسية .
- سعت أحزاب الشرعية الانتخابية الحاكمة الى كسب ولاء وتأييد المؤسسة العشائرية بهدف بناء و توسيع قاعدتها الاجتماعية وبهذا السياق نلاحظ تزاوج عنصرين أساسيين في الحياة السياسية العراقية تمثلا باندماج المكون العشائري مع المكون الطائفي .

إن الاندماج المشار إليه تزامن ونمو تشكيل طبقي جديد يستند الى حماية سلطة الشرعية الانتخابية الأمر الذي يؤشر لاحقا الى تحول الأحزاب الطائفية الى قوى سياسية مدافعة عن تشكيلات طبقية مذهبية وما ينتج عن ذلك من بناء كتل سكانية مغلقة تحد من تطور النزاعات الاجتماعية على الساحة العراقية .
- قاد اعتماد أحزاب الشرعية الانتخابية على المؤسسة العشائرية الى إحياء تقاليد المجتمع الأهلي وجعلها ـ التقاليد - أساسا لحل كثرة من النزاعات الاجتماعية والشخصية الأمر الذي أعاق بدوره بناء الدولة الوطنية الديمقراطية فضلا عن عرقلة تطور النزاعات الاجتماعية المرتكزة على أسس طبقية .
- تزامنت العراقيل المشار إليها مع جملة من التراجعات عاشتها القوى العلمانية وبهذا السياق نشير الى أن القوى العلمانية بتياراتها الثلاث الليبرالية /القومية / اليسارية لم تستطع لحد الآن بناء استراتيجية وطنية قادرة على مناهضة البناء الطائفي للدولة العراقية .

لتقدير شرعية الموضوعة الأنفة الذكر نحاول تحديد المصاعب السياسية / الفكرية / الاجتماعية المحيطة بفعالية القوى العلمانية والتي أراها تتمثل في المحددات التالية: ـ
1 : - تفكك القاعدة الاجتماعية للتيارات الثلاث وذلك بسبب تفكك مكونات التشكيلة العراقية وبهذا المعنى يمكن القول أن القوى العلمانية لم تعد مالكة لقاعدة اجتماعية قادرة على أن تشكل ضغطا اجتماعياً في الحياة السياسية ، فالتيار الليبرالي وبسبب غياب قاعدته الاجتماعية المتمثلة بالبرجوازية المتوسطة وأجزاء من الطبقة الوسطى لازال معتمداً في نشاطه السياسي على رموز وشخصيات سياسية الأمر الذي جعله عاجزاً عن التحول الى قوى سياسية اجتماعية فاعلة في الحياة السياسية العراقية .
2 : ـ لكونها نشأت وتطورت بفعل ترابطها مع السلطة الاستبدادية وطاقمها البيروقراطي فقد تفككت بعد الغزو الأمريكي للعراق قوى السلطة الاجتماعية وما نتج عن ذلك من هجرة تلك القاعدة الى دول خارجية فاقدة بذلك تأثيراتها السياسية الداخلية وبهذا المنحى لابد من تأكيد ملاحظة مضمونها أن التيار القومي العربي وبسبب من تعدد فصائله لم يصغ لحد اللحظة برنامجاً وطنيا ديمقراطيا معلناً قطيعته مع الإرث الاستبدادي لتجربته السياسية .
3 : ـ إن التيار القومي الكردستاني ورغم توجهاته العلمانية إلا أن شراكته مع أحزاب العملية السياسية في صياغة بناء الدولة العراقية أجبرته على مباركة البناء الطائفي للدولة العراقية انطلاقا من تجربته السياسية الدموية مع الحكومات المركزية المتعاقبة في العراق ، وبهذا الاطار فقد تلازمت تجربة التيار القومي الكردستاني في الحكم إضافة الى مساهمته في البناء الطائفي / العرقي للدولة العراقية مع المعطيات التالية : ـ
- رغم وجود ديمقراطية عامة في حدود الإقليم ألا أن الحياة السياسية جرى احتكارها من قبل الحزبين الحاكمين وقد تجلى هذا الاحتكار بحصر بناء الأجهزة السيادية لسلطة الإقليم وطوابقها البيروقراطية بأعضاء ومناصري الأحزاب الحاكمة .
- بسبب الوفرة المالية لإقليم كردستان واستناداً الى أشكال مختلفة من التعويضات المالية والعينية ــ دور سكنية ، قطع أراضي ــ فقد نشأت قاعدة اجتماعية عريضة ساندة للسلطة الحزبية تتشكل من القوى المتضررة من حروب الديكتاتورية فضلا عن ترابطات المؤسسة العشائرية مع السلطة السياسية .
- تشير التطورات الاقتصادية الجارية إلى أن القاعدة الاجتماعية لسلطة الإقليم الحائزة على أنشطة اقتصادية مؤهلة للتحول لاحقا الى شرائح طبقية تنمو وتتطور بدعم ومساندة الأحزاب الحاكمة .
4 : ـ في حال تعرضنا لمواقع اليسار الاشتراكي نجابه بكثرة من الإشكالات الفكرية / السياسية التي تحد من قدرته الكفاحية وفعاليته الشعبية ، وعند تفحصنا لتلك الإشكالات نجدها تتلخص بالعناوين التالية : ـ
- أنتج انهيار خيار التطور الاشتراكي وما تبعه من انهيار نموذج الدولة الاشتراكية تفككاً للعدة الفكرية /السياسية/ الاقتصادية الساندة لكفاح الأحزاب اليسارية .
- انتزاع السياسة الحزبية من حواضنها النظرية دفع قوى اليسار الاشتراكي الى تبني شعارات عائمة تعوزها الرؤية الفكرية التحليلية وما نتج عن ذلك من غياب الأهداف الحقيقية لفعاليتها السياسية .
- تفكك القاعدة الاجتماعية الساندة لقوى اليسار الاشتراكي بعد أن أصبحت أقسام من الطبقة العاملة وأجزاء كبيرة من الطبقة الوسطى حاملا للسياسة الطائفية وفاعلا نشطاً في المؤسسة العشائرية .
- أدى غياب البرنامج السياسي المعلل فكرياً الى ضياع المبادرة السياسية لقوى اليسار الاشتراكي وما نتج عن ذلك من حصر كفاحها الوطني بمتابعة مهام السياسية اليومية .
- أن الملاحظات المشار إليها تكتمل بواقع آخر تجسد في تفكك الوحدة الوطنية لقوى اليسار الاشتراكي بعد انشطارها وتوزع بنيتها الحزبية على أسس قومية الأمر الذي أخل بجدلية وحدتها الوطنية والأممية .
إن تفكك القاعدة الاجتماعية لليسار الاشتراكي تشترط البحث عن آليات جديدة هادفة الى إعادة هذه الشرائح والقوى الاجتماعية الى جادة النزاعات الاجتماعية ذات السمة الوطنية .
- تزامن غياب البرنامج السياسي / الاقتصادي لأحزاب اليسار الاشتراكي مع توجه أحزاب الشرعية الانتخابية لتبني سياسة اقتصادية ليبرالية وما يشترطه ذلك من ارتهان الدولة العراقية وسياستها الاقتصادية لتوجهات المراكز الرأسمالية وشركاتها الدولية .
- أن الأفكار والآراء المشار إليها تكتمل عند تحديد ( طبيعة عصرنا ) المتمثل بالعولمة الرأسمالية الحاملة لميلي الاندماج والتهميش وما يفرزه ذلك من بقاء الدولة العراقية وسلطتها السياسية تحت حماية القوى الخارجية فضلا عن تواصل تهميش تشكيلتها الاجتماعية .

خلاصة لما جرى استعراضه لابد من تلخيص بعض الاستنتاجات التي أزعم إنها ضرورية: ـ
أولا ً : ـ تتسم الحياة السياسية في عراق الشرعية الانتخابية بتنامي الدور الأيديولوجي الطائفي / القومي وما يفرزه ذلك من أبنية وكيانات سياسية مغلقة تفتقر الى الروح الوطنية.

ثانياً : ـ نتيجة لتشظي مكونات تشكيلة العراق الطبقية غدت المؤسسة العشائرية قاعدة اجتماعية ساندة للأحزاب الطائفية والقومية .

ثالثاً : ـ بسبب خراب قاعدتها الاجتماعية وضياع برامجها المستقبلية تحولت الأحزاب العلمانية وبالتحديد منها قوى اليسار الاشتراكي الى قوى فاقدة لمبادرتها السياسية ولاهثة وراء تغيرات السياسية اليومية .

رابعاً : ـ تساهم السياسية الاقتصادية لسلطة الشرعية الانتخابية ومسار العولمة الرأسمالية بمواصلة تهميش التشكيلة العراقية وما يفرزه ذلك من تواصل البناء الطائفي / القومي للدولة العراقية لفترة يصعب تحديد تخومها الزمنية .


الهوامش
(1) مواقع الحوار المتمدن والناس والأخبار وصحيفة المدى العراقية بتاريخ 16 / 3 / 2009
(2) لعبت المراجع الدينية وشيوخ العشائر المتمتعين بوجاهة اجتماعية فضلا عن رجالات الحارات السكنية في المدن العراقية دورا كبيراً في التصدي للتطورات السياسية .
(3) أجرت السلطة الديكتاتورية كثرة من التبدلات بين رؤساء العشائر بهدف إزاحة الرؤساء التقليدين وتنصيب مكانهم شخصيات مترابطة والقرار السياسي للسلطة السياسية .

 


 

free web counter