| الناس | الثقافية |  وثائق |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

 

لطيف حسن

 

 

 

الجمعة 27/3/ 2009



أتذكر اليوم الذي تأسس فيه
المركز الدولي للمسرح في العراق

لطيف حسن

في عام 1968 ، وبعد العودة الخجولة لحزب البعث الى السلطه بقطار امريكي ، الذي لم يكشف عن هويته التي تذكر ببشاعة فترة مجازره الاولى بشباط 1963 ، فمازالت ذكرى وطأة هذا الانقلاب المشؤوم طرية في اذهان الناس ، ووضع الانقلابيين القادمين بالخديعة لايحسد عليه من جهة مشاعر وعلاقة الناس بهم الرافضة لهم ، باعتبارهم عصابة من المجرمين مازالت اياديهم ملطخة بدماء الضحايا الابرياء ،
ولم يكن امام الانقلابيين المعزولين من اولويات لترسيخ سلطتهم الجديدة ، سوى التظاهر بالانفتاح والديمقراطية والقيام ببعض الاصلاحات المعروفة للجميع في هذا المجال ، لذر الرماد وخلق جو اخر ، وانطباع شعبي اخر عنها من شأنه ان يزيل علاقة الشك والريبة بهم ، ليتمكنوا من الخروج وتجاوز حالة العزلة الداخلية والخارجية الخانقة التي كانوا يعانون منها .

في هذه الاجواء ، كان يحضر بصفته الشخصية الفنان سامي عبد الحميد ، اجتماع المائدة المستديرة للمسرح ، والذي عقد لأول مرة في بيروت بأشراف اليونسكو .

وقد كلف هذا الاجتماع الهام ، ممثلي الدول التي حضرت الاجتماع بتأسيس فروع غير حكومية للمركز في بلدانهم ، تمثل فيها تمثيلا متناسبا جميع الفرق والمؤساسات المسرحية الفاعلة ، وأوجبت ان يكون المركز شعبيا ( اي غير تابعة للدولة ) .

وحدد أجتماع بيروت 1968 ، يوما عالميا للمسرح يصادف في يوم 27 آذار من كل عام ، تفتح فيها المسارح في العالم ابوابها مجانا للجمهور ، وتقام المهرجانات المسرحية لتقييم الاعمال المقدمه خلال العام وتقدم الجوائز فيها للبارزين في مختلف جوانب الابداع المسرحي ، ويصدر المركز الدولي بهذه المناسبة رسالة سنوية هامة ، او خطاب يكلف بكتابتها والقائها فنان بارز في مجال المسرح من العالم ،

عاد سامي عبد الحميد الى بغداد ، وأتصل بكل الفرق المسرحية التي كانت تعمل بأجازة حسب قانون الفرق المسرحية ، ودعى بعض الشخصيات المسرحية المهمة في المسرح العراقي آنذاك بدون استثناء الى الاجتماع في مقر (فرقة المسرح الفني الحديث ) وبالتحديد بشرفة المقر القديم ، الواسعة المطلة على نهر دجلة في الباب الشرقي ، وقد لبى حضور الاجتماع هذا ممثل او اكثر من الفرق المسرحية ، أتذكر أبرز الحضور ، على رأسهم بدري حسون فريد وابراهيم جلال ونورالدين فارس وزينب وجعفر علي واديب قليجي واسعد عبد الرزاق وسعدون العبيدي وفايق عثمان وكاظم حيدر وثامر مهدي وعلي فوزي ومنذر حلمي واسماء اخرى عديدة يتعذر علي تذكرها اليوم ، وتم في هذا الاجتماع الاشبه بالمؤتمر تأسيس فرع المركز العراقي ، وانتخب سامي عبد الحميد كأول رئيس للمركز ،

كان هذا أهم مكسب ثقافي حصل عليه الفنانون اليساريون بعد صدور قانون الفرق المسرحية لعام 1965 ، ويأتي في الاهمية بعد قانون نقابة الفنانيين الذي صدر في نفس العام 1968، في الواقع كان نضال المسرحيون اليساريون بهدف تأسيس نقابة مهنية للفنانيين يعود الى بدايات الستينات ، بعد نضخم عدد خريجي وخريجات معهد واكاديمية الفنون الجملة ، واتساع عدد الفنانيين الممارسين والخريجين في المؤسسات الاعلامية والتربوية وانشاء مصلحة السينما والمسرح ، والمسرح المدرسي والجامعي والعسكري والفرقة القومية مع باقي الفرق الاهلية المنتشرة في بغداد والمحافظات ، بحيث اصبح من المهم والضروري اقامة مؤسسة مهنية تعني بشؤونهم وتدافع عن مصالحهم وحقوقهم التي اخذت تتعقد وتتشابك ، أسوة بالمبدعين الاخرين كالأدباء والصحفيين وغيرهم التي كانت لهم اتحاداتهم ونقاباتهم ، فكانت مبادرة اليسارين والشيوعين هي الاولى في الدعوة والألحاح المستمر بعد ذلك في الصحف واللقائات لتشكيل هذه النقابه ، ولم تكن جهودها سهلة من اجل انبثاق هذه النقابة ، ان كان في الاعلام او الحركة في الوسط الفني ، حتى جاء ظرف عام 1968 الذي سمح النظام القلق مرغما بتشكيل هيئة تحضيرية ، وصدر بعدها قانون نقابة الفنانين لعام 1968 .

وظل الصراع في فترة التحالف مع البعث الحاكم في الجبهة شرسا على حد سواء في النقابة وفي المركزفي مابين ممثلي النظام من جهة ، وما بين الفنانيين الشيوعيين والديمقراطيين ، للحد من تجاوزات ممثلي السلطة في الهيئة الادارية والدفاع عن ما حصل عليه الفنانون من مكاسب ، وفي المركز الدولي ، عملوا على صيانة استقلال المركز من تأثير وتدخل الدولة في شؤونها وفرض صياغاتها حتى عام 1978 ،

في فترة ( 1968- 1978 ) بنى المركز الدولي العراقي للمسرح الكثير من القيم الراقية في تقاليد التلقي عند الجمهور للمسرح ، ورفعت من قيمة الفنان ورجال المسرح في المجتمع بأعتبارهم اصحاب رسالة وقضية ثورية ، وفي الاحتفاليات بهذا اليوم تعود الجمهور على ان يحضر عروض الفرق المسرحية ببغداد والمحافظات مجانا بدون تذاكر ، وكان ينتظر بلهفة سماع كلمة اورسالة المركز الدولي التي يلقيها رئيس المركز من او رئيس كل فرقة من على المسرح قبل ان يبدأ عرض فرقته .، واذا لم تكن للفرقة عرضا للجمهور في الفترة التي يصادف فيها يوم المسرح العالمي ، تحضر الفرقة عملا خاصا لهذه المناسبة وقد تعرضها لهذا اليوم فقط ،

المسرحيات التي قدمت في العراق بهذه المناسبة كثيرة ، و المهرجانات كانت تقام في مكانات متعددة عادة ماتكون مسارح ، كمسرح بغداد والقومي والرباط (*) ،، ذكر منها بعض المسرحيات العزيز ابو اروى ، ولأنها من التاريخ كان لابد لي من الاشارة الى بعض الخلط الذي جاء فيها ، ومتأكد انها غير متعمدة لاعتماده على الذاكرة فقط ، وذاكرتنا جميعا نحن الذي تجاوزنا الستين تعبانة ولا يعتمد عليها كثيرا ،

فحسب معلوماتي ( اجراس الكرملين ) التي قدمت في اكتوبر وبمناسبة ثورة اكتوبر ، وليوم واحد فقط وكلفت العزيز نورالدين فارس حلاقة رأسه ( نمرة صفر) ، ومسرحية ( الصوت الانساني ) قدمتها فرقة المسرح الفني الحديث ولم تكن بأسماء روميو وناهده الشخصية ، ولم يقيم العمل بعد ذلك على انه عمل شخصي و الفرقة قد اعدت هذا العمل خصيصا للمناسبة لانها لم يكن لديها عرض عادي يقدم للجمهور اثناء مرور المناسبة ، وقد قدمت في مهرجان بقاعة الرباط بالمناسبة مع عروض مسرحية لفرق اخرى ، ولربما قدمت ايضا في المركز الثقافي السوقيتي فيما بعد لنفس المناسبة او في مناسبة اخرى لست متأكدا منها .

بعد عام 1978 ، والعراق يتجه نحو الحرب مع ايران ، والمجتمع قد اطر تماما لشكل النظام الذي كشر عن انيابه العدوانية على ابنائه ، اضطر المسرحيون الشيوعيون واليسارين الهرب الى الخارج ، بعد ان اصبح الوضع في العراق خانقا بشكل يستحيل البقاء فيه دون ان يطأطيء راسه ، وتركوا مكانهم خاليا في النقابة التي تحول فنانيها الى اللباس الزيتوني وارتفعت من البناية اصوات الطبول التي تدعو كل شيء الى المعركة ، وجرت اعادة هيكلة المركز الدولي للمسرح ، الى مؤسسة حكومية تمول وتوجه من وزارة الاعلام ، وانتهت بعد هذا التاريخ وحتى الاحنلال كمؤسسة شعبية لاحكومية .

وقد اقامت الدولة بعد ذلك بعض مهرجاناتها المفتعلة بيوم المسرح العالمي في الفترة الحرب العراقية – الايرانية ، ولكن بشكل مقرف ورديء فقدت فيه الق المهرجانات الاولى عندما كان المركز يحتفظ بمحتواه الثقافي والديمقراطي . .


هامش
(*)
كتبت بالاشتراك مع العزيز الفنان أديب قليجي موضوعا وثائقيا عن الاحتفات بيوم المسرح العالمي في العراق ، عندما كنا معا في بلغاريا عام 1979 ، ونشر في نفس العام او العام الذي تلاه لست متأكدا في مجلة ( الثقافة الجديدة ) ثبتنا فيها ضمنا كشفا بمواسم يوم المسرح العالمي في العراق ، بما فيها الفرق المسرحية والاعمال المشاركة فيها حتى خروجنا من العراق ، ومع الاسف لااحتفظ اليوم بنسخة من عدد المجلة





 


 

free web counter