| الناس | الثقافية |  وثائق |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

 

د. كاظم حبيب

 

 

 

                                                                                  الثلاثاء 9/8/ 2011


 

إرهاب القوى الفاشية يواصل قتل الناس في العراق

كاظم حبيب 

من يتابع نشرات الأخبار اليومية, سواء أكانت عراقية أم أجنبية, سيجد أن العراق قد تراجع قليلاً إلى الوراء بالمقارنة مع ما ينشر في الصحافة العالمية ونشرات الأخبار عما يجري في كل من ليبيا وسوريا واليمن, إذ إن القتل أصبح في تلك الدول الثلاث, وخاصة في ليبيا وسوريا, واسع الانتشار ويحصد يومياً عشرات المناضلين الشجعان من شبيبة هذه الدول. والقاتل في هاتين الدولتين هما النظام الاستبدادي الفردي في ليبيا والنظام الاستبدادي الحزبي البعثي الدموي في سوريا. هذا من جانب, ومن جانب آخر فأن القتل في العراق أصبح ظاهرة يومية ملازمة للدولة العراقية واعتاد الناس والمجتمع الدولي عليها ولم يعد يثيرهم إطفاء نور الحياة في عيون عائلات بكاملها أو تفجير قنابل بالقرب من كنيسة أو اغتيال عالم أو طبيب أو أستاذ جامعة وباحث علمي أو صحفي أمين لمهنته. ومقارنة بين العام الماضي والعام الحالي نلاحظ زيادة ملموسة في عدد القتلى والجرحى من العراقيات والعراقيين في هذا العام, إضافة إلى سقوط مزيد من القتلى في صفوف القوات الأمريكية.

السؤال الذي يتبادر إلى الذهن هو: كيف ولماذا تتوفر لقوى الإرهاب الإسلامية السياسية وقوى حزب البعث الفاشية وغيرها (القاعدة وهيئة علماء المسلمين وبعض المليشيات الشيعية المسلحة وتنظيمات حزب البعث بقيادة عزة الدوري) الفرصة السانحة لممارسة وظيفتها الدموية اليومية في قتل الناس الأبرياء وإشاعة عدم الاستقرار واختطاف أمن المواطنات والمواطنين في بغداد وكركوك وديالى وصلاح الدين والرمادي وغيرها من المدن العراقية؟

من تابع أوضاع العراق السياسية خلال هذا العام (2011) لأدرك بسهولة إن الأحزاب السياسية الحاكمة والحكومة العراقية بسياساتهم وصراعاتهم ومهاتراتهم اليومية التي لم تنته ولن تنتهي ما دامت عيونهم موجهة صوب الحكم في سعي بعضهم للبقاء فيه أو بعضهم الآخر لاختطافه, وما دام الحكم لم (ولا يريد) أن يلتفت ولو للحظة واحدة صوب الفئات الاجتماعية الكادحة والمقهورة والمهمشة التي تعيش على "مرگة هواء" و"تشريب بصل" أو على الـ"خباز", وما دام الحكم الحالي يلاحق الناس الذين يطالبون بحقوقهم المشروعة, كالكهرباء والماء ومكافحة الفساد المنتشر كالطاعون والبطالة الواسعة في البلاد وقوى الإرهاب, التي لا تترك فرصة إلا واستخدمتها لقتل الناس, ويعتقلهم ويعرضهم إلى التعذيب والتهديد, بل وأكثر من ذلك, كما برز في مؤتمرات هؤلاء الصحفيين وغيرهم, وما دام الحكم عاجزاً حتى الآن عن تعيين وزراء للدفاع والداخلية والأمن الوطني ويقوم رئيس الوزراء بهذه المهمات وكالة, وبالتالي يتسنى له إجراء التغييرات التي يراها ضرورية لتعزيز مواقع حزبه وشخصه والطائفية فيها, هي التي تفسح في المجال ما يكفي من الفرص, شاء الحكم ذلك أم أبى, لقتل المزيد من الناس وفي كل يوم دون استثناء.
الحكومة العراقية الراهنة مشغولة جداً بوضع وطرح قوانين جديدة هدفها التضييق على حرية الإنسان العراقي وحرية الصحافة والتظاهر والتعبير والمعلوماتية ومبتغاها تدجين القوى السياسية المعارضة والمجتمع والقبول بسياسة الحكومة والخضوع لها بما في ذلك التوزيع المحاصصي على أساس طائفي وأثني للوزراء والوزارات والمستشارين والمدراء العاملين والمدراء ..الخ. ولكن هذه السياسة تصطدم بالمزيد من المشكلات لأنها تدفع بالبلاد صوب التراجع عن الحرية النسبية التي توفرت للشعب بعد سقوط الدكتاتورية الفاشية الصدَّامية, وإلى مزيد من السلوكية الفردية والاستبدادية وإلى تفاقم الصراع تدريجاً بين الشعب والقوى الحاكمة. إن المشكلة التي يواجهها الناس تطرح السؤال التالي: هل بدأ حزب الدعوة يأخذ مكان حزب البعث تدريجاً؟ الأيام والأسابيع والأشهر القادمة هي التي ستجيب عن هذا السؤال!

إن التصدي الناجح للإرهاب بكل أشكاله وكل القوى التي تقف ورائه لا يتم إلا من خلال حكومة تحترم إرادة الشعب وتستجيب لمصالحه وتقوم على أساس المواطنة الحرة والمتساوية وتحترم احتجاجاته ومظاهراته وتدرس سبل تحقيق تلك المطالب وإيجاد فرص عمل للعاطلين منهم وتكافح الفساد...الخ. السؤال الذي يطرح علينا جميعاً هو: هل في مقدور حكومة المالكي التي يتآكلها الصراع بين مكوناتها الطائفية على نحو خاص أن تحقق الأمن والاستقرار وتنهي الإرهاب والقتل اليومي؟

ليس فينا من لا يتمنى ذلك, وقد تمنينا له وعليه وعلى حكومته أن ينجزوا المهمات الأساسية التي يطالب بها الشعب. والمظاهرات كان هدفها دفع الحكومة لتحقيق تلك المهمات. ولكن التمني وحده لا يكفي, إذ إن الدلائل التي تحت تصرفنا تؤكد صعوبة ذلك إن لم نقل استحالتها لأسباب ترتبط ببنية الحكومة ونهجها السياسي والاقتصادي والاجتماعي وأساليب وأدوات عملها وموقفها من الشعب وقوى المعارضة. ولهذا نلاحظ استمرار التعثر في ما يفترض أن ينجز من جهة, وممارسة القمع السياسي والأمني جانب رئيس الحكومة وأجهزته الأمنية من جهة أخرى, واستمرار عدم خشية القوى والعناصر الفاسدة من إجراءات الحكومة حين تمارس سرقة أموال الشعب عبر عقود بمبالغ كبيرة جداً وغير نزيهة وفي غير صالح العراق من جهة ثالثة.

لا يتوقف القاتل عن القتل والناهب والسارق عن السلب والسرقة حين تقول لهم جميعاً توقفوا عن ذلك, بل الواجب أن تمارس الحكومة سياسات قادرة على إيقاف واعتقال ومحاسبة هؤلاء المجرمين ومن يقف خلفهم في الداخل والخارج.

علينا أخيراً أن نقول بأن الإرهاب والفساد وجهان لعملة واحدة, وهما نتاج الحكم غير العادل وغير المستقر والقمعي, كما إنه نتاج الصراعات الطائفية السياسية التي تفتت وحدة الشعب العراقي الضرورية للانتصار على الإرهاب والفساد.

 

9/8/2011
 

 

free web counter