| الناس | الثقافية |  وثائق |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

 

د. كاظم حبيب

khabib@t-online.de

 

 

 

 

الأربعاء 8 /11/ 2006

 

 

هل بعض حكامنا في العراق هم من القتلة؟

 

كاظم حبيب

فكرت بهذا السؤال عشرات المرات قبل أن أقدم على وضعه عنوان لهذا المقال الذي يبدو وكأنه يسعى إلى الاستفزاز والتحدي, في حين أن عمري وتجاربي السياسية تمنعني من الاستفزاز والتحدي, بل علمتني أخيراً ضرورة السير صوب الحوار والمصارحة والقبول بالرأي الآخر بعد مرارات كبيرة وكثيرة مررت بها ومر بها الكثيرون في عراقنا المستباح يومياً من القتلة والمخربين. فَلِمَ هذا العنوان إذاً إن كنت غير راغب في استفزاز أحد أو تحدي البعض الآخر من الناس؟ لأن هذا العنوان لا يقارب الحقيقة فحسب, بل هو الحقيقة بعينها! فالناس في العراق يعيشون اليوم أمام عدد من الحقائق التي لا مفر من الاعتراف بها, ومنها:
1. هناك ردة دينية رجعية متخلفة ومخيفة, وهي حركة اشد قهراً وبؤساً وسوءاً من حركة ودولة جماعة طالبان وبن لادن في أفغانستان, تقودها جماعات تعمل في الأحزاب الإسلامية السياسية الشيعية في المدن المقدسة الكوفة والنجف وكربلاء والبصرة وفي كركوك, في حين تعمل قوى إسلامية سياسية لا تقل عن تلك بؤساً وتخلفاً في مدن أخرى مثل الرمادي وتكريت وبعقوبة ..الخ. وتشير المعلومات المتوفرة إلى أن جماعة مقتدى الصدر وجماعة من المجلس الأعلى للثورة الإسلامية تمارس أشد أنواع الإرهاب في المدن العربية وفي الجامعات والكليات, وتفرض على الطالبات الحجاب بالقوة وإلا فالموت نصيبهن, كما ألغت درس التشريح من دروس الكلية الطبية, فما بقى إذن من الطب؟ ...الخ. إنها ردة ظالمة وقاهرة ولكنها سوف لن تستمر طويلاً فعمر هذه الزمر التي يقودها حازم الدراجي ومن لف لفه لن تقهر كل البشر وسيرتفع التحدي تدريجاً وستعود الحملة إلى نحور أصحابها تماماً كما عادت على طغمة صدام حسين.
2. كل المعلومات المتوفرة تشير إلى أن هناك فرقاً خاصة تسمى بـ "فرق الموت" وهي شبيهة بفرق العقارب لصدام حسين, التي تقتل البشر يومياً تقاد من مليشيات جيش المهدي وبعض جماعات المجلس الأعلى للثورة الإسلامية التي أدخلها بيان جبر إلى وزارة الداخلية وأكمل تدريبها وبثها في شوارع العاصمة بغداد. إنها تقوم بالقتل والتدمير وتعود إلى أكارها محمية بجماعات من العاملين في أجهزة الدولة المختلفة. وفي مقابل هذا توجد فرق للموت أيضاً لدى هيئة علماء المسلمين وغيرها من التنظيمات الإسلامية السياسية التي تساهم في ذبح الضحايا ليلاً ونهاراً.
3. وكل المعلومات تؤكد بأن وراء جملة من عمليات القتل والذبح والتخريب تقف التنظيمات الإسلامية السياسية الإرهابية التابعة لعصابات القاعدة الإجرامية وقوى البعث الصدامية تقف ورائها, وليس كل البعثيين طبعاً.
4. وإذا كانت العمليات التي تقوم بها الأطراف الشيعية المتطرفة تحصل على الدعم والتأييد والتشجيع من جانب قوى الإسلام السياسي في إيران ومن الحكومة الإيرانية مباشرة, فأن قوى الأطراف السنية المتطرفة تحصل على الدعم من قوى قومية وإسلامية سياسية عربية في الدول العربية ابتداءً من الخليج ومروراً بسوريا ولبنان ومصر والأردن وغيرها... وهي إشكالية سيبقى العراق يعاني منها.
5. ولكن الأخطر من كل ذلك يبرز في وجود ممثلين لتلك القوى الإسلامية السياسية الشيعية منها والسنية في الحكومة الراهنة وفي مجلس النواب, وهي التي تقوم بالتغطية على نشاطات تلك القوى الإجرامية المتفاقمة والمهدد للمجتمع وحياة الناس. إن على الحكومة أن تتحرى عن القتلة في صفوف بعض القوى المتحالفة معها التي لا تكف عن السعي لإقامة دولة دينية مماثلة لأفغانستان أو إيران, والتي تسعى إلى بث الرعب في نفوس الناس في كل مكان.
إن ما أتحدث عنه ليس سراً, بل هو السر المعلن الذي يعرفه كل إنسان في العراق, سواء أكان امرأة أم رجلاً تقريباً وتعرف كل القوى السياسية العراقية, وتعرفه أنت أيها السيد رئيس الوزراء أيضاً.
لا يكفي يا دول رئيس الوزراء أن تهدد الإعلاميين وغيرهم بتقديم من يشكك منهم بأمانة القوات المسلحة إلى القضاء العراقي, كما لا ينفع مثل هذا التهديد, إذ أن الحقائق صخور صلدة وأكثر وضوحاً من أن يغطيها غربال, بل أن ما ينفع العراقيات والعراقيين هو الكشف الجرئ والمسؤول عن القتلة أياً كان الحزب أو النهج الذي يرتبطون به ويتبعونه, حتى لو كان البعض من أعضاء حزبك أو من تأتلف معهم. وهكذا أيضاً يفترض التعامل مع الفاسدين الذين تعج البلاد بهم حتى احتل العراق المرتبة الثانية في العالم بعد غانا وقبل هاييتي في الفساد المالي والإداري وفي الإساءة للمواطن وثروة البلاد. هل سمعت يا دولة الوزير الأول ما قاله السيد رئيس لجنة النزاهة بأن الوزراء وأعضاء في مجلس النواب هم الذي يعرقلون اعتقال ومحاسبة الفاسدين والمفسدين في البلاد, وهم في الغالب من كبار المسؤولين؟ أما أنا فقد سمعته بأذني وشاهدته بعيني وتبعته بعقلي وعاطفتي.
إن بعض القتلة يا سيد الوزير الأول يفترض أن نفتش عنهم في صفوف القوى المتحالفة في الحكومة ولن ينفع الهروب من هذه الحقيقة, ولا ينفع أن تبقى تتحدث بمنطق سليم عن تصفية الإرهاب, في حين لا تتخذ الإجراءات العملية والضرورية لحل المليشيات المسلحة وسحب أسلحتها, وهي التي تمارس الإرهاب يومياً ضد أبناء وبنات الشعب.