| الناس | الثقافية |  وثائق |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

 

د. كاظم حبيب

 

 

 

                                                                                  الأحد 8/1/ 2012


 

كارثة تلو أخرى... فإلى متى يا حكام العراق ؟

كاظم حبيب

ليس هناك من يعتقد بأن قوى الإرهاب الإسلامي السياسي المتطرفة, القوى الفاشية في الإسلام السياسي, ستتوقف عن القتل الجماعي في العراق ما دامت لم تحقق الأهداف التي تسعى إليها, وليس هناك من هو من البلادة بحيث يعتقد بأن هناك طرفاً واحداً ينفذ هذه العمليات, كما ليس هناك من يعتقد بأن هؤلاء القتلة الذين ينفذون أوامر صادرة لهم من أئمتهم وأسيادهم وأولياء نعمة عائلاتهم لا يمتلكون من يزودهم بالمعلومات من داخل أجهزة الحكم التنفيذية, وخاصة أجهزة الأمن والشرطة والجيش, أو ليس هناك من يحميهم ويتستر على أفعالهم الإجرامية الدنيئة ومجازرهم الجماعية البشعة.

ولكن الكثير والكثير منا يعتقد بأن هؤلاء يؤدون أفعالهم القذرة بمهنية عالية, في حين ازداد عدد الذين يعتقدون بأن الحكومة هي العاجزة عن التصدي لهؤلاء المجرمين القتلة ومن يقف خلفهم ويدعم قتلهم الجماعي في الداخل أو في دول الجوار.

والسؤال المشروع هو: من له مصلحة في قتل العراقيات والعراقيين في هذه المرحلة العصيبة من تايخ العراق حيث يعيش الحكم والمجتمع والقوى السياسية في أزمة سياسية واقتصادية واجتماعية وثقافية وبيئية عميقة وطاحنة, حيث يعيش العراق صراعاً همجياً على السلطة السياسية وعلى أموال الشعب وعلى النفوذ السياسي الشمولي على الشعب الجريح والمستباح, وحيث تستفيد قوى الإرهاب لإنزال المزيد من الضربات بالشعب ومصالحه؟

من متابعة الأحداث الجارية في العراق يستطيع الإنسان أن يشخص مجموعة من القوى التي كان ولا يزال من مصلحتها تشديد الصراع بين القوى السياسية العراقية من جهة, وزيادة القتل الجماعي والتدمير الواسع وإشاعة القلق بين السكان من جهة أخرى, بأمل تعميق الشعور بسيادة الطائفية السياسية وتشديد الكراهية بين الطوائف الدينية للوصول إلى الأهداف القذرة التي يسعى إليها أصحاب المصلحة بهذا الوضع المتأزم.

لا شك في أن قوى القاعدة هي المتهمة وذات المصلحة الأولى في هذا الصدد, مع العلم بأنها عاجزة عن الوصول للحكم بأي حال, ولكنها ليست الوحيدة بل لها شركاء يمارسون وبالتحالف معها القتل الفردي والجماعي من أجل استعادة السلطة السياسية, إنه البعث الفاشي الذي ما يزال يحمل السلاح ويتحالف مع هيئة علماء المسلمين وبعض القوى القومية اليمينية الأكثر تطرفاً على الصعيدين العراقي والعربي.

كما إن المملكة السعودية وبعض دول الخليج وقوى سياسية ودينية في هذه الدول, وبالتعاون مع قوى  محلية, وليست تركيا بعيدة عنهم, لها مصلحة حقيقية في جعل العراق بلداً غير مستقر وغير آمن بأمل تغيير الواقع الراهن لمصلحتها, فهي ترى إن لإيران نفوذاً كبيراً في العراق ومؤثراً على السياسة العراقية والحياة الاجتماعية والدينية, وتريد تغيير هذا الواقع الفعلي.

كما إن لإيران مصلحة في كل ذلك, فهي بمثل هذه الأعمال تصعد الكراهية ضد السنة وتؤجج المشاعر وتعمق من واقع الاصطفاف الطائفي الجاري وتزيده استقطابا لمصلحة من تؤيده من القوى والأحزاب السياسية الإسلامية الشيعية في العراق, وهي التي لها نفوذ كبير في الأجهزة الأمنية والسياسية العراقية.

ويشعر الإنسان بأن الصراع بين القوى والأحزاب السياسية ذات الوجهة الدينية الطائفية والقومية تجد في كل ذلك تشديداً للصراع المذهبي الذي تستعين به في تعبئة الناس من أتباع المذهبين إلى جانب كل منها لتواصل وجودها في العملية السياسية ولكن على الصيغة الخطرة والعرجاء الراهنة التي من عواقبها هذا الموت اليومي الواسع للناس في البلاد, وهذا التخلف في البناء والتنمية الاقتصادية ومعالجة المشكلات الاجتماعية والتعليمية والثقافية والبيئية, وكذلك تلك الأموال التي تنفق على أجهزة الأمن والشرطة لحماية الزوار من ضربات الإرهابيين دون طائل, إذ إن الإرهابيين يكونوا قد خططوا لضرباتهم ونفذوها أو سينفذونها واستعانوا بما وصلتهم أو تصلهم من معلومات عن مواقع الضعف في أجهزة الأمن العراقية التي يمكن الاستفادة منها لتحقيق أهدافهم العدوانية ضد الشعب.

لا يكفي أن تقول للمجرم "لا تقتل", بل يفترض أن تمارس كل الأساليب والأدوات المتوفرة لمنع المجرم من القتل الفردي أو الجماعي. لا يكفي أن تدعي بأن أجهزة الأمن قادرة على حماية المواطن, في وقت يرى المواطنون كيف يمارس القتلة مهمتهم في القتل بتفجيرات يومية ولا يدري متى يأتي دوره!

حين يوافق رئيس الوزراء على إعفاء إرهابيي الأمس وقتلة الشعب ويبدي استعداده للتحالف معهم, وحين يمتلك ملفات لا يحولها إلى القضاء بل يحتفظ بها في أدراجه لكي يستفيد منها متى يشاء, فأن قتلة الأمس وقبل الأمس يعتقدون بأنهم ربما سيحظون بالعفو أيضاً بعد فترة وجيزة رغم قتلهم لـ 75 شخصاً من أبناء وبنات هذا الشعب ومن كادحيه في يوم واحد هو الخامس من كانون الثاني/يناير 2012 في الناصرية والكاظمية وبغداد.

من حقي أن أتساءل: هل يمكن أن يكون أغلب المشاركين في تشكيل الحكومة الحالية من المستفيدين من هذه الأوضاع المتردية في العراق؟ السؤال عادل ومنطقي بالنظر لما يحدث حالياً في العراق. أما الخاسر الوحيد في خضم الأحداث المأساوية الجارية, في معمعان الكوارث المتتالية لتمعن في اغتصاب حرية حركة هذا الإنسان وتشيع الخوف والقلق في نفوس الجميع.

إنها المحنة الحقيقية التي يعيش تحت وطأتها هذا الشعب المستباح والجريح, إنها الطامة الكبرى حين لا ينقطع نزيف الدم في البلاد ومعه لا تتوقف دموع الثكالى واليتامى وآلام الجرحى والمعوقين .

إلى متى نبقى نطلب الذكر الطيب للشهداء الأبرار والصبر والسلوان لذوي الشهداء, إلى متى نرى أصحاب الدم البارد من السياسيين وهم يرون كيف يتساقط الناس أمواتاً وجرحى تحت تفجيرات قوى الإرهاب الفاشية, إسلامية كانت أم قومية بعثية أم غيرها, ولا يعملون شيئاً ضدها ولا يقدمون استقالتهم من الحقائب الوزارية التي عجزوا عن الإيفاء بالمهمات الملقاة علا عاتقهم, إلى متى يبقى الشعب ساكتاً عن هذه الجرائم البشعة وعن منفذيها والموجهين لهم, ويسكت في الوقت نفسه عن العاجزين عن حماية الشعب من القتلة المجرمين؟

سؤال أطرحه على كل إنسان عاقل في العراق وأتمنى الإجابة عنه بكل صدق وصراحة وشفافية عالية, وأن يرفع كل إنسان عاقل ومحب لوطنه وشعبه صوته عالياً ليسمعه كل مسؤول في البلاد. الموت الذي لم يصل لي ولك هذا اليوم يمكن أن يصل يوم غد, والجماعة الوحيدة الناجية من القتل اليومي هي التي تسكن في المنطقة الخضراء دون أدنى ريب,  وبعدها فليكن الطوفان !!      

 

7/1/2012
 

 

 

 

free web counter