| الناس | الثقافية |  وثائق |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

 

د. كاظم حبيب

khabib@t-online.de

 

 

 

 

الأربعاء 8 /11/ 2006

 

 

رؤية حوارية

لجنة دعم الديمقراطية في العراق والمهمات الجديدة

 

كاظم حبيب

في الفترة الواقعة بين 27-28/10/2006 عقد في لندن مؤتمر دعم الديمقراطية في العراق لمناقشة مجموعة من المشكلات التي تواجه المجتمع العراقي في المرحلة الراهنة وتحت عنوان "المجتمع المدني والسلم الأهلي في العراق" بهدف المساهمة وبقليل بقسط ضئيل في تعزيز مواقع الفكر الديمقراطي في العملية السياسية الجارية في العراق. قُدمت إلى هذه الندوة مجموعة من أوراق العمل المهمة التي أنجزتها وشاركت في مناقشتها مجموعة من الباحثين الأكاديميين والإعلاميين والمهتمين بشؤون الوطن وتطوره الراهن من القاطنين في عدد من الدول الأوروبية, إضافة إلى مساهمة جمهرة كبيرة من العراقيات والعراقيين المقيمين في بريطانيا في النقاش الديمقراطي المفتوح.
أين تكمن أهمية هذا المؤتمر؟ يبدو لي أن المؤتمر عقد في فترة حرجة جداً في تاريخ العراق حيث تشتد مخاطر تطور الصراعات والنزاعات الجارية على حرب أهلية تحرق الأخضر واليابس تسعى إلى إثارتها كل القوى المعادية للشعب العراقي وتطوره الحر الديمقراطي وبناء مستقبله الجديد ودولته الاتحادية. ونشير في أدناه إلى بعض الوقائع الجارية التي تؤكد ما ذهب إليه المؤتمرون من أهمية عقد هذه الندوة وما يماثلها في المرحلة الراهنة في العراق وفي الخارج:
1. تفاقم حالة الفوضى والإرهاب الدموي الذي تمارسه عصابات التكفيريين من مختلف الاتجاهات والبعث الصدامي وعصابات الجريمة المنظمة, إضافة إلى فرق الموت التابعة لمختلف المليشيات المسلحة المتصارعة طائفياً والتي يذهب ضحيتها يومياً المزيد من الناس الأبرياء.
2. الخشية من انتقال الصراع بين الأحزاب الإسلامية السياسية ذات الهوية الطائفية ومليشياتها المسلحة إلى بقية سكان العراق من أتباع المذاهب الإسلامية المتعددة, إضافة للأفعال الإجرامية التي ترتكب ضد أتباع الأديان الأخرى كالصابئة المندائيين والمسيحيين.
3. ضعف القوى الديمقراطية العراقية وعجزها حتى الآن عن تشكيل جبهة موحدة لمواجهة تردي الأوضاع ودفع العراق باتجاه حماية الأمن والاستقرار والتصدي للإرهاب الدموي وكسر شوكته.
4. ضعف التعاون والتنسيق في ما بين القوى الديمقراطية العربية والقوى الديمقراطية الكردية المتمثلة في قائمة التحالف الكردستاني والقوى الديمقراطية التركمانية والكلد آشورية لمواجهة التردي المتفاقم في الأوضاع الأمنية والسياسية.
5. الخسارة المتفاقمة للشعب العراقي بسبب قتل الكثير من كفاءاته العلمية والثقافية والفنية من مختلف الاختصاصات, إضافة إلى الهجرة المتواصلة لهذه الكفاءات والتي قدر عدد الأطباء المهاجرين بسبب الأوضاع المتردية إلى 18 ألف طبيب وما يقرب من مليون ونصف مليون مهاجر جديد.
6. عجز الحكومة أو ترددها في تنفيذ ما اتفقت عليه في بيانها الختامي في مجال الحوار والمصالحة الوطنية وتحقيق السلم الأهلي وحل المليشيات المسلحة وسحب أسلحتها وتوفير العمل للعاطلين الذين تبلغ نسبتهم اليوم أكثر من 60 % من القوى القادرة على العمل, وتوفير الخدمات الضرورية للسكان ومحاربة الفساد المتفشي في جسم الدولة والمجتمع.
7. الأخطاء الفادحة التي ترتكبها القوات الأمريكية وبقية القوات الأجنبية في العراق والتي تساهم في توتير الأجواء وفي رفع مستوى الكراهية لها وتعبئة الناس ضدها, وما ينشأ من تناقض بينها وبين الحكومة الذي لا تستفيد منه حالياً سوى قوى الإرهاب الدموي بمختلف فصائلها واتجاهاتها.
8. التدخل الفظ من جانب بعض دول جوار والكثير من المنظمات والقوى السياسية الفاعلة فيها في شؤون العراق الداخلية وفي تنشيط العمليات الإرهابية ومدها بالإرهابيين والسلاح والأموال والخبراء, والذي يعقد باستمرار إمكانية القضاء على الإرهاب الذي يلتهم يومياً عشرات الناس بين قتيل وجريح ومعوق.
إن أهمية المؤتمر تبرز أيضاً في ما تضمنته أوراق العمل التي نوقشت والتي احتوى أغلبها على أفكارٍ مهمة تنفع القوى الفاعلة في العراق لمعالجة العديد من الإشكاليات الراهنة في الوضع القائم.
ولكن المسألة الأكثر أهمية في مجرى نقاشات المؤتمر برزت في دعوة المؤتمرين إلى عقد مؤتمر واسع لكل القوى الديمقراطية واللبرالية العراقية في الوطن لمناقشة الوضع القائم هناك والحوار حول أهمية قيام تحالف وطني ديمقراطي عراقي واسع النطاق يضم جميع القوى الديمقراطية واللبرالية العربية والكردية والتركمانية والكلد آشورية التي يهمها أخراج العراق من أزمته المستفحلة حالياً وتأمين الأمن والاستقرار والسلام في العراق والقيام بعقد لقاءات مع الجميع لتحقيق هذا الهدف.
إن العراق بحاجة ماسة إلى عقد مثل هذا المؤتمر, إذ من خلاله يمكن, كما أرى, تأمين ما يلي:
• البدء بإجراء حوار جدي بين جميع فصائل الحركة الديمقراطية واللبرالية العراقية من مختلف القوميات حول الوضع الراهن أولاً, وأحوال أوضاعها ثانياً, وسبل الخروج من الأزمة الطاحنة الراهنة ثالثاً.
• التحري عن سبل وضرورات وإمكانيات التعاون والتنسيق في ما بين القوى الديمقراطية واللبرالية ومدى إمكانية تشكيل تحالف ديمقراطي جديد يساهم في دفع مسيرة السلام والديمقراطية في العراق ويعزز قدرة قوى الشعب بكل مكوناته القومية والدينية المذهبية والفكرية والسياسية على مواجهة الإرهاب وكسر شوكته ووضع حد نهائي له.
• سبل مواجهة المد الطائفي السياسي والتمييز الديني والمذهبي في العراق وعواقب هذا المد السلبي الجارف على حياة ومستقبل البلاد وضرورات الدعوة لروح المواطنة لمتساوية والمتكافئة.
• البحث في دور قوى الحركة الديمقراطية الكردستانية وعن مدى قدرتها على تجميع القوى الديمقراطية واللبرالية والتأثير الإيجابي على مجمل الوضع في البلاد, إذ أن هذا الدور ما يزال بعيداً عما يمكن أن يؤديه فعلاً في عملية السلام والديمقراطية المطلوبة في البلاد.
إن مؤتمراً من هذا النوع تساهم فيه القوى الديمقراطية واللبرالية العراقية في الداخل وجمهرة من الديمقراطيين واللبراليين العراقيين في الخارج سيكون له دوره الإيجابي والفعال على لملمة القوى الديمقراطية وتحركها بالاتجاه السليم لمواجهة تداعيات المرحلة الراهنة ومخاطرها الجدية على المجتمع المدني المنشود والسلم الأهلي في العراق.

أوائل تشرين الثاني 2006
نشرت في جريدة الاتحاد البغدادية